أثار غياب أو تغييب المرأة السعودية عن منصة منتدى جدة الاقتصادي العاشر اندهاش الكثيرين، في مرحلة حققت فيها المرأة السعودية نجاحات وإنجازات تلت فترة سبات عميقة تعطلت فيها طاقة نصف المجتمع.
الرياض: سجل حضور السعوديات في منتدى جدة العاشر انخفاضًا ملحوظًا عن الأعوام السابقة ولم يقتصر غيابهن عن منصات المنتدى، وإنما في أروقته وجلساته، إذ لم يتجاوز حضور سيدات الأعمال والمهتمات في أول أيام الجلسات المئة سيدة .
وأثار هذا الأمر تساؤلات عن القوى الخفية التي تناصب المرآة السعودية العداء وتعمل على تعطيل طاقات شقائق الرجال، استنادًا إلى صورة نمطية تكونت على مدى عقود، حاول العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تغييرها بُعيد توليه مقاليد الحكم بقوله laquo; لن نسمح لكائن من كان أن يقلل من شأنها أو يهمش دورها الفاعل في خدمة دينها ووطنها، فالنساء شقائق الرجال، ولن نترك بابًا من أبواب العطاء إلا ونشرعه لها في كل أمر لا مخالفة فيه لديننا أو أخلاقنا ولن نقبل أن يقال إننا في السعودية نقلل من شأن بناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا، ولن نقبل أن يلغى عطاء نحن أحوج الناس إليهraquo;.
هذه الكلمات كانت بداية وضع الخطوط العريضة للاهتمام بشكلٍ أكبر بدور المرأة وحضورها في المشهد السعودي، ذلك الحضور الذي تجذر مع بدايات عام 2009 بصدور قرار تعيين نورة بنت عبد الله الفايز في منصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات، كأول سيدة سعودية تشغل هذا المنصب الوزاري، في إشارة لدخول المرأة السعودية مرحلة المناصب القيادية في بقية الوزارات، وتعيين الدكتورة أروى بنت يوسف الأعمى مساعدًا لأمين جدة لشؤون تقنية المعلومات في أكبر منصب يسند لامرأة في وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية.
وعاد الجدل بشأن دور ومكانة المرأة السعودية إلى سطح الأحداث مع قائمة المتحدثين في منتدى جدة الاقتصادي العاشر والتي احتوت على 42 متحدثًا ومتحدثة من مختلف البلدان والجنسيات ما بين مسؤولين وتنفيذيين ورؤساء شركات وخبراء اقتصاديين وماليين محليين ودوليين، ولكنها خلت من السعوديات ما أثار مخاوف بعضهم من أن تكون هذه الخطوة قدأتت لتنال من مسيرة المرآة السعودية والخطوات التي حققتها خلال السنوات الأخيرة.
ويخشى هذا الفريق من أن يكون هذا الاستبعاد أو التغييب للمرأة السعودية بداية توجه عام، ويدعّم وجهة نظره بأن المؤتمرات تمثل دورًا كبيرًا في تشكيل اتجاهات الرأي العام، وان حدثًا مثل منتدى جدة يتم رصده من الخارج كمؤشر على المرحلة التي يمر بها المجتمع السعودي اجتماعيًا وفكريًا وثقافيًا، ومن ثم فإن عدم مشاركة السعوديات في المنتدى تعطي رسالة خاطئة للعالم الخارجي عن دور المرأة، وتمرر رسالة للداخل السعودي بتهميش هذا الدور.
ويقابل هذا الرأي رأي آخر يرى أن غياب المتحدثات السعوديات عن المنتدى ربما كان أمرا طبيعيا إن كانت المتحدثة السعودية غير متخصصة في موضوع المنتدى الذي يحتاج إلى مهنية وتخصصية حتى لا تكون المشاركة دون المستوى.
وما بين وجهتي النظر هاتين يقف رئيس منتدى جدة الاقتصادي العاشر الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رافضا الاتهامات بتعمد تغييب المرأة السعودية عن المنصة، قائلا إن المنتدى لا يفرق بين المرأة والرجل، وإن البحث عن التخصص هو معيار الاختيار، ولا سيما أن موضوع المنتدى له بعد عالمي، موضحًا أن القائمين على المنتدى يسعون لتوازن الاختصاص بين ضيوف المنتدى من داخل السعودية وخارجها بهدف التنوع.
وعزا رئيس منتدى جدة الاقتصادي غياب المرأة السعودية عن منصة المنتدى هذا العام إلى موضوع هذه الدورة الذي ينحى إلى التخصص الشديد وهو ما دفع العديد من المتحدثات السعوديات - دون أن يحدد عددهن - اللاتي وجهت لهن الدعوة إلى الاعتذار لعدم التخصص، كما أرجعه إلى توقيت انعقاد المنتدى وتزامنه مع إجازة منتصف العام الدراسي في السعودية، الأمر الذي أدى إلى تضارب المواعيد، مستشهدا باعتذار الدكتورة خوله بنت سامي الكريع كبيرة علماء أبحاث السرطان بمستشفى الملك فيصل التخصصي والتي قلدها العاهل السعودي مؤخرًا وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير إنجازاتها البحثية، والتي اعتذرت لمشاركتها في مؤتمر آخر خارج السعودية في توقيت المنتدى نفسه.
ونفى الدكتور عبد العزيز ابن صقر غياب المرأة السعودية عن المنتدى مؤكدًا أن الأكاديميات السعوديات ستتاح لهن فرصة المداخلة والمناقشة من خلال الجلسات، لافتًا إلى أنه تم تخصيص 370 مقعدًا للسيدات الأكاديميات الاقتصاديات المهتمات بأوضاع العالم الاقتصادي والتقني والعلمي، إلى جانب إتاحة الفرصة لطالبات الجامعات والدراسات العليا بعمل مداخلات .
التعليقات