تعتبر مدينة البصرة التي يغلب على سكانها الشيعة مقياسا لاتجاهات الناخبين في العراق الذي يمثل الشيعة فيه أغلبية

البصرة: لم تبذل السلطات العراقية جهدا يذكر لتحسين مدينة البصرة الفقيرة لكن بالنسبة لاحد سكان العشوائيات فان عدم القاء المزيد من الجثث امام بابه يكفيه لكي يعطي رئيس الوزراء نوري المالكي صوته.
ومن المقرر اجراء الانتخابات البرلمانية في السابع من مارس اذار. وفيما تسن هذه الديمقراطية الشابة قوانين جديدة لتسوية النزاعات المحتدمة والمستمرة منذ فترة طويلة على الاراضي واحتياطيات النفط الهائلة بالعراق يتوقع محللون أن تكون المنافسة شرسة لشغل مقعد على الطاولة السياسية.

وتعتبر مدينة البصرة التي يغلب على سكانها الشيعة مقياسا لاتجاهات الناخبين في العراق الذي يمثل الشيعة فيه أغلبية. وأدت رسالة اقرار الامن مضافا اليها بعض الشعارات الوطنية الى فوز حلفاء المالكي في المدينة خلال الانتخابات المحلية التي جرت في يناير كانون الثاني الماضي.
ونظرا لان الوضع الامني مستقر في البصرة منذ ذلك الحين فان الرسالة نفسها قد تنجح مع المالكي مجددا في مارس لكن منافسيه قد يخطفون الاضواء منه بتقديم نفس وعود حملته مع ابراز قلة التقدم الذي تحقق في أي مجالات باستثناء تحقيق الامن والنظام.

ويرأس حزب المالكي وهو حزب الدعوة ائتلافا سيخوض مواجهة ضد التحالف الوطني العراقي وهو المنافس الرئيسي الاخر على أصوات العرب الشيعة على الرغم من احتواء الكتلتين على طوائف وأعراق أخرى لاكتساب جاذبية وطنية ذات قاعدة واسعة.
وأجريت أول انتخابات بالعراق لاختيار برلمان يعمل لدورة كاملة عام 2005 اي بعد عامين من اطاحة القوات الاميركية بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وتباهى ملايين العراقيين بأصابعهم الملطخة بالحبر لاثبات أنهم صوتوا في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد خلال عقود.

لكن الاعوام التي تلت هذا واتسمت بأعمال العنف الطائفي واراقة الدماء وانتشار الفساد على نطاق واسع فضلا عن احراز تقدم ضئيل في توفير الخدمات الاساسية أدت الى فتور حماس الناخبين وتضاؤل توقعاتهم.
وقال كاظم علي الذي يعيش في منزل صغير تصفر الرياح بين جنباته بحي عشوائي في البصرة quot;لم نر أي اختلاف... تحسنت الاوضاع الامنية فحسب. كانت الاعيرة النارية تطلق هنا طوال الوقت لكن القتل توقف. كانت الجثث تلقى هنا.quot;

وتوجد معظم احتياطيات النفط العراقي الهائلة في الجنوب قرب البصرة لكن المدينة لم تستفد استفادة تذكر. وعبر صبيان من فوق خط لانابيب النفط قرب المنطقة العشوائية وكانا يحملان حقائب بها علب مشروبات معدنية جمعاها لبيعها ليعاد تدويرها.
لكن سكان البصرة يقولون ان الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ. وحتى العام الماضي كانت عصابات وميليشيات هي التي تدير المدينة.

وفي واحدة من أجرأ الخطوات التي اتخذها خلال فترة قيادته للبلاد أمر المالكي بشن حملة عسكرية في مارس من العام الماضي مما أعاد شعورا بالنظام الى المدينة وادى الى انتزاع السيطرة عليها من قطاع الطرق.
وقال علاء الجليل وهو مدرس quot;الفائدة الملموسة الوحيدة هي الامن. هذا أهم شيء قبل الطعام والماء والبترول وبالتالي أعتقد أن الناس سيصوتون لصالح المالكي مجددا.quot;

وعلى الرغم من أن من السابق لاوانه ان يحدد المرشحون الخطوط العريضة لحملاتهم الدعائية لانتخابات السابع من مارس فان من الواضح أن رسالة القانون والنظام وتحسن الاوضاع الامنية ستحتل موقعا بارزا في حملة ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي.
وهزت تفجيرات ضخمة بغداد في الاشهر الاخيرة وقوضت مزاعم المالكي بتحسن الاوضاع الامنية لكن التفجيرات كان لها أثر ضئيل فيما يبدو على الناخبين في البصرة.

وتقول جنان عبد الجبار الابريسم عضو البرلمان والمرشحة عن ائتلاف دولة القانون في الانتخابات ان رسالة الائتلاف واضحة وهي أنه يريد دولة يحكمها القانون فالقانون فوق الجميع وتابعت أن هذه هي رسالته الاساسية وهي واضحة للشعب.
ويبدو أن التحالف الوطني العراقي الذي يقوده المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهو حزب شيعي قوي قد استقى دروسا من أدائه الهزيل مقارنة بأداء ائتلاف دولة القانون في الانتخابات المحلية التي جرت في يناير الماضي ويعتزم التحالف الوطني ابراز قضية الامن ايضا.

وقال علي الكنعان المتحدث باسم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في البصرة ان التحالف الوطني العراقي شريك أساسي في تحقيق الامن وأشار الى أن الامن سيكون شعارا مهما لحملة حزبه الانتخابية.
لكن التحالف الذي يرى أنه لم يحدث تقدم في مجالات أخرى يتعهد باجتثاث المسؤولين الفاسدين او الذين يفتقرون للكفاءة وينحي كثيرون باللائمة عليهم في نقص الخدمات الاساسية الذي هو مثار انتقاد رئيسي لحكومة المالكي والمسؤولين الحكوميين.

وقال الكنعان ان الامن ليس الورقة الرابحة في الوقت الحالي.
وباختيار اسم وطني يسعى التحالف الوطني العراقي الى محاكاة المالكي في الابتعاد فيما يبدو عن جذوره الشيعية الطائفية. وكانت حملات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي يقود التحالف الوطني فيما سبق ذات طابع ديني صريح.

ويقول الكثير من العراقيين انهم سئموا أعمال العنف الطائفي المستمرة منذ سنوات ويتهمون الساسة ذوي الجذور الدينية بسوء الاداء.
ولم يتضح بعد ما اذا كانت المزاعم الوطنية للتحالف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون ستقنع الناخبين لان الشيعة يسيطرون على الاثنين كما لا تحتوي الكتلتان الا على عدد ضئيل من العراقيين أصحاب الخلفيات الاخرى.