أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الاحد ورشة quot;الجهوية المتقدمةquot; في البلاد التي تشكل quot;تحولا نوعيا في انماط الحكامة الترابيةquot;، على ان تكون الصحراء الغربية quot;في صدارة الجهوية المتقدمةquot;.

الرباط: عين العاهل المغربي الملك محمد السادس، اللجنة الاستشارية للجهوية، التي تتكون من 22 عضوا بينهم ثلاث سيدات، أسند رئاستها إلى الأكاديمي عمر عزيمان الوزير الأسبق للعدل وحقوق الإنسان والسفير الحالي للمغرب لدى إسبانيا.

وصف الملك المغربي محمد السادس، في خطاب بث ليلة الأحد على شاشة الإذاعة والتلفزيون، عملية التنصيب الذي أشرف عليه شخصيا بالقصر الملكي في مدينة مراكش، بأنها لحظة قوية وانطلاقة ستمثل تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية، متوخيا انبثاق دينامية جديدة للإصلاح المؤسسي العميق.

وقال الملك محمد السادس إنه توخى في أعضاء اللجنة ورئيسها صفات الكفاءة والحنكة والتجرد والغيرة والوطنية والإحساس بالمسؤولية والغيرة على المصلحة العامة وكذا تنوع وتكامل الاختصاصات والمشارب الفكرية التي يمثلونها إضافة إلى خبراتهم الواسعة بالشأن العام وبالخصوصيات المحلية لبلدهم.

ودعا الملك محمد السادس أعضاء اللجنة إلى الإصغاء والتشاور مع الهيئات والفعاليات المهنية والمؤهلة في أفق إعداد تصور عام لنموذج وطني لجهوية متقدمة تشمل كل جهات المملكة، ملحا على ضرورة الاجتهاد في إيجاد النموذج المغربي للجهوية بدل استنساخ التجارب الأجنبية . نموذج نابع من الخصوصيات الوطنية للملكة باعتبارها من أعرق الملكيات في العالم حيث ظلت على مر العصور ضامنة لوحدة الأمة ومجسدة للتلاحم بكافة فئات الشعب والوقوف الميداني على أحواله في كل المناطق.

وحدد العاهل المغربي الغاية من هذا الورش السياسي الكبير في ما أسماه التأسيس لنموذج رائد في الجهوية بالنسبة للدول النامية وترسيخ مكانة المغرب كمرجع يحتذي في اتخاذ مواقف وطنية مقدامة وإيجاد أجوبة خلاقة لقضايا البلاد الكبرى. ورسم الملك محمد السادس، أربعة مرتكزات لتصور الجهوية تتمثل في التشبث بثوابت الأمة في وحدة الوطن والتراب على اعتبار أن الجهوية يجب أن تكون تأكيدا ديمقراطيا للتميز المغربي الغني بتنوع روافده الثقافية والمجالية.

ويتمثل المرتكز الثاني، حسب العاهل المغربي، في الالتزام بالتضامن، كون التنمية الجهوية لن تكون متكافئة إلا إذا قامت على تلازم واستثمار كل جهة لمؤهلاتها على الوجه الأمثل مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن.

ويتعلق المرتكز الثالث باعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانيات وتفادي تداخل الاختصاصات أو تضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات، في حين يرتبط المرتكز الرابع للجهوية المنشودة في انتهاج quot;اللاتمركزquot; الواسع في نطاق حكامة ترابية ناجعة قائمة على التناسق والتفاعل.

وأوضح ملك المغرب أن في مقدمة الأهداف المبتغاة من الورش الجديد إيجاد جهات قائمة الذات قابلة للاستمرار ذات مجالس ديمقراطية لها من الصلاحيات والموارد ما يمكنها من النهوض بأعباء التنمية وليست مجرد جهاز صوري أو بيروقراطي وإنما مجالس تمثيلية للنخب المؤهلة لحسن تدبير شؤون مناطقها.

ودعا الملك محمد السدس في ختام خطابه أعضاء اللجنة إلى إعمال الاجتهاد الخلاق لتقيم مقترحات عملية قابلة للتطبيق لتتمكن البلاد من الارتقاء من جهوية ناشئة إلى جهوية متقدمة ذات جوهر تنموي وديمقراطي.

وبخصوص ارتباط المحافظات الصحراوية الجنوبية بالجهوية، أوضح العاهل المغربي أنه وضع الأقاليم الجنوبية للمملكة في صدارة مشروع الجهوية المتقدمة، مبرزا أن المغرب لا يمكن أن يظل مكتوف اليدين أمام من وصفهم بخصوم وحدته الترابية وللمسار الأممي لإيجاد حل سياسي وتوافقي لنزاع الصحراء ..

وأكد العاهل المغربي بالمناسبة أن مبادرة الحكم الذاتي المقترح للصحراء، ذات مصداقية أممية، وتظل مطروحة للتفاوض الجاد، لبلوغ التسوية الواقعية والنهائية، مشيرا إلى المضي قدما في تجسيد العزم القوي، على تمكين أبناء وسكان الصحراء المغربية من التدبير الواسع لشؤونهم المحلية. وذلك ضمن جهوية متقدمة، سيتم تفعيلها، بإرادة سيادية وطنية. ومنح العاهل المغربي مدة ستة أشهر للجنة لترفع إليه مقترحاتها في نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.