بعد 48 ساعة على التفجيرات التي شهدتها مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار العراقية الغربية فقد تم الاعلان اليوم عن تنفيذ خطط امنية جديدة وتعيين محافظ وقائد شرطة جديدين وتشكيل لجان لتطهير الاجهزة الامنية من العناصر الارهابية التي اخترقتها والتحقيق في ملابسات التفجيرات التي اكد نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي تحديد هويات منفذيها وقرب اعتقالهم وتقديمهم للقضاء .. في وقت سلمت القوات المتعددة الجنسيات في العراق اليوم المهام الامنية الى القوات الاميركية التي شارك قادتها في حفل التسليم .

اعلنت السلطات العراقية رفعا لحظر التجوال الذي فرض على مدينة الرمادي وضواحيها (110 كم غرب بغداد) اثر التفجيرات التي شهدتها الاربعاء الماضي وادت الى مقتل 27 شخصا بينهم عضو مجلس المحافظة سعدون الخربيط واصابة 60 اخرين بينهم المحافظ قاسم محمد الفهداوي الذي نقل على عجل الى بغداد لاجراء عملية جراحية عاجلة اسفرت عن قطع ذراعه اليسرى .

وقررت وزارة الداخلية العراقية بالتعاون مع الاجهزة الامنية والادارية في المحافظة التي اعلنت فيها حال الطوارئ تشكيل لجان للتحقيق في ملابسات الاعتداءات الناتجة من تفجير انتحاري لنفسه بحزام ناسف وتفجير اخر بسيارة مفخخة .. اضافة الى العمل على تطهير الاجهزة الامنية من العناصر التي اخترقتها ولها علاقة مع المسلحين . كما قررت نقل قائد شرطة المحافظة اللواء طارق العسل الذي عرض استقالته من منصبه اثر التفجيرات الى ديوان الوزارة في بغداد وتعيين العميد الركن محمد رشيد خلفا له لحين صدور قرار بتثبيته بمنصبه او تعيين قائد اخر . وتم ايضا تعيين معاون المحافظ للشؤون الهندسية المهندس فؤاد شنتاف محافظا للانبار وكالة فيما امر رئيس الوزراء نوري المالكي بتقديم تعويضات عاجلة لضحايا التفجيرات واصحاب الاملاك التي دمرت .

واليوم وفي مدينة الرمادي نفسها عقد نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي سلسلة اجتماعات مع رئيس مجلس المحافظة جاسم محمد الحلبوسي وعدد من القادة الامنيين الجدد وقال في كلمة له quot;ان الانبار قد صمدت بوجه الارهاب وبذلت الغالي والنفيس من اجل استتباب الامن في مدنها ما انعكس ايجابا على المستوى الامني في جميع ارجاء العراقquot; . ثم تجول في عدد من احياء المحافظة واكد جدية الحكومة في دفع التعويضات للشهداء والجرحى والمتضررين من التفحيرات الارهابية. واعلن العيساوي تطبيق خطة امنية جديدة في الانبار ورفع حظر التجوال ابتداء من اليوم مشيرا الى ان القوات الامنية في المحافظة قد تمكنت من تحديد هويات الجناة وهي بصدد إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل . ودعا اهالي الانبار quot;الى التعاون مع الاجهزة الامنية وتفويت الفرصة على اعداء العراقquot; .

وكان مجلس محافظة الانبار اعلن امس حال الطوارئ القصوى في انحاء المحافظة وتعطيل الدوام الرسمي في الكليات والمدارس والدوائر الرسمية في مدينة الرمادي وتشكيل غرفة عمليات مشتركة من الجيش والشرطة ولجنة الأمن والدفاع في الأنبار لإدارة الملف الأمني في المحافظة اضافة الى استدعاء عدد من كبار الضباط الأمنيين في المحافظة لاستجوابهم بشأن التفجيرات التي استهدفت مجمع الانبار الحكومي حيث وقع الانفجار الاول بواسطة صهريج مفخخ يقوده انتحاري وبعده بدقائق دخل انتحاري اخر متنكرا بزي رجل شرطة الى المجمع المحصن وفجر نفسه ما أدى الى تدمير اجزاء من المبنى الذي يضم ادارة المحافظة ومجلسها وقيادة الشرطة وقيادة العمليات والمحكمة الجنائية .

ودعا قادة عراقيون امس الى اقصى درجات الحذر والحيطة والتأهب بين صفوف القوات المسلحة والاجهزة الامنية والاستخباراتية وطالبوا بخطط عسكرية وامنية منسقة ومتكاملة لضمان اجراء الانتخابات المقبلة في اذار المقبل في اجواء من الامن والاستقرار وذلك على ضوء الانهيارات الامنية التي تشهدها مناطق من البلاد حيث توقع كبار المسؤولين العراقيين استمرار أعمال العنف مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من آذار (مارس) المقبل. يذكر أن هجمات عدة استهدفت الأجهزة الإدارية والأمنية في الرمادي ومحيطها منذ الصيف الماضي كان آخرها في الحادي عشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عندما انفجرت سيارتان مفخختان وفجر انتحاري نفسه أمام المستشفى وقضى في هذه التفجيرات 19 شخصاً وأصيب حوالى 80 بجروح.

وبدأت موجة العنف بالانحسار في الرمادي عاصمة الأنبار منذ منتصف أيلول (سبتمبر) عام 2006عندما نجح تحالف ضم عشائر السنة في طرد عناصر تنظيم القاعدة والمجموعات المسلحة التي تتعاون معه . واستطاع هذا التحالف فرض الأمن والاستقرار بشكل شبه كلي بدءاً من منتصف عام 2007 في جميع أرجاء المحافظة.

تسليم القوات متعددة الجنسيات في العراق مهام الامن للاميركية

وقد ترافقت هذه التطورات مع تسليم قيادة القوات متعددة الجنسيات في العراق المهام الأمنية في البلاد اليوم إلى الجيش الأميركي. وجرى احتفال كبير في قصر الفاو في بغداد بحضور قادة القوات يتقدمهم قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال رايموند اديرنو الذي ألقى كلمة اشار فيها الى ان هذا الانتقال سيكون سلسا ولن يؤثرفي الامن . واضاف اديرنو quot;ان لدينا الثقة في مفوضية الانتخابات وفي الاجراءات الامنية التي ستتخذ حيث ان حماية الانتخابات ستكون بمسؤولية وكيل وزارة الداخلية العراقية ايدن خالد الذي يرأس اللجنة الامنية العليا للانتخابات quot; موضحا ان ثمة quot;مراجعة للامن ستجري قبل 40 او 60 يوما من موعد اجراء الانتخاباتquot;. وعبر عن ثقته بخبرة العراقيين في انجاح الانتخابات المقبلة نتيجة الممارسات الانتخابية الماضية .

وعن التوغل الايراني في جنوب العراق فقد اشار اوديرنو الى ان مشكلة حقل الفكة قائمة منذ سبعينات القرن الماضي وهي تحتاج الى اتفاق الحكومتين العراقية والايرانية في ترسيم الحدود لكن باتريوس تحاشى الخوض في موقف بلاده حيال هذه الازمة بموجب الاتفاقية الامنية التي اكتفى بالقول ان بلاده ملتزمة بها من ناحية تدريب القوات العراقية وتسليم المهام. واشار الى ان ترسيم الحدود هو سبب مشكلة حقل الفكة القائمة منذ عام 1975 ونحن نرى اهمية ان تجتمع الحكومتان العراقية والايرانية لرسم الحدود من جديد وليتم حل المشكلة quot;. واضاف quot; بالمقابل فان القوات الامنية العراقية كانت حذرة وماهرة في التعامل مع هذا الموضوع quot;.

واوضح اوديرنو ان quot;القوات الاميركية تعمل على تقليل التمويل الذي تتلقاه الجماعات المسلحةquot;. ورفض التعليق على الانباء التي اشارت الى اطلاق سراح حراس شركة بلاك ووتر الذين قاموا بقتل مواطنين عراقيين بشكل متعمد في ساحة النسور. اما عن ملف التصنيع العسكري العراقي الذي حل بقرار من الحاكم المدني الاميركي السابق في العراق بول بريمر بعد حرب عام 2003 فقد رحب اوديرنو بعودة هذا القطاع ليساعد في تجهيز القوات الامنية العراقية على حد تعبيره مشيرا الى ان ذلك يتطلب بذل جهود كبيرة كون المصانع العسكرية دمرت تماما بعد دخول القوات الاميركية الى العراق .

من ناحيته عبر الجنرال ديفيد باتريوس قائد القوات الاميركية المشتركة عن تأييد بلاده لإجراء حوار بين كل من العراق وايران لمناقشة كل النقاط العالقة بين البلدين quot;وانا على ثقة بان الحلول ستأتي من خلال هذه النقاشاتquot;. وحول الرهينة البريطاني المختطف بيتر مور فان بترايوس لم يخل ساحة ايران من التورط باختطافه وقال quot; لدينا معلومات استخباراتية انه قضى بعض الوقت في ايران .. لكن من الصعب اتهام ايران بالموضوعquot;. ونفى الانباء التي اشارت الى نية الولايات المتحدة عقد مؤتمر للبعثيين في واشنطن برعاية اميركية. وقال في هذا السياق quot;نحن ندعم المصالحة الوطنية ولكننا لا نشارك بمصالحة مع اطراف عراقية .. واذا تم هذا التدخل فانه سيكون تحت غطاء الحكومة العراقية وفي حال طلبها ذلك منا quot;.

وعن الدور السوري في العراق اعرب عن الامل في quot;ان تمنع الحكومة السورية دخول السلاح والمقاتلين الى العراق quot;. وحث الجانبين العراقي والسوري على quot; اجراء حوارات وعقد اتفاقيات بهذا الخصوصquot;. وقال quot; ان البعثيين ليست لديهم القدرة على تنفيذ الهجمات الاخيرة بمفردهم ولكن يمكن ان يكونوا تعاملوا مع القاعدة جراء الضغط الذي تعرضوا لهquot;.

ومن جهته قال المستشار الإعلامي للقوات المتعددة نادر سليمان إن عملية إنتقال المسؤوليات الأمنية من قوات التحالف إلى القوات الأميركية تأتي نتيجة عمل متواصل ودؤوب استغرق وقتاً تخللته متابعة شاملة وميدانية للأوضاع الأمنية في عموم أرجاء البلاد. وأضاف ان إنتقال المسؤوليات يأتي أيضاً في أعقاب دمج جميع الوحدات العسكرية الأميركية العاملة في العراق مع بعضها البعض تحت قيادة واحدة في خطوة تتلاءم والتوقيت الوارد في خطة الإنسحاب العسكري الأميركي من العراق المنصوص عليها في الإتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن.

وكانت القوات الأميركية في العراق أعلنت منتصف الشهر الماضي عن بدء مرحلة جديدة في عملها تقضي بدمج خمس قيادات مختلفة لتصبح قيادة واحدة لتلك القوات في البلاد. واوضح مسؤولون أميركيون فإن القيادة الموحدة الجديدة للقوات الأميركية ستشرف على مجمل عمليات هذه القوات في مختلف أنحاء العراق لحين إنسحابها عام 2011 في ضوء الاتفاقية الامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي .