تل أبيب: لم تزحزح نتائج التحقيقات التي عرضتها شرطة دبي، حول هوية قتلة القائد في حركة حماس ممدوح المبحوح، إسرائيل عن صمتها قيد أنملة. فقد اكتفت الصحافة الإسرائيلية على سبيل المثال اليوم بالإشارة ونقل كل ما ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقده قائد شرطة دبي، مع نشر صور أعضاء خلية الاغتيال التي قامت بالعملية في الشهر الماضي.
ولم تبذل الصحف الإسرائيلية ولو حتى محاولة لاستخراج تصريح أو معلومة واحدة من الجهات المختصة، بعد نشر شرطة دبي لنتائجها، بل إنها وخلافا لسلوكها عند الكشف عن اغتيال المبحوح، إذ نشرت يومها عناوين أشارت بصورة ضمنية وغير مباشرة إلى دور محتمل للسلطات الإسرائيلية، عندما خرجت بعناوين قالت فيها إن إسرائيل اغتالت المسؤول عن قتل الجندي الإسرائيلي أيال سعدون، أو عندما وضعت تقاريرها تحت عنوان ذراع إسرائيل الطويلة.
وبدلا من ذلك استعانت مواقع الأخبار الإسرائيلية ظهر اليوم، بما نشرته الصحف البريطانية وتحديدا صحيفة الديلي تيلغراف عن اتهام مصادر حكومية بريطانية للموساد بالقيام بالعملية، ونفى أن يكون هناك أي دور لبريطانيا أو حتى لمواطنين أيرلنديين في عملية اغتيال المبحوح. وفي هذا السياق نقل موقع معاريف عن الخارجية الأيرلندية قولها إن السفارة الأيرلندية في دبي على اتصال مباشر مع السلطات الإماراتية، ولم تتلق لغاية الآن أي تأكيد رسمي عن تورط مواطنيها في العملية.
وعادة ما تستخدم الصحافة الإسرائيلية مصطلح quot;وفق ما نشرته وكالات أجنبيةquot; للالتفاف على الرقابة العسكرية في إسرائيل، وهو تعبير درج في تغطية كثير من العمليات التي نسبت للموساد أو عند الحديث عن quot;القنبلة الذرية والسلاح الذري في إسرائيلquot;.
وفي سياق المبحوح استذكرت معاريف اليوم أن صحيفة التايمز البريطانية قالت إن المبحوح قتل بعد أن تم حقنه بمادة سامة.
أكثر من 350 ألف إسرائيلي يحملون جوازا إضافيا
ولعل ما يوجه أصابع الاتهام إلى الموساد، وهو ما ذكرته شرطة دبي كأحد الاحتمالات، حقيقة أن الموساد يعتمد في نشاطاته خارج إسرائيل على وفرة من العملاء والعاملين من مختلف الأصول والأجناس، وعلى كون إسرائيل قامت أصلا بعد تجميع اليهود من أصقاع الأرض المختلفة فيها، وهو ما وفّر لها عند تأسيسها وتأسيس الموساد في الخمسينات من القرن الماضي ميزة توفر عملاء جاؤوا من مختلف دول العالم يعرفون لغات هذه الدول بل إنهم يندمجونquot; بصورة طبيعية في هذه المجتمعات، وهم مطلعون على عاداتها وتقاليدها بالكلية، وبالتالي من الصعب جدا أن يقع هؤلاء العملاء في أخطاء في حياتهم اليومية يمكن أن تفضحهمquot;.
وفي هذا السياق فضيحة لافون عام 1956 عندما اعتمد الموساد على تدريب عناصر من اليهود المصريين، وقام بإرشادهم على القيام بتفجيرات في المواقع الغربية من أجل ضرب مصر أمام العالم الغربي وتحديدا فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ولم يتم اكتشاف أمر الخلية أو الشك في سلوك أفرادها، لو لم يقع خلل عند محاولة أفراد الشبكة زرع عبوة ناسفة في إحدى دور السينما المصرية ومن أشهر هؤلاء الصحافي الإسرائيلي السابق روبير داسا.
وفي الولايات المتحدة الأميركية جندت إسرائيل أشهر عميل لها، اكتشف أمره هو الآخر بالصدفة، وهو العميل جوناثان بولارد الذي حكم عليه بالسجن المؤبد وباءت كل محاولات إسرائيل حتى خلال العهد الذهبي في ولاية جورج بوش لحث الأميركيين على الإفراج عنه.
إلى ذلك فإن ظاهرة حمل الإسرائيليين لجوازات سفر مزدوجة، والاحتفاظ بجواز سفر الدولة الأم التي جاء منه هي ظاهرة شائعة، وقد كشفت محاولة اليمين الإسرائيلي، الأسبوع الماضي تمرير قانون يجيز للمهاجرين من إسرائيل المشاركة في الانتخابات النيابية أن أكثر من 350 ألف إسرائيلي يملكون جواز سفر إضافيا إلى الجواز الإسرائيلي ولا يرغمون على إعادة الجواز الأصلي إلا من يترشح منهم للكنيست. ومن المشاهير الذين حملوا مرة جوازا إسرائيليا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، ورئيس طاقم البيت الأبيض رام عمانويل، ومارتن إنديك.
حرية التنقل في البلدان العربية
يمكّن الجواز السفر الإضافي حامله، وخصوصاً إذا كان من دولة أوروبية، من دخول الدول العربية كافة من دون استثناء وبالتالي فإنه ليس بمقدور سلطات المطارات في هذه البلدان أن تعرف هوية الداخل إليها إذا كان يحمل جوازي سفر أوروبيا وإسرائيليا، ومن بين من استغل هذه الميزة، عدد من الصحافيين الإسرائيليين المشهورين، فقد زار المستشرق والصحافي أمنون كابليوك، مثلا الكويت في مطلع الثمانينات مستعينا بجوازه الفرنسي.
وكذلك الحال مع المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت رون بن يشاي الذي زار سوريا، والصحافي والسفير الإسرائيلي بوعاز بسمونط، الذي كان سفيرا في إسرائيل لموريتانيا تمكن بمساعدة جوازه الفرنسي من زيارة سوريا، ناهيك عن عدد لا حصر له من مسؤولين وموظفين من أصول إسرائيلية استطاعوا بواسطة جوازات سفرهم الأميركية والأوروبية من زيارة عدد من البلدان العربية.
إلى ذلك فإن سماح عدد من البلدان العربية مثل المغرب، وحتى إيران، للإسرائيليين من أصول مغربية مثلا زيارة موطنهم الأصلي لأداء شعائر وفرائض دينية يسهل هو الآخر مهمة دخول هذه البلدان. وكان عضو الكنيست سعيد نفاع كشف مثلا في مقابلة مع إيلاف الشهر الماضي أن إسرائيليين من أصول إيرانية وعراقية، تسمح لهم السلطات الإسرائيلية بزيارة بلدانهم الأصلية، خصوصا وأن قسما من هؤلاء كان عند وصوله إلى إسرائيل حصل على جوازات سفر أوروبية كإجراء انتقالي للوصول إلى إسرائيل.
وفي مثل هذا الوضع فإنه من السهل على الموساد والأجهزة الإسرائيلية دسّ عملاء له ضمن بعثات كهذه، وحتى تحت ستار رجال أعمال ومستثمرين أجانب.
التعليقات