يقوم جرّاحو العيون بعمليات تعديل قرنيات العيون وفق طلبات محدَّدة بما ينسجم مع حياة الفرد وعمله، ويُذكر أنها واحدة من العمليات الجراحية الأكثر انتشارا في بريطانيا.
عبد الإله مجيد: بعد شركات انتاج اللوازم الرياضية المستعدة لصنع أحذية حسب طلب الزبون، والأخرى لدفن الموتى التي تبيع توابيت مصممة على قوام الشخص الذي يخطط لمراسم تشييعه مسبقا، يعرض الآن جراحو العيون بتكنولوجيا الليزر قرنيات مفصلة على ذوق الزبون.
وقالت صحيفة التايمز في تقرير لها أنه وبعد عشرين عاما على اول عملية لعلاج العين بأشعة الليزر في بريطانيا تنحى السعي الى تحقيق نظر سليم مئة بالمئة وحلت محله عيون مفصلة بما ينسجم مع حياة الفرد وعمله. وأصبح لدينا الآن عيادات ومستشفيات كبرى في بريطانيا تستقبل الزائر مثل أي متجر فتسأله هل يرغب في رؤية ليليلة، أم يا ترى يحتاج الى عيون قوية كعيون الصقر، أو ربما عين للمسافات البعيدة وأخرى للقراءة؟!
ويشير التقرير الى ان عملية تصميم العيون حسب طلب الزبون اصبحت واحدة من العمليات الجراحية الثلاث الأكثر انتشارا في بريطانيا حيث يُقدر عدد الذين تُجرى لهم بنحو 10 آلاف شخص كل عام ، وزهاء 20 مليونا في انحاء العالم، وان اعدادا متزايدة يطلبون تعديل قرنيات عيونهم وفق طلبات محدَّدة.
كشف جوليان ستيفنز الخبير في الجراحة التقويمية بالليزر في مستشفى مورفيلدز للعيون أنه كان يُجري في السابق مثل هذه العمليات لأفراد القوات الخاصة البريطانية لأنهم ، كما يقول ، quot;يحتاجون الى رؤية لمسافة ألف متر في الليل. ومثلهم طيارو الطائرات المقاتلةquot;. إلا أنه يعرض الآن خبرته لإعادة تصميم القرنية من أجل اهداف أقرب الى الحياة الاعتيادية التي يعيشها موظفو المكاتب وسائقو الشاحنات مثلا.
وقال ستيفنز ان قوة عدسة العين تُقاس بوحدة تسمى الدايوبتر وان الرؤية تتغير بنحو 0.3 دايوبتر في الليل. وهذا عامل حاسم quot;إذا كنتَ قناصا، أو سائق شاحنة لمسافات طويلة، فستحتاج الى رؤية ليلية بعيدة ممتازةquot;.
وفي هذا الإطار، يُعتبر البروفيسور ستيفن تروكيل اول من أكد امكانية تطبيق تكنولوجيا الليزر في مجال الرؤية بعدما كانت تُستخدم لقطع الرقائق الالكترونية. وأجرى عام 2009 عملية لمغنية اوبرا معروفة في نيويورك طلبت تقويم نظرها لكي تتمكن من رؤية الصف الأول من العازفين وقراءة النوطة الموسيقية. كما اجرى العملية للاعب في فريق نيويورك يانكيز لكرة القدم الأميركية أراد ان يكون قادرا على رؤية الكرة التي تخرج من دائرة الضوء في المباريات الليلية.
من المعروف ان جراحة التقويم بأشعة الليزر تغير شكل القرنية لتصحيح قصر النظر وبعده ولكن التقدم التكنولوجي جعل من الممكن الآن اجراء تغييرات أكثر تحديدا. وشرح البروفيسور تروكيل ان النظر الكامل 20 على 20 يتحدد بحاجات الشخص وعمره وان قدرة العين على التركيز على أجسام قريبة تتراجع بتقدم العمر.
وأضاف ان الكبار الذين تُجرى لهم جراحة باشعة الليزر لتقويم قصر النظر مثلا قد يجدون في وقت قريب انهم يحتاجون الى نظارات للقراءة وان كل ما فعلوه هو استبدال نظارات بأخرى. وللتعويض عن ذلك قد يكون من الممارسات الشائعة ان موظفي المكاتب الذين تزيد اعمارهم عن الأربعين ويريدون تقويم النظر ، يخضعون للعلاج بحيث يكونون قصيري النظر بعض الشيء.
وهناك فئة أخرى من المهنيين الذين يريدون تعديلا أكثر غرابة يُسمى quot;الرؤية الأحاديةquot;، بمعنى تصميم عين للمسافات البعيدة واخرى للقراءة. وفي هذا الإطار قالت البروفيسورة مارغريت ماكدونالد التي أجرت اول عملية لجراحة العيون بالليزر في نيو اورلينز عام 1987 انها تلقت طلبات عدة من مرشحين رئاسيين اميركيين. واوضحت انهم كانوا لا يريدون ان يبدوا عاجزين خلال الحملة لأنهم لا يستطيعون قراءة ما يسجلونه من رؤوس اقلام اثناء القاء الخطابات، quot;وكانوا يريدون توجيه رسالة مؤداها انهم شبابquot;.
وتوقع خبراء ان يكون تفصيل قرنية العين على مقاس الشخص قرارا يتعين اتخاذه للتكيف مع التحولات الجذرية في نمط حياة الفرد. وقال الخبير ستيفنز على سبيل المثال ان احد مرضاه كان يعيش حياة نشيطة منتجة ولديه نظر قوي للمسافات البعيدة. وعندما اصيب بالشلل تقلص عالمه وأصبح أصغر ـ يقتصر على القراءة ومشاهدة التلفزيون. وبما ان النظارات تصبح مؤذية إذا لم يتمكن المرء من تعديل وضعيتها أو نزعها لاراحة الوجه والعينين ، كان الحل الذي توصل اليه ستيفنز هو تعديل القرنية ليكون المريض قصير النظر بعض الشئ.















التعليقات