بعد عام من الحملة التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة ما زالت حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم القطاع على تحديها وتتمتع بسيطرة كاملة حيث تعيد بناء قوتها وتتجاهل الانتقادات من معارضيهاالفلسطينيين.

غزة: حل وزير جديد للداخلية محل الرجل الذي اغتالته اسرائيل خلال حملتها التي استمرت ثلاثة أسابيع وجندت وحدات جديدة بالشرطة بعد مقتل العديد من أفراد الشرطة خلال القصف الاسرائيلي في الغارات الجوية الاولى بالحرب. وقال وزير الداخلية فتحي حماد quot;منذ أن تسلمت هذا المنصب عرفت أن فرص الاغتيال قد زادت ولكننا ما سلكنا هذا الطريق الا من أجل الشهادة.quot; وأضاف أن أولويته هي حفظ النظام الداخلي ومكافحة الجريمة واعادة بناء المؤسسات الامنية التي دمرت في التفجيرات الاسرائيلية التي أسفرت عن مقتل 350 شرطيا وسوت 60 مبنى بالارض.

وقال حماد ان 350 مجندا جديدا انضموا الى قوة الشرطة وانه جرى اصلاح مبنى لحقت به أضرار من أجلهم. وأضاف quot;نحن للان لم نتعاف من مشكلة نقص الاجهزة والاسلحة والسيارات.quot; وبعد مرور عام يقع تبادل لاطلاق النيران على الحدود من وقت لآخر. ويعتقد بعض الاسرائيليين أن رئيس وزرائهم السابق ايهود أولمرت الذي شن الحملة في 27 ديسمبر كانون الاول 2008 أوقفها قبل الاوان تاركا نتيجة غير حاسمة أعلنت حماس بعدها النصر. وخسر الوسطيون بزعامة أولمرت انتخابات بفارق طفيف لصالح بنيامين نتنياهو اليميني الذي سيتخذ موقفا متشددا اذا استأنفت حماس اطلاق الصواريخ. ورغم أن هذه الصواريخ غير دقيقة ونادرا ما تسقط قتلى فانها تثير الخوف في بلدات ومدن جنوب اسرائيل.

وتدعم ايران حركة حماس وقال حماد انها لا تحصل على أي مساعدة من الحكومات العربية التي quot;تسير في المسار العالمي وهو محاصرة ومقاطعة قطاع غزة.quot; ويقول منتقدو حماس ان الجماعة تنتهك الحقوق المدنية وتقمع الحرية السياسية. ويقول نشطاء في مجال حقوق الانسان انها تحاول تطبيق الشريعة الاسلامية. وتقول زينب الغنيمي المحامية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة quot;هناك حركة اسلامية في الحكم وبالتالي فهي تريد أن ينعكس ذلك على كل السياسات والقوانين.quot; ولم تعترف حماس بأن جميع سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة لحق بهم أذى جراء حملة العام الماضي وبأنهم يحتاجون الى الحرية.

وقالت زينب الغنيمي quot;للاسف ما زال هناك استمرار للنظرة أحادية الجانب. ودائما حيث لا يكون هناك تعدد لا يكون هناك ديمقراطية.quot; ونجحت شكاوى جماعات الدفاع عن حقوق الانسان في التغلب على محاولات بعض مسؤولي حماس لفرض ارتداء الحجاب على المحاميات والتلميذات بالمدارس. لكن زينب الغنيمي أشارت الى أن الموظفات الحكوميات الان يجبرن على ارتدائه. يقول رباح مهنا القيادي البارز بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ان سمعة حماس تضررت.

وقال مهنا الذي اتهم قوات الامن التابعة لحركة حماس مؤخرا بمنع مسلحي الجبهة الشعبية من اطلاق الصواريخ على اسرائيل quot;حماس أخطأت أخطاء كبيرة سواء في الحكم أو في ادارة الملف السياسي ولابد أن يكون لهذا الخطأ تأثير.quot; وكان استمرار الجماعات المسلحة في غزة في اطلاق الصواريخ تحت رعاية حماس سبب اسرائيل المعلن في الحملة التي شنتها واستمرت من 27 ديسمبر كانون الاول الى 18 يناير كانون الثاني.

وترفض حماس الاعتراف باسرائيل أو التخلي عن المقاومة المسلحة لكنها تقول انها ستتوصل الى هدنة معها. وتنفي محاولتها منع الجماعات الاخرى من قتال القوات الاسرائيلية الموجودة حول غزة الخاضعة لحصار مشدد لكن يبدو أنها حصلت على اتفاق للحد من اطلاق الصواريخ.

ونفى حماد تعرض المعارضين السياسيين لاي اعتداء ودعا ممثلين لجماعات حقوق الانسان لزيارة السجون لاثبات أنه quot;ليس لدينا معتقلون سياسيون على الاطلاق.quot; وتقول حركة فتح المهيمنة على الضفة الغربية وخصم حماس اللدود ان أعضاءها بغزة يعانون القمع والسجن. وتوجه حماس اتهامات مماثلة لفتح في الضفة الغربية.

وقتل نحو 1400 فلسطيني و13 اسرائيليا في الحرب العام الماضي. ودمرت الالاف من المنازل والمصانع والمؤسسات التجارية في التفجيرات والقصف بقطاع غزة. ولا تزال التعهدات الدولية بتقديم مساعدات قيمتها خمسة مليارات دولار لاعادة اعمار غزة قبل عشرة أشهر حبرا على ورق. وفي حين ما زالت حماس وفتح على خلاف فان الدول المانحة لا تدري كيف تحول الاموال لغزة كما أن الحصار الاسرائيلي يفرض قيودا صارمة على مواد البناء التي قد تستخدم لاغراض عسكرية.

يقول عيسى حمودة الذي هدم منزله في الهجوم البري quot;أنا أعيد زراعة أرضي التي دمرت خلال العدوان. زرعت أشجار نخيل وليمون وبرتقال. نحن مغروسون في أرضنا كالاشجار ولن نتركها أبدا.quot; وأضاف quot;شعبية حماس تزيد كل يوم وسواء كان هناك اعادة بناء أم لا فلسوف نعيد بناء البيوت طوبة طوبة.quot;

لكن غالية السموني التي فقدت 29 من أفراد عائلتها في الحملة الاسرائيلية قالت ان الوضع قاتم وان الناجين لم يتلقوا اي مساعدة. وأضافت quot;نحن لا شايفين لا فتح ولا حماس. كلهم أوهام. ما في حدا واقف مع هذا الشعب.quot; ويتشبث سكان غزة ببارقة أمل في أن تنهي حماس وفتح العداء بينهما حتى يتسنى بدء اعادة الاعمار.

وقال محمد دردونة (25 عاما) الذي فقد منزله في يناير quot;أنا لم أر أي انجاز ولا أي تقدم. أنا أتمنى أن تتحقق الوحدة الوطنية واعادة بناء المنازل.quot; وقالت دلال ابو عيشة (15 عاما) التي سلبتها الحرب والديها وأشقاءها الثلاثة حين سقط صاروخ اسرائيلي على منزلهم quot;لا يوجد أحد أدرس معه ولا يوجد أحد ألعب معه.quot; وتعيش دلال الان مع جدها