جاءت السعودية في المرتبة (129) من بين (134) دولة في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لقياس الفجوة بين الجنسين على مستوى العالم، في ظل اعتراضات كبرى على مجالات عمل المرأة السعودية؛ رغم الإصلاحات الواسعة التي يقودها العاهل السعودي الملك عبدالله لدعم فرص عمل المرأة.

جاءت السعودية في المراتب الخمسة الأخيرة ضمن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لقياس الفجوة بين الجنسين في المجالات الاجتماعية والعمالة والتعليم والصحة والسياسة، وحمل التقرير تقدم السعودية خطوتين فقط عن تقرير المنتدى في العام الماضي 2009.

يأتي هذا المركز المتأخر في ظل بعد تام عن مشاركة المرأة في المجالات السياسية السعودية التي يعتمد عليها التصنيف العالمي، إلا أن حضورها كان جليا في دخولها السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشورى ضمن طاقمه النسائي الاستشاري الذي ارتفع ليصل إلى اثني عشر مستشارة بدلا من الست مستشارات اللاتي يعتمد عليهن المجلس في أوقات سابقة، في ظل مطالبة واسعة بأن تكون أحد الأعضاء تحت قبة مجلس الشورى بجانب الرجل.

ومنذ العام 2005 ومع تولي العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عرش الحكم في بلاده، بدأ بقيادة إصلاحية وداعمة لتوسيع مجالات عمل المرأة التي كانت مغيبة عنها بفعل عوامل مجتمعية وأيدلوجية من بعض التيارات المتشددة التي ترى في انخراط المرأة فيها بعدا عن هويتها الدينية.

ومشاركة المرأة كانت جلية في عهد الملك عبدالله الذي اعتلت فيه لأول مرة في التاريخ السعودي امرأة منصبا قياديا بمرتبة وزير وكانت نائبة وزير التربية والتعليم نورة الفايز هي من فتحت باب التاريخ quot;القيادي النسائيquot; لتحمل هذه المرتبة التي اعتادت البلاد السعودية أن تكون فقط للرجال دون النساء.

ولم تكن الفايز هي الوحيدة التي أتاح لها الملك عبدالله كسر المواريث الاجتماعية والعادات الوزارية؛ بل كانت الدكتورة أروى الأعمى متخطية هي الأخرى صفوف الرجال في أمانة مدينة جدة لتعتلي منصب نائب أمين المدينة، إضافة إلى الدكتورة منيرة العلولا التي غادرت قاعات التعليم النظري الأكاديمي نحو مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني كنائبة لمحافظ المؤسسة لتقنية البنات، مما يعطي إشارة واضحة إلى التوجه الملكي نحو إدخال الفتاة السعودية في خضم العمل التطبيقي الفني.

وعلى المستوى العمالي شهدت القطاعات الحكومية والخاصة بالسعودية خلال الأعوام الأخيرة توجها نحو توظيف المرأة وإنشاء الأقسام الخاصة بالمرأة في استجابة للرغبة الملكية نحو دعم المرأة التي قال عنها العاهل السعودي في إحدى اللقاءات quot;المرأة السعودية مواطن من الدرجة الأولى ولها حقوق وواجبات ومسؤولية، وعندما نتحدث عن التنمية الشاملة التي يمر بها بلدنا في جميع المجالات فلا نستطيع أن نتجاهل الدور المنوط بالمرأة السعودية ولا مشاركتها في المسؤولية عن هذه التنميةquot;.

ورغم التوجه الملكي والحكومي بإشارك المرأة في المسئولية التنموية في القطاعات كافة إلا أنها لا زالت عرضة للتحكم الاجتماعي بقيود ترفض كل مستجد في دعمها وحقها في مجال العمل، وليس أدل على ذلك من موجتي المد والجزر في قبول ورفض عمل المرأة في المحلات الخاصة بالملابس النسائية، إضافة لرفض بعض التيارات الدينية مؤخرا توظيف الفتيات في وظيفة quot;الكاشيرquot; ودعوتهم لمقاطعة المحلات الراغبة في توظيفهن.

وعلى المستوى التعليمي الذي يعتمد عليه التقرير العالمي للمنتدى الاقتصادي ورغم القوة الهائلة التعليمية النسائية على صعيد المعلمات والطالبات؛ إلا أن حقوق المعلمات تعد أبرز التباينات في تقليل الفجوة بينهن وبين المعلم الرجل الذي تتجاوز حقوقه المادية حاجز الألفين ريال سعودي عن زميلته المعلمة.
وبالعودة إلى التقرير العالمي قال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب quot;يجب على الدول أنّ تعامل الفتيات والسيدات بالتساوي مع الرجال إذا أرادت هذه الدول أن تنمو وتزدهرquot; وقال شواب إن تقليل الفجوة بين الجنسين مرتبط مباشرة بارتفاع القدرة التنافسية الاقتصادية.

واحتلت أيسلندا المرتبة الأولى في تقليلها للفجوة للتباين بين الجنسين تلتها النرويج ثم فنلندا، بينما جاءت أميركا في المرتبة التاسعة عشر. وعربيا احتلت دولة الإمارات صدارة العرب وتلتها الكويت ثم تونس.