دخول لبنان في مرحلة جديدة عنوانها التوافق والانفتاح انعكس بوضوح على تعاطي الاحزاب مع بعضها البعض في مختلف جامعات لبنان بشكل عام.

بيروت: هدوء لافت تشهده أجواء الجامعات اليوم في ظل التحولات السياسية الاخيرة، وان انخفضت نسبة الاهتمام السياسي لدى الطلاب بعد اجراء الانتخابات الطالبية في الجامعات الخاصة، الا ان مفعول تأثير المصالحات والمبادرات لم يستثن اي طالب حزبي مهما بلغت درجة اهتمامه السياسي. ولكن، بصرف النظر عن هذا التأثير الايجابي، هل للطلاب دور في صناعة القرارات السياسية، او يكتفون بتأييد زعمائهم مهما اتخذوا من خطوات؟

يسارع الطلاب الحزبيون من دون اي تردد لتأييد خطوات زعمائهم المحبوبين. وان علت اصوات احتجاج او معارضة على اي قرار جديد، فلا يكون ذلك سوى quot;في البدايةquot;. فالمعارضة quot;الانفعاليةquot; لا تلبث ان تنطفئ ليعود العقل يثق بquot;حكمةquot; المسؤول وquot;درايتهquot;. والغريب ان الطلاب ينتظرون تصالح زعمائهم ليتصالحوا فيما بينهم. وكل ما كان quot;غير مقبولquot; سابقًا اصبح quot;بديهيًّاquot; اليوم.

رئيس خلية طلاب الحزب السوري الإجتماعي في جامعة الروح القدس- الكسليك بلال بو درغام يلفت الى تجاوب الاطراف التي كانت معارضة للانفتاح مع سوريا سابقًا بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق. ما ادّى الى quot;مرونةquot; على صعيد العلاقات الشخصية بين الطلاب لم تشهدها الجامعة خلال الاعوام الاخيرة. كلام درغام ايّده عضو هيئة بيروت في قطاع الشباب في quot;تيار المستقبلquot; هلال المسلماني الذي يشير الى quot;الارتياحquot; في الجامعات ، ويعتبر الانفتاح على سورية امرًا quot;طبيعيًاquot;، يدخل ضمن اطار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ولكن quot;بالطبع هناك ملفات عالقة لا بد من معالجتها الا انه لا يجوز ان نظل على عداء ابدي مع سورياquot;، يقول المسلماني.

مصالحات سياسية وخلافات طالبية

وعلى الرغم من اجماع اغلبية مسؤولي الاحزاب في الجامعات على تراجع نسبة التشنج على خلفية المصالحات السياسية . وللمسؤولة في منظمة الشباب في الحزب التقدمي الاشتراكي سماح زين الدين في الجامعة العربية، رأي مختلف. فهي، وان تؤكّد على الجو quot;المستقرquot; الجديد الذي يخيّم على الجامعة، تشير في المقابل الى ان quot;تصالح الزعماء لا يؤدي بالضرورة الى تصالح الطلابquot;. فـquot;الخلافات الاساسية ما زالت موجودة. ومواقف الاحزاب داخل الجامعة هي إياهاquot;.

ولم تخف زين الدين quot;عدم تقبلquot; الطلاب لمبادرات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مع الفئات السياسية الاخرى في بادئ الامر. الا ان هذه المعارضة تعتبرها quot;انفعاليةquot; اذ سرعان ما تخمدها quot;الثقة الكاملةquot; للزعيم وquot;الايمان بذكائهquot;.

وبحسب زين الدين فهو لن يقوم بشيء يخالف مصلحة الطلاب المقتنعين بانه لا يمكن بناء وطن من دون مصالحات. تقول: quot;نحن لا نريد العودة الى المشاكل السابقة. شبعنا دمًا في الجامعة العربيةquot;. اما عند سؤالها عن رأي الطلاب حين تُتخذ الخطوات الحزبية المستقبلية والقرارت الداخلية، فلم تتردد المسؤولة في الحزب التقدمي الاشتراكي بالقول بثقة ان quot;زعيمنا اكبر من ان يستشيرناquot;.

للطلاب كلمة

وفي حين تمنح بعض الاحزاب ثقة عمياء لقائدها، يتباهى البعض الاخر بالدور الذي يؤديه الطلاب في التأثير على قرارات القيادة الحزبية. رئيس خلية الطلاب الكتائب في كلية الاعلام والتوثيق، الفرع الثاني في الجامعة اللبناينة، غارو فكرجيان يؤكّد ان انسحاب حزب الكتائب من قوى الرابع عشر من اذار quot;ادارياquot;، لم يكن ليتم لولا موافقة الطلاب في الحزب. ويفخر فكرجيان بالقول ان quot;صوتنا يصلquot; وانّ لمصلحة الطلاب علاقة quot;وطيدةquot; تجمعهم مع نوابهم الشباب. وأي خطوة يقوم بها حزب الكتائب باتجاه يعاكس خطابه السياسي ينعكس سلبًا على مناصريه، ولا سيما الشباب منهم.

الاستقلالية عن الزعماء والمبادئ الحزبية والوطنية التي يؤكد التمسك بها الشباب الكتائبيون مهما تغيرت المصالح والخطابات، يشدد ايضا عليها مسؤول الجامعة اللبنانية في حزب quot;القوات اللبنانيةquot; شربل شويح الذي يرى quot; وعيًا في بيئتنا أكثر من اي مكان اخر. فالواحد منا لا يتنازل عن المبادئ بسهولة وان اختلفت مواقف القادة ، وذلك لانه الاقل ارتباطًا بالخارج من غيره، بالتالي هو مجتمع متحرر ومستقلquot;.

وفي اطار تقييم نتائج الانتخابات الطالبية عمومًا، يلفت شويح الى quot;استفاقةquot; في الجامعات منوّهًابشباب التيار الوطني الحر الذين quot;تداركوا اخطاء الجنرال ميشال عونquot;ما انعكس على نتائج الانتخابات الطالبية، بحسب رأيه.

غير ان لمناصري الجنرال عون وجهة نظر مختلفة. والمسؤول عن quot;التيار الوطني الحرquot; في جامعة سيدة اللويزة جاد غانم، يفسر الخسارة الانتخابية بquot;التقصيرquot; في العمل الحزبي الاداري داخل الجامعة وعدم خدمة الطلاب بشكل كاف لاستقطاب الاصوات. وفي حين يؤكد غانم ان اكثر من 90% من الطلاب المناصرين للجنرال عون يثقون به ويؤيدون خطواته، يشير من جهة اخرى الى ان quot;التيارquot;هو اكثر الاحزاب لجوءاً الى الانتقاد الشخصي.

على الرغم من خفة الحدة وتراجع التشنج في الجامعات تتسابق الاحزاب في التباهي بعدم تبعيتها quot;العمياءquot; لقادتها. وفي حين تفشل محاولات الاعتراض لاي موقف او قرار تتخذه القيادة الحزبية، تعلو اصوات بعض الطلاب الذين quot;اشمأزواquot; من التقلّبات السياسية والمصالح الحزبية. والغريب، ان العديد من بينهم ليسوا quot;محايدينquot; بل هم شباب quot;متحزبونquot; وquot;مناصرونquot; من الدرجة الاولى.