Soldiers from the anti-terrorism force of the Yemeni Defense ...

عادت مفردات الحرب على الإرهاب والتهديد الكبير الذي يمثله تنظيم القاعدة في مناطق كثيرة حول العالم للأمن القومي الأميركي، لتسيطر بقوة على الخطاب السياسي في الولايات المتحدة الأميركية مؤخرًا، بعد أن كانت قد خفتت بعض الشيء في العام الأول من عمر إدارة الرئيس باراك أوباما، حيث فجرت المحاولة الفاشلة لنسف الطائرة الأميركية في احتفالات الكريسماس، من جانب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، كثيرًا من الانتقادات لأداء أجهزة المخابرات، وقدرة الرئيس أوباما على حماية الأمن القومي الأميركي وأمن مواطنيها.

واشنطن: في محاولة من جانب الإدارة لمواجهة هذه الانتقادات، أعلن أوباما عن عديدٍ من إجراءات الأمن الجديدة التي سيتم اتباعها في المطارات، فضلاً عن زيادة الاهتمام الأميركي بما يَجري في اليمن، على اعتبار أنها ndash; على حسب تصريحات القائد العام للقوات الأميركية ديفيد بيترايوس ndash; أضحت ملجأً آمنًا لمقاتلي القاعدة، مما دفع الإدارة الأميركية إلى تصعيد درجة التعاون الأمني والعسكري مع النظام اليمني من أجل مواجهة هذه التهديدات.

حادث إرهابي مرتبط بسابقيه

من جانبه استضاف كريس والاس ndash; في برنامجه quot;FOX News Sundayquot; الذي يذاع على شبكة فوكس نيوز ndash; كلاً من السيناتور المستقل جوزيف ليبرمان رئيس لجنة الأمن الوطني في مجلس الشيوخ، وعضو مجلس النواب النائب بيت هوكسترا أبرز النواب الجمهوريين الأعضاء في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.

في البداية أشار السيناتور ليبرمان إلى أنه يريد أن يضع حادث محاولة نسف الطائرة الأميركية في سياق أكبر، بدلاً من التركيز فقط عليه في حد ذاته، فالولايات المتحدة بدأت حربها ضد المتشددين الإسلاميين الذين هاجموا الولايات المتحدة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإن الحرب على الإرهاب لا تدور رحاها فقط في دول أخرى حول العالم، ولكن أيضًَا على أرض الولايات المتحدة، فخلال هذا العام كانت الأراضي الأميركية هدفًا لعديدٍ من الهجمات الإرهابية، ولكن تم إحباطها بفضل الإجراءات الصارمة الناتجة عن تطبيق القانون الأميركي، والجهود الكبيرة التي بذلتها قوات الأمن الداخلي والاستخبارات.

وبرغم هذه الجهود إلا أنه هناك ثلاث حالات اختراق أمنية أفلحت الجهود الأميركية في إحباطها، أولها: حادثة قتل أحد المسئولين عن التجنيد في الجيش الأميركي في ليتل روك في مايو الماضي، والثانية: حادثة إطلاق النار من جانب الميجور نضال مالك حسن في قاعدة فورت هود، والثالثة: المحاولة الفاشلة من جانب عبد المطلب.

وبخصوص الحادث الإرهابي الأخير ومن قبله حادث إطلاق النار في قاعدة فورت هود، لفت ليبرمان الانتباه إلى أن هناك نقطة مشتركة بين الحادثتين، وهو الإمام الأسبق لمركز دار الهجرة الإسلامي بولاية فيرجينيا الشيخ quot;أنور العولقيquot;، والموجود على قوائم الإرهاب الأميركية، وكان هذا الشيخ قد خضع لعديدٍ من التحقيقات الفيدرالية خلال حقبة التسعينيات حول علاقاته ببعض التنظيمات الإرهابية، ولكن لم يتم إثبات أيٍّ من التهم ضده، كما تم ذكر اسمه في تقرير اللجنة التي كلفت بالتحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والمفترض وجوده في الوقت الحالي في اليمن.

أما المتهم في حادث اختطاف الطائرة الأخير كان قد ذهب إلى اليمن وتلقى تدريبات هناك من جانب أفراد في تنظيم القاعدة، إلا أنه ليس واضحًا في الوقت الحالي إن كانت حدثت بينه وبين الشيخ العولقي أي اتصالات، وبالنسبة للميجور نضال أفادت التقارير الاستخباراتية بمحاولته الاتصال بالشيخ عندما كان مقيمًا في الولايات المتحدة.

ومن ثم انطلق ليبرمان من هذه الحقائق مشيرا إلى أن مثل هذه الأمور المشتركة بين هذه الحوادث الإرهابية يطرح كثيرًا من علامات الاستفهام، أولها ماذا حدث بعد أن اتصل والد عبد المطلب بالسفارة الأميركية في نيجيريا وإخباره المسئولين بقلقه حيال توجهات ابنه المتطرفة؟ وماذا كان مصير المعلومات التي تلقتها السفارة بعد هذا الاتصال؟ وهل كانت هناك متابعة لهذه المعلومات، فضلاً عن التهديدات التي أصبحت تمثلها الأوضاع غير المستقرة في اليمن؟

وحول هذه النقطة لفت والاس الانتباه إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة على دراية بما يمكن أن يقوم به هذا الشخص، ولكن رغم ذلك ظل عبد المطلب محتفظًا بتأشيرة دخول الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته أشارت التقارير إلى أن المملكة المتحدة - والتي كان يدرس فيها عبد المطلب حتى مايو الماضي - قد رفضت إعطاءه تأشيرة عودة إليها.

وفي هذا السياق أشار النائب هوكسترا إلى أنه عمل وقتًا طويلاً من أجل تمرير قانون إصلاح المخابرات، وذلك لإنجاز إصلاح شامل لأجهزة المخابرات، وتكللت هذه الجهود بإزالة كثيرٍ من العواقب والحواجز التي كانت تمنع الاتصال الفعال بين الأجهزة الأمنية المختلفة، وأحد مهامها هو مراقبة مثل هؤلاء الأشخاص وتحديد المخاطر التي تهدد أمن الولايات المتحدة الأميركية. ومن ثم تساءل النائب الجمهوري هل يمكن اعتبار مثل هذا الأمر فشلاً لهذه الأجهزة في التعامل مع هذا الشخص؟ وعلى هذا الصعيد أكد هوكسترا Hoekstra أن هذه مشكلة شديدة الصعوبة، فالولايات المتحدة قد شهدت مؤخرًا صورًا مختلفة من الأنشطة الإرهابية على أراضيها، ومن ثم فإن على الولايات المتحدة التعامل باستمرار على تطوير قوانينها وإجراءاتها وخططها، من أجل تحديد الأشكال والصور الجديدة للمخاطر التي يمكن أن تهدد أمنها وأمن مواطنيها.

الإرهاب يهزم أكثر التكنولوجيا تقدمًا.!

وحول إجراءات الأمن والسلامة التي أضحت متعبة في كثير من المطارات حول العالم، تساءل النائب الجمهوري عن الكيفية التي مر بها عبد المطلب من خلال أجهزة المراقبة المختلفة وإجراءات الأمن الصارمة وهو يحمل هذه الشحنة شديدة التدمير معه إلى سطح الطائرة، مما يدفع المرء إلى التساؤل هل أصبح الإرهابيون قادرين على هزيمة التكنولوجيا الحديثة التي صممت خصيصًا من أجل منعهم من القيام بأي هجمات؟

وفي هذا السياق أشار ليبرمان إلى أن الإرهابيين توصلوا إلى عديدٍِ من الطرق والوسائل الجديدة، والتي من خلالها يمكن تنفيذ عملياتهم وأهدافهم دون يتم اكتشاف أمرهم، وهم باستمرار يحاولون التوصل إلى أساليب جديدة للتعامل مع كل تكنولوجيا تضعها الحكومات لمواجهة مخططاتهم، وهذا ما دفع القائمين على إعداد تقرير لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى التأكيد على أن السبب الأساسي في فشل التصدي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر هو فشل الولايات المتحدة والقائمين على صيانة أمنها على التخيل، فهم لم يستطيعوا تخيل ما يمكن أن يقوم به هؤلاء.

اليمن هاجس أمني جديد

وعلى الصعيد ذاته اهتم برنامج quot;Face the Nationquot; الذي يذاع على شبكة CBS ndash; والذي قدمه هذا الأسبوع المحلل السياسي للشبكة جون ديكرسون بواقعة الاعتداء الإرهابي على الطائرة الأميركية، وفي معرض حديثه للبرنامج أكد المتحدث الصحفي باسم البيت الأبيض روبرت جيبس على أن عملية مراجعة لإجراءات الأمن ومكافحة هذا النوع من الإجراءات قد أخذ الرئيس أوباما قرارات بشأنها، وأن الحرب التي بدأتها الولايات الأميركية ضد هؤلاء الذين يسعون إلى إلحاق الضرر بمصالحها استدعى أن التحرك من العراق ليتم توجيه الموارد باتجاه مناطق أخرى أكثر أهمية لهذه المواجهة في كل من أفغانستان وباكستان فضلاً عن توثيق التعاون الأمني مع دول مثل اليمن والصومال، وهو التعاون الذي أدى إلى استهداف القاعدة والقضاء على كثيرٍ من قادتها.

أما جوان زاراتي محلل الأمن القومي في شبكة CBS فقد أشار إلى أن هناك سياقًا أكبر لهذه الحادثة هو أن هذا الشخص قد تلقى تدريبات عن طريق أفراد موجودين في اليمن ينتمون لتنظيم القاعدة، وهذا يعني أن قواعد اللعبة يمكن أن تكون قد تغيرت، على أساس أنه ولأول مرة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر تتم مهاجمة الولايات المتحدة عن طريق عمليات إرهابية يقوم بها أشخاص تلقوا تدريباتهم في أماكن أخرى بعيدًا عن المسرح الأفغاني الباكستاني، ومن ثم فإن ذلك قد يؤدي إلى تغيير السياق الذي من خلاله تدرك الولايات المتحدة التهديدات الإرهابية لأمنها ولمصالحها، وعلى ذلك يُثار التساؤل حول الكيفية التي ستتعامل بها الولايات مع إمكانية أن يتحول اليمن إلى ملاذ آمن للإرهاب ولأفراد تنظيم القاعدة، ولكن الأمر أيضًا ليس مقتصرًا على اليمن فقط بل يمتد أيضًا إلى أماكن أخرى مثل الصومال ومنطقة شمال إفريقيا.

وأضاف زاراتي أن اليمن تمثل إشكالية أمنية معقدة، لعوامل كثيرة، أهمها أن نظام الحكم هناك غير مستقر، مضيفًا أنه يمكن القول: إن هناك ثلاثة أوضاع أمنية مختلفة تشهدها اليمن في الوقت الحالي، فهناك أولاً: التمرد الشيعي في الشمال، وهناك ثانيًا: النزعة الانفصالية في الجنوب، وهناك أخيرًا: تواجد تنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية.

ومن ثم فإن استدعاء حادثة مركز التدريب في ليتل روك، حيث تلقى كارلوي ليون بيلدوسي ndash; الذي قام بإطلاق النار على الجنود في المركز - تدريبًا على الأراضي اليمنية من ناحية أولى، واستحضار حادثة إطلاق النار في قاعدة فورت هود، وعلاقة الميجور نضال بالشيخ العولقي من ناحية ثانية، وأخيرًا التقارير التي أفادت أن عبد المطلب كان قد تلقى تدريبًا هو الآخر في اليمن، وأنه حصل على المواد المتفجرة من هناك، فإن هذا يعني أن اليمن أصبح يمثل مشكلة أمنية حقيقية، تستدعى اقترابًا أكثر شدة للتعامل مع الأوضاع الأمنية فيه.

اليمن ملجأ آمن للقاعدة

وفي برنامجها CNN'S Amanpour ndash; الذي يذاع على شبكة CNN ndash; تناولت كريستياني أمانبور خطورة التهديدات الأمنية التي يمثلها تنظيم القاعدة في اليمن، مستهلة الحلقة بالتأكيد على أن اليمن هي الحرب الجديدة، وفي تقريره للبرنامج أشار بول نيوتون Paula Newton إلى أن المسئولين اليمنيين حذروا مرارًا وتكرارًا الولايات المتحدة من التهديد الذي يمثل تنظيم القاعدة في بلادهم، وطلبوا كثيرًا من المساعدات العسكرية والدعم المخابراتي، واليمن في الوقت الحالي تعاني ليس فقط من عودة نشاط تنظيم القاعدة ولكن أيضًا حركات التمرد في الشمال والحركة الانفصالية في الجنوب، علاوة على الفقر المدقع الذي يُعاني منه الشعب اليمني، ونقص إمدادات المياه، بالإضافة إلى تنامي شعور الكراهية ضد كل ما هو أميركي.

ولفت نيوتون الانتباه إلى التفجير الانتحاري الذي تعرضت له السفارة الأميركية في اليمن في عام 2008، وبالرغم من أن الهجوم لم يصب السفارة بسوء إلا أنه أودى بحياة عشرين شخصًا، واعتبر أن الإرهابيين في اليمن لهم علاقات وروابط متشعبة، فوالد أسامة بن لادن يمني الأصل، كما أن القادة الكبار في تنظيم القاعدة هم أيضًا يمنيون، وحوالي نصف المعتقلين في معتقل جوانتانامو يمنيون، والمشكلة أن كثيرًا من هؤلاء تم الإفراج عنهم مؤخرًا وعادوا ليقاتلوا من أجل تنظيم القاعدة مرة أخرى، ومن أبرز هؤلاء سعيد علي الشهري، الذي تم إطلاق سراحه من جوانتانامو في نوفمبر 2007.

وعلى الصعيد ذاته أكد جون بيرنان مساعد الرئيس لشئون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب لبرنامج quot;Fox News Sundayquot; أن هناك تعاونًا وثيقًا بين الولايات المتحدة وبريطانيا من أجل تنسيق الجهود لمواجهة المعضلات الأمنية التي أضحت بارزة في اليمن، وأن الولايات المتحدة سوف تفعل ما في وسعها لمنع أفراد تنظيم القاعدة من تحقيق أي مكاسب في اليمن، وحماية المواطنين الأميركيين في الخارج، وحول ما إذا كانت هذا الجهود قد تتضمن إرسال قوات أميركية إلى الأراضي اليمنية، أشار بيرنان إلى أنه لم يتم التطرق إلى مناقشة هذا الأمر، خاصة وأن الحكومة اليمنية قد أظهرت رغبة كبيرة في أن تقود هي هذه المعركة ضد التنظيم، وهم في هذا السياق في حاجة إلى تقديم كافة أشكال الدعم، ولذلك فإن الولايات المتحدة سوف تقدم كل ما سوف يحتاجه اليمن لإنجاز هذه المهمة، واعتبر بيرنان أن الحكومة اليمنية قد حققت تقدمًا في هذا الاتجاه بفضل تصميمها على توجيه ضربات قوية لأفراد التنظيم في البلاد.

كيف يدرك الأميركيون الحادثة؟

ومن جانبها أعدت ليز هالوران تقريرًا لراديو تناولت فيه رد فعل المواطنين الأميركيين على هذه الواقعة، حيث أشارت إلى أن المسافرين على رحلات الطيران تراجعوا عن إدراكهم السابق لبعض الإجراءات الأمنية المتبعة في المطارات، والتي كانوا يرونها بمثابة انتهاكًا لخصوصيتهم، وقد شملت هذه الاحتياطات الجديدة تضيق مساحة استخدام أجهزة الحاسب المحمولة واستعمال دورات المياه على متن الطائرات، فضلا عن القبول باستخدام ماسحات الجسد بشكل كامل. مما يستدعي التساؤل حول زيادة مخاوف الأميركيين من الإرهاب الذي يمكن أن يتعرضوا له أثناء رحلات الطيران.

ولفتت هالوران الانتباه إلى أن خبراء المخاطر أكدوا أن المواطنين والمسافرين الأميركيين تعاملوا مع الحادثة في حجمها الطبيعي، ولم يكن رد فعلهم متجاوزًا لحدود الحدث. وعن الصورة التي أدرك بها الأميركيون هذا الحدث أكد ديفيد روبيك - الذي يعمل في مجال استشارات المخاطر ويعمل مدرسًا في جامعة هارفارد ndash; أن مسألة الإدراك تعتمد على الظروف والسياق المحيط بالواقعة، فضلا عن كيفية استجابة الأفراد لهذين العاملين، وأوضح أن الأميركيين استجابوا بصورة عاطفية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولذلك أكدت الإحصاءات أن معدل إحساسهم بالمخاطرة لديهم قبل الأحداث ظل كما هو لم يتغير حتى عقب الأحداث، وفي هذه الحالة فإن عبد المطلب بالنسبة لكثيرٍ منهم لم يكن سوى شخص غير مؤهل، لم يستطع أن ينفذ المهمة المطلوبة منه، ومن ثم فإن مثل هذه المحاولة لن يتم تكرارها من جديد.

وعلى صعيد آخر أكد بول سلوفك أستاذ علم النفس في جامعة أوريغون أن فشل محاولة عبد المطلب لم يؤدِ إلى حدوث ما يسميه خبراء المخاطر quot;الرهبة النوعيةquot; وهو مصطلح يشير إلى تلك الأشياء والعوامل والأحداث التي تزيد مشاعر الخوف لدى الإنسان وتزيد من إدراكه للمخاطر المحيطة به، ويضيف أن هذه الرهبة النوعية ndash; في حال حدوثها ndash; تدفع الإنسان إلى اتخاذ كل الاحتياطات والإجراءات التي تضمن عدم وقوع الحدث الذي تسبب في هذه الرهبة النوعية، حتى لو أدى ذلك إلى الإمعان في تشديد الإجراءات والأساليب والتكتيكات بشكل لا يتوافق مع حجم المخاطر، والتي يمكن مواجهتها بإجراءات وأساليب للحماية أقل مما هو مستخدم فعلاً.