لندن: بحث وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مع رئيس برنامج العراق في اللجنة الدولية للمفقودين جوناثن ماكاسكيل برنامج عمل اللجنة المستقبلي في العراق وضرورة فتح مكتب لها في بغداد لدعم جهود الحكومة لمعالجة قضية المفقودين منذ حربي إيران والكويت وهم بالالاف إضافة إلى المفقودين جراء المقابر الجماعية للنظام السابق والاخرين بعد سقوطه عام 2003 بسبب الصراع الطائفي والعمليات الإرهابية والذين يبلغ عددهم مئات الالاف.
وبحث زيباري وماكاسكيل في مقر وزارة الخارجية العراقية في بغداد اليوم، امكانية توقيع اتفاق تعاون بين العراق واللجنة الدولية للممفقودين خاصة بعد ان وافقت وزارتا الخارجية ووزارة حقوق الانسان العراقيتين على توقيع هذه الاتفاقية للاستفادة من خدمات اللجنة الدولية في العثور على المفقودين العراقيين في الحربين مع إيران التي جرت بين عامي 1980 و1988 وحرب الخليج الثانية لتحرير الكويت عام 1980.
وهذه اللجنة ليست من وكالات الامم المتحدة المتخصصة وهي لجنة غير حكومية حيث ستكون مهمتها معالجة ملف المفقودين خلال الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية والمفقودين في المقابر الجماعية خلال حكم النظام العراقي السابق والمفقودين بعد عام 2003 جراء النزاعات الطائفية المسلحة والعمليات الارهابية وفق معايير علمية وعالمية بالاعتماد على الحامض النووي للمفقود.
وتوقعت وزيرة حقوق الانسان العراقية ان يتم حسم ملف الاسرى والمفقودين ابان حرب الثمانينات مع الجانب الإيراني خلال العام الحالي. وقالت الوزيرة وجدان سالم ان المعلومات المتوافرة لدى وزارتها تشير الى ان العدد المتبقي من رفات الإيرانيين لغاية نهاية عام 2009 يبلغ حوالى250 رفاتا مثبتة اسماؤهم لدى الجانب العراقي كأسرى مشيرة الى ان العدد المسجل في بداية العام نفسه كان عشرة الاف مفقود ما يدل على حجم التقدم الكبير في العمل والذي ادى الى انخفاض العدد بشكل ملحوظ.
وأقرت بوجود مئات الالاف من المفقودين مدفونين في مقابر جماعية منتشرة في مناطق مختلفة من البلاد سواء لعراقيين أو من جنسيات أخرى. واكدت الحاجة الكبيرة لمختبرات فحص الحمض النووي quot;DNA quot; حتى يتم التمكن من فحص الرفات والتعرف إلى هويات اصحابها موضحة ان هذه المختبرات تمتاز بامكانية تجهيز وتشغيل عالية.
واشارت الى ان وزارة الصحة تقوم حاليا ببناء مركز متكامل لاحتياجات الرفات يحتوي على مختبرات الحمض النووي لكنها لم تدخل الخدمة بسبب تأخر الاجراءات الادارية والفنية مشيرة الى ان المختبر الوحيد الذي يعمل حاليا هو مختبر الطب العدلي الذي لا يغطي الا جزءاً يسيراً جدا من الاحتياج الفعلي. ودعت الى ايجاد حلول جذرية لتلافي هذه المشكلة اما ببناء مختبرات أو التعاقد مع مختبرات لفحص الرفات.
وقالت الوزيرة العراقية ان اللجنة الدولية للمفقودين ابدت استعدادها لفحص ثلاثة الاف رفات الا ان وزارة الصحة العراقية اعترضت على اخراج أي عينة حفاظا على الخارطة الجينية الوراثية فضلا عن مشكلات امنية واخرى فنية تعترض سبيل هذه العملية. وتوقعت حسم ملف الاسرى الإيرانيين خلال العام الحالي وقالت ان المعلومات التي لدى الوزارة تشير الى ان المتبقي من رفات الإيرانيين لا يتجاوز 250 رفاتا مثبتة اسماؤهم لدى الجانب العراقي كأسرى.
ومن جهته دعا مسؤول في اللجنة الدولية للصليب الاحمر السلطات المعنية في الدول التي يهمها الامر إلى بذل قصارى جهودها طبقا للقانون الدولي الإنساني بغية توفير المعلومات بشأن المفقودين مشيرا الى ان اللجنة تساند الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية والحكومات الاخرى لمعرفة أماكن وجود آلاف الأشخاص الذين ما زالوا مجهولي المصير جراء الحروب السابقة في منطقة الخليج.
واوضح ان المنظمة تتولى منذ عام 2003 تدريب خبراء محليين في الطب الشرعي للتعرف إلى هويات الرفات وطريقة التعامل معها اضافة الى قيامها بتوفير المعدات اللازمة لترميم المنشآت الخاصة بذلك فضلا عن سعيها لتسهيل عمليات تبادل المعلومات ذات الصلة بالأشخاص المفقودين بين البلدان المعنية التي تحتاج إلى دعم في سعيها إلى معرفة مصير ابنائها.
واشار الى ان عائلات مئات الآلاف من الأشخاص المفقودين في العراق والكويت والسعودية وإيران تتوق إلى معرفة مصير ذويها موضحا ان الكثير منهم اصابه اليأس من الغموض الذي يحيط بهذه المسألة. واضاف أن اللجنة شاركت في جميع الاجتماعات التي عقدت بين العراق والكويت في هذا الصدد كوسيط محايد وبحضور ممثلين من عدد من الدول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية.
وقال ان هذه الاجتماعات فضلا عن اعمال اللجان المشكلة ساعدت في كشف مصير أكثر من 300 شخص مفقود من بينهم 215 كويتياً و82 عراقياً و12 سعودياً وأشخاص من جنسيات أخرى. واكد ان المنظمة تواصل جهودها للكشف عن مصير1000 شخص ما زالوا في عداد المفقودين جراء حرب الخليج الثانية.
وقد تسلم العراق الاسبوع الماضي رفات تسعة شهداء عراقيين قتلوا خلال الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988 في مراسم جرت عند مدخل الشلامجة الحدودي قرب مدينة البصرة العراقية الجنوبية. وجاء هذا الاجراء بعد يومين من اعادة السلطات العراقية رفات تسعة جنود إيرانيين قتلوا خلال الحرب برعاية اللجنة الدولية للصليب الاحمر وفقاً لمذكرة التفاهم التي وقعها البلدان والصليب الاحمر في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2008 وهدفها كشف مصير الذين باتوا في عداد المفقودين جراء الحرب.
وأكد الصليب الاحمر أن مصير الآلاف من افراد القوات المسلحة من كلا البلدين ما زال مجهولاً بعد مرور اكثر من عشرين عاماً على نهاية الحرب. وتبادل البلدان منذ توقيع المذكرة المئات من رفات الجنود القتلى حيث أسفرت الحرب بين العراق وإيران عن مقتل نحو مليون شخص. اما بالنسبة إلى المفقودين الكويتيين فقد اعلن في بغداد مطلع الشهر الحالي عن اعتقال عراقيين
بقتل اسرى كويتيين. وعلى الفور خاطبت وزارة الخارجية الكويتية نظيرتها العراقية للتأكد من حقيقة القبض على القتلة. وقالت الوزارة إنها ستزود السلطات العراقية بالمعلومات الخاصة بمفقودينا للمساعدة في التحقيق مع القتلة.
كما بحث العراق ومنظمة الصليب الاحمر الدولي في بغداد الاسبوع الماضي ملفات مفقودي وأسرى حربي العراق وإيران والخليج الثانية. وجاء ذلك خلال اجتماع بين رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي ورئيس بعثة الصليب الاحمر في العراق خوان بيدروشيرر ونائبه ماغنيه بارث اللذين قدما للمسؤول العراقي تقريرا مفصلا عن الاوضاع الانسانية التي يعيشها السجناء والمحكومون في العراق ومجمل نشاطات المنظمة في هذا البلد.
واستطلع السامرائي جهود المنظمة في متابعة ملفات حوالى 5 الاف مفقود خلال الحرب العراقية الإيرانية حيث أوضح رئيس المنظمة وجود سجلات متكاملة بأسماء الاسرى والمفقودين والسجناء مؤكدا وجود حوالى 300 اسير عراقي سبق للجانب الإيراني إبلاغ المنظمة بإطلاق سراحهم quot;ولكن لم يصلنا تأكيد من ذويهم بهذا الخصوصquot; كما نقل عنه بيان صحافي لمجلس النواب الى quot;ايلافquot; حيث تعود مشكلة هؤلاء الاسرى والمفقودين الى فترة الحرب العراقية الإيرانية.
وفي ملف الكويت أكد مسؤولو البعثة ان الاجواء اليوم افضل مما هي عليه قبل عام وان هناك تقدما حاصلا في ملف الاسرى والمفقودين بين البلدين والبالغ عددهم نحو 1500 شخص ما بين عراقي وكويتي وهؤلاء هم من ضحايا حرب الخليج الثانية عام 1991 حين قامت جيوش التحالف الدولي بإخراج القوات العراقية من الكويت التي احتلتها صيف عام 1990.
وقد حث مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي الحكومتين العراقية والكويتية على مواصلة جهودهما للكشف عن مصير المفقودين من الدوليتين. وقال رئيس المجلس في بيان عقب جلسة مغلقة quot;إن أعضاء مجلس الأمن يلاحظون حصول تقدم محدود في مجال التعرف إلى هوية رفات المفقودين ويعبر أعضاء المجلس مجددا عن تعاطفهم العميق مع عائلات المفقودين.quot; وكان المجلس استمع إلى إحاطة من غينادي تاراسوف منسق الأمين العام للأمم المتحدة رفيع المستوى المعني بقضية المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى.
ودعم أعضاء مجلس الأمن اقتراح الأمين العام حول فترة بناء الثقة والتعاون بين العراق والكويت quot;ملاحظا النوايا الحسنة الموجودة لدى الدولتين لحل المشاكل العالقةquot;. ووافق المجلس على تمويل أنشطة مهمة المنسق الدولي غينادي تاراسوف لمدة ثمانية أشهر إضافية. واكد رئيس المجلس يدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لكل من العراق والكويت إلى تكثيف الجهود في الأشهر المقبلة لتحقيق تقدم واضح في قضية البحث عن المفقودين والممتلكات الكويتية بهدف تعزيز العلاقات الأخوية الموجودة بين الدولتين الجارتين.
التعليقات