واشنطن: قدمت واشنطن الجمعة اعتذارها للمئات من أبناء غواتيمالا الذين أصيبوا دون علمهم بأمراض تنتقل عن طريق الجنس في إطار دراسة أجرتها الحكومة الأميركية منذ أكثر من ستين سنة، وصفتها غواتيمالا بأنها quot;جريمة ضد الإنسانيةquot;.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزيرة الصحة كاثلين سيبيليوس الجمعة إن هذه التجربة، التي أجريت من 1946 إلى 1948 في غواتيمالا quot;مخالفة بوضوح لقواعد الأخلاقquot; وquot;مدانةquot;.

وقد شارك نحو 1500 شخص في هذه التجربة، التي كان الهدف منها معرفة ما إذا كان البنسيلين، الذي كان في بداية استخدامه آنذاك، يمكن أن يفيد في الوقاية من الأمراض الجنسية المعديةquot;. واختار الباحثون كحقل تجارب أشخاصًا ضعفاء، بينهم مرضى نفسانيون، ولم يطلعوهم لا على هدف البحث، ولا على ما سيحصل لهم. كما شجعوهم على نقل عدوى الأمراض الجنسية، ولم يعالجوا من أصيبوا منهم بمرض السفلس quot;الزهريquot;.

وتوفي واحد من هؤلاء المرضى على الأقل خلال فترة الدراسة دون التحقق مما إذا كانت هذه التجربة هي السبب في وفاته.
وقال رئيس غواتيمالا الفارو كولوم الجمعة معقبًا على هذه التجربة التي أبلغته بها كلينتون الخميس quot;ما جرى حينها هو جريمة ضد الإنسانية، والحكومة تحتفظ لنفسها بالحق في تقديم شكوىquot;.

كما أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما في محادثة هاتفية quot;عميق أسفهquot;، وقدم quot;الاعتذار لكل الذين أصيبواquot; بالعدوى، كما قال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في بيان. وأضاف غيبس أن أوباما quot;جدد أيضًا التزام الولايات المتحدة الثابت بأن تكون كل الدراسات الطبية التي تجرى اليوم على الإنسان مستوفية للمعايير الأخلاقية والقانونية المطلوبة في الولايات المتحدة والعالمquot;.

وعبّرت أيضًا كلينتون وسيبيليوس عن quot;الأسف الشديد لما حدث، ونقدم اعتذارنا للذين خضعوا لهذه الدراسة المثيرة للاشمئزازquot; معلنتين فتح تحقيق في الأمر. وقد موّلت هذه الدراسة من منحة مقدمة من المعاهد الأميركية للصحة إلى مكتب الصحة الأميركي الذي أصبح في ما بعد المنظمة الأميركية للصحة.

وفي البداية قام الباحثون بحقن مومسات بالزهري والتعقيبة، وتركوهن بعد ذلك يقمن علاقات جنسية مع جنود أو سجناء. وفي مرحلة ثانية، وبعدما quot;لاحظوا أن الإصابات محدودة بين الرجال، تغير مسار التجربة، وجرى حقن جنود وسجناء ومرضى نفسانيين مباشرة بالمرضينquot;، كما جاء في بيانات نتائج التجربة.

ووصف فرنسيس كولينز مدير المعهد الوطني للصحة الدراسة بأنها quot;تبعث على القلق الشديدquot;، واعتبرها quot;مثالاً مقيتًا لصفحة سوداء في تاريخ الطبquot;. وأشار إلى أن مدير الصحة الأميركي آنذاك توماس بارين كان على الأرجح على علم بأمر هذه التجربة.

وهذه الدراسة، التي لم تنشر أبدًا، أعلنت هذا العام بعدما عثرت أستاذة في كلية ويليسلي كوليدج تدعى سوزان ريفيربي عن طريق الصدفة على مستندات أرشيفية تشير إلى التجربة التي أجراها الطبيب الأميركي المثير للجدل جون كاتلر.