حمل التعديل الحكومي، الذي أعلن عنه أمس الاثنين، مفاجأة من العيار الثقيل لفقهاء السياسة في المغرب، ليس لكونه الثاني من نوعه في أقل من سنة، بل لنوعية الأسماء التي أعفيت من مهامها. واختلفت قراءات المحللين السياسيين حول هبوب رياح التغيير في أروقة وزارات، كانت إلى الأمس القريب مستبعدة نهائيا من اللائحة.

الدارالبيضاء: اعتبر محللونالتعديلات الوزارية في المغربمنطقية في ظل التحديات التي تنتظر المملكة في سنة 2010، يرى آخرون أن إعفاء أسماء يرجع بالأساس إلى سلوكهم، وشكل التعديل مفاجأة للبعض.

وقال محمد ضريف، الباحث وأستاذ العلوم السياسية في جامعة المحمدية، إن quot;التعديل جاء في سياق مواجهة استحقاقات تنتظر المغرب في السنة الجاريةquot;، مشيرا إلى أنه quot;بانتهاء سنة 2009، جرى تجاوز مجموعة من الاستحقاقات، وبدأ الاستعداد لأخرىquot;.

وأوضح محمد ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;وزارة الداخلية في عهد شكيب بنموسى أنهت مهمتها، بالإعداد لمناسبتين انتخابيتين مهمتين (الانتخابات البرلمانية والبلدية)، والمملكة حاليا مقبلة على تحديين أكثر أهمية، ألا وهما الانتخابات التشريعية، التي ينتظر إجراؤها سنة 2012، أما الاستحقاق الثاني فيتمثل في إرساء جهوية متقدمةquot;، التي عين العاهل المغربي الملك محمد السادس لجنة استشارية برئاسة عمر عزيمان، سفير المغرب في مدريد، وتضم 21 عضوا ضمنهم 3 نساء، ينتمون إلى مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية في البلاد، لاقتراح مشروع متكامل لتطبيقها، يتيح لكل إقليم إدارة نفسه بنفسه، في مدى زمني لا يتجاوز نهاية يونيو (حزيران) المقبل.

ومعلوم، يضيف المحلل السياسي، أن quot;وزارة الداخلية هي التي ستشرف على تطبيق هذا النظام. وربما كان هذا هو الدافع وراء تعيين وزير داخلية جديد، بتكوين مختلفquot;.
أما بالنسبة إلى العدل، يشرح محمد ضريف، فمعلوم أن هذه الوزارة كانت دائما تدخل في إطار وزارات السيادة، في عهد الراحل الحسن الثاني، حتى تبقى بعيدة عن التأثيرات السياسية. والملك محمد السادس منح الاتحاديين حقيبة العدل في حكومتين، ويبدو أنه قرر أن يعيدها إلى خانة وزارات السيادة، بعد أن عهد مسؤوليتها إلى شخص غير متحزب، وذي تكوين قضائيquot;.

وذكر أن العدل بدورها مقبلة على تحد مهم يتمثل في تفعيل مخطط إصلاح القضاء، الذي ينتظر أن يقر مشروعه في الشهر الجاري.
ومن المتوقع أن ترتفع ميزانية وزارة العدل بين عامي 2008 و2010 بنحو 70 في المئة لتصل إلى 670 مليون درهم (نحو 60 مليون يورو) للعام الحالي.

غير أن محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، كان له رأي مخالف، إذ ربط تغيير بعض الأسماء بالسلوك الذي بدر من بعض الوزراء، أخيرا، مشيرا إلى أن quot;نتائج ناجمة عن سلوكهم كانت وراء إعفائهمquot;.

وقال محمد الغماري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إن quot;التجمع الوطني للأحرار (أحد أحزاب الائتلاف الحاكم)، كان أكبر الخاسرين في هذا التعديل، إذ فقد حقيبتين وزاريتين، بينما حافظت باقي المكونات السياسية المشاركة في الحكومة على الحقائب التي تتوفر عليهاquot;.
وذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني أن quot;لا علاقة للتعديل بمشروع الجهوية الموسعة، مبرزا أن quot;إعفاء بعض الأسماء تقف وراءه أسباب أخرىquot;.

وسلطت الأضواء الإعلامية بقوة على وزير الداخلية الجديد، مولاي الطيب الشرقاوي، الذي كان يشغل، منذ سنة 2007، منصب الوكيل العام للمك لدى المجلس الأعلى، قبل أن يجري تعيينه سنة 2008 رئيسا أول للمجلس الأعلى، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى أن عين في منصبه الجديد.

وسبق تولي الشرقاوي، بعد أن شغل العديد من المناصب في سلك القضاء، منصب مدير الشؤون الجنائية والعفو في وزارة العدل.
يشار إلى أن التعديل الحكومي، الذي أعلن عنه أمس الاثنين، أدى إلى إزاحة وزيري الداخلية شكيب بنموسى، والعدل عبد الواحد الراضي، كما شمل وزارتي السياحة والعلاقة مع البرلمان.

وعين العاهل المغربي الملك محمد السادس محمد الطيب الشرقاوي الرئيس السابق للمجلس الأعلى وزيرا للداخلية، كما عين النقيب محمد الناصري وزيرا للعدل، في حين أسندت وزارة العلاقة مع البرلمان إلى القيادي في الاتحاد الإشتراكي إدريس لشكر، وآلت وزارة السياحة إلى رجل الأعمال ياسر الزناكي، أما سعد العلمي (حزب الاستقلال)، فتسلم حقيبة الوزير المنتدب لدى الوزير الأول، المكلف بتحديث القطاعات العامة، من محمد عبو (حزب التجمع الوطني للأحرار).