مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني

بيروت: إنشغلت قيادات سياسيّة ودينيّة وأوساط شعبيّة من الطائفة السنيّة بالموقف المتفجر الذي أطلقه رئيس الحكومة الأسبق الدكتور سليم الحص في وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني على خلفية الإتهامات التي وجّهت ضده في برنامج تلفزيوني عرضته محطة quot;الجديدquot; قبل أكثر من شهرين وتحدثت فيه عن ارتكابات مالية وإساءة صرف أموال في دار الفتوى والتغطية على تعهدات عائدة لنجل المفتي بالتعاون مع إحدى شركات العمار والبناء في لبنان وطالب الحص المفتي قباني باثبات براءته وملاحقة أصحاب هذه الاتهامات الذين أبرزوا وثائق ومستندات على شاشة التلفزيون أو الاستقالة محافظًا على الموقع الذي يشغله وما يمثله من المسلمين.

وكان المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى الذي يرأسه المفتي ويشارك فيه رؤساء الوزراء السابقون ومفتو المناطق وشخصيات اسلامية قد عقد اجتماعًا بعد عرض هذا البرنامج للبحث في قضية الاتهامات المذكورة حيث رفض المفتي يومها حضوره من منطلق ان في ذلك إساءة له وهو لا يقبل وضعه في دائرة الشبهات أو اخضاعه للمساءلة. الا ان كلاً من رئيس الحكومة يومها فؤاد السنيورة ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي اللذين توجها الى مكتبه واقنعاه بالانضمام الى المجتمعين في غياب رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي ومشاركة الحص.

رئيس الحكومة اللبناني السابق سليم الحص

وقد ارتأى المجلس ان يأخذ قضية التحقيق في ما اورده البرنامج التلفزيوني بحق المفتي على عاتقه فقرر تكليف شركتين للمحاسبة والتدقيق للتأكد من صحة المعلومات التي تضمنها والمتعلقة بمسألة صرف الأموال في دار الفتوى.

واعلن الحص عزمه على متابعة الأمر بنفسه إلا انه ما لبث ان ابدى استياءه من الطريقة التي يجري فيها التحقيق خصوصًا بعد ان وردت اليه معلومات عن استبدال الشركتين اللتين تم الاتفاق على تكليفهما بالمهمة المطلوبة بشركتين أخريين من اختيار المفتي قباني وبمعرفة الرئيس السنيورة.

واعتراضًا على ما حصل أصدر الحص يومها بيانًا اعلن فيه تجميد عضويته في المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى كما بعث بأكثر من رسالة للمفتي قباني يتمنى عليه فيها الدفاع عن نفسه وملاحقة من وجه الاتهامات ضده، وأرسل نسخًا من هذه الرسالة الى الرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة وعمر كرامي ونجيب ميقاتي.

ويقول الحص في مجلسه انه لم يلق تجاوباً من قبل المفتي وقد امهله وقتاً طويلاً قبل ان يطفح معه الكيل ويجعله يصدر بيانه quot;الناريquot; أول من أمس الذي استهله بالقول quot;صاحب السماحة عليك بتبرئة نفسك أو الاستقالة والخيار الثالث والعياذ بالله إهدار كرامة طائفتك.

رئيس الوزراء السابق عمر كرامي

هذا وخلافًا لردود الفعل الداعمة للمفتي قباني التي رافقت مقررات المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى والمواقف المدافعة عن دار الفتوى وسيدها الصادرة عن رئيس الحكومة سعد الحريري ونواب وشخصيات من تيار المستقبل، بعد عرض الحلقة التلفزيونية المتضمنة للإتهامات ضد المفتي قباني، فقد قوبل كلام الرئيس الحص هذه المرة بشيء من التريث وعدم التسرع في الرد عليه وان اقتصر الأمر على بعض التصريحات الشاجبة له من قبل نواب في كتلة المستقبل لم يتعد عددهم اصابع اليد الواحدة.

وعلمت quot;إيلافquot; ان الرئيس السنيورة اجرى اتصالاً بالرئيس كرامي للوقوف على رأيه في ما اقدم عليه الحص والتأكيد له بأن لا تهاون في مسألة التحقيق الجاري، لافتًا الى ان نتائجه ستظهر قبل نهاية الشهر الحالي حيث يبنى على الشيء مقتضاه متمنيًا على كرامي المساعدة لمعالجة الوضع بهدوء وحكمة، موضحًا ان شركتي المحاسبة والتدقيق المعنيتين بالتحقيق تحظيان بمباركة الحص وبإمكانه مراجعتهما في أي أمر يريده.

وفيما يؤكد كرامي، المعروف بمعارضته للمفتي قباني، عدم التحدث في هذه القضية قبل اكتمال التحقيق الا ان زوّارًا له نقلوا عنه قوله انه مع استقالة المفتي قباني سواء أظهر التحقيق براءته أو ادانته لكنه يفضل ان يتم ذلك بهدؤ حفاظًا على كرامة المفتي وما يمثل، ملوحًا في الوقت نفسه بأنه لن يسكت عن أي محاولة قد تبذل للفلفة القضية وهذا ما ابلغه صراحة للرئيس السنيورة الذي أكد له بدوره ان ذلك لن يحصل مهما كلف الأمر.