وكأن الحكومة اليمنية بحاجة لملف جديد يثقل كاهلها، حتى يتفاقم مؤخراً موضوع المتسللين الافارقة إلى اراضيها ليشكل احد الظواهر السلبية في اليمن الذي يعايش مؤخراً جملة ظروف صعبة وخطيرة، إذ يوجه تنامي تنظيم القاعدة في جنباته وكذلك الانفصاليين في الجنوب.

صنعاء: أعلنت اليمن الاحد رسميا إغلاق ممرات المائية الرئيسية في وجه المتسللين الأفارقة بعد 19 عاما من بدء تدفق النازحين. قالت وزارة الداخلية في بلاغ صادر عن مركزها الإعلامي أنها quot;وجهت شرطة خفر السواحل والأجهزة الأمنية بالمحافظات الساحلية إغلاق ممرات المائية الرئيسية في وجه المتسللين من القرن الأفريقي.

وبررت الداخلية الأمر -بدون تحفظ- quot;أن هذا الإجراء يأتي في إطار الجهود التي تبذله اليمن في منع العناصر الإرهابية في القرن الإفريقي من التسلل إلى أراضها وخاصة بعد إعلان تنظيم (الشباب المجاهدين)عزمه على دعم العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة في اليمنquot;.

وأكدت الوزارة أنها quot;وضعت اللاجئين الصومال الموجودين في اليمن تحت رقابتها لمنع العناصر الإرهابية من استخدام ورقة اللجوء في الوصول إلى الأراضي اليمنيةquot; لكنها في الوقت نفسه أعلنت أن الحكومة اليمنية quot;ستلتزم بواجباتها تجاه اللاجئين الصومالquot; وإنها quot;توليهم نفس الرعاية والاهتمام السابقين وتحرص على توفير شروط الحياة المناسبة لإقامتهم على أراضيهاquot;.

اللاجئين الأفارقة أصبحوا عبئا على الحكومة اليمنية حيث بلغ عددهم المسجلين منهم 170 ألف لاجئ لكن العدد الحقيقي قد يصل إلى أكثر من 700 ألف.

يقول الكاتب الصحفي الخبير بموضوع الصومال جلال الشرعبي لـ إيلاف إن إغلاق الممرات الرئيسية لليمن في وجه الأفارقة إنه يمكن قراءة الأمر من ثلاثة جوانب أولها الحد من تسلل الأفارقة من القرن الأفريقي كونه يمثل جزء من المشاكل الداخلية لليمن خصوصا مع ظهور عدد منهم كمرتزقة يشاركون في الحرب كما حدث في صعدة إضافة إلى انخراطهم في صفوف الحراك الجنوبي وغيره من المشاكل.

يضيف الشرعبي:quot;الوجه الثاني لهذا القرار هو محاولة الحد من تهريب الأسلحة والمخدرات بعد أن أصبحت اليمن مايشبه محطة عبور لتجار السلاح والمخدرات إلى المنطقة بكاملها، وزاد الضغط الدولي عليها لتعمل على إيقاف هذا الأمر لكونه يؤثر على المنطقة ككلquot;.

أما الوجه الثالث للقرار فإنه ndash;حسب رأي الشرعبي- فإنه مرتبط بالتنظيمات الإرهابية خصوصا بعد إعلان تنظيم الشباب المجاهد قدومه لمناصرة تنظيم القاعدة في اليمن في ديسمبر الماضي ضد الحكومة اليمنية.

ويشير الشرعبي إلى أن جهود اليمن لاتكفي لإيقاف ذلك التدفق مؤكدا على ضرورة إقامة قوة خفر سواحل تستطيع الحفاظ على أمن السواحل الطويلة -2400 كيلومترا- والتي أصبحت عبئا على اليمن بدلا من أن تكون أهمية استراتيجية تخدم البلد، موردا إن خفر السواحل تعمل بإمكانات بسيطة جدا.

الشرعبي كان قد قام بجولات ميدانية في الصومال عدة مرات والتقى القادة الحكوميين وزعماء القبائل وقادة عدد من التنظيمات الجهادية حيث قال إن الجهاديين في الصومال لم يعودوا صوماليين فقط وإنما أصبح عدد كثير منهم من جنسيات أجنبية متواجدين بكثرة.

وأكد أن عدد كبير منهم من ذوي السحنات المختلفة يمكن مشاهدتهم اليوم في شوارع الصومال منهم من يقود جماعات و منهم من هو منظم وبينهم عدد لابأس به من أصول وجنسيات أوروبية. ويشير إلى أن التنظيمات الجهادية في الصومال أصبحت تعمل في ساحة خالية من أي تهديدات حيث تقوم بإنشاء الإذاعات وتوزيع الكاسيتات الدينية وتقوم بالحملات الدعائية دون أي خوف.

ولفت إلى أن الأساطيل المتواجدة في البحر لن تحل كل الإشكالات في الصومال معتبرا أن الأهم للصومال هو دعمها لإقامة دولة أما الإبقاء على الواقع الحالي لايمكن أن يكون إلا أشارة خضراء لنمو الجماعات المتطرفة، موردا أن إعلان القاعدة في وقت سابق بنقل المعركة إلى البحر ربما ستكون يوما ما حقيقية وفاعلة.

وحول موضوع اللاجئين في اليمن يلفت الشرعبي إلى موضوع خطر كما يرى وهو أن غالبية النازحين من الصومال إلى اليمن هم مما أسماه quot;جيل مابعد الدولة في الصومالquot;.

ويتابع: هؤلاء معظمهم من سن العشرينات وهم قد ولدوا وعاشوا في ظل عدم وجود دولة بعد أن سقط النظام الصومالي السابق بزعامة محمد سياد بري في عام 1991 ليتربوا ويعيشوا في فوضى، بدون تعليم أو ثقافة أو ضوابط قانونية أو أي من أشكال الدولةquot;.

وقال: quot;اليمن استقبلتهم بطريقة عاطفية دون أن تقوم ببرنامج تأهيل موازي لكي يتمكنوا من الإنخراط في المجتمع في ظل وجود نظام وقانون ويصبحوا جزء من اليمن، وكذلك نخلى المجتمع الدولي عن اليمن ليتركها تصارع مشاكلها الداخلية إلى جوار هذه المشكلة دون تقديم العون اللازمquot;.

وأضاف إنه quot;لايوجد أي جهة لإدارة شؤون اللاجئين اليوم في اليمن باستثناء إدارة لتسجيل اللاجئين فقط بالتعاون من مفوضية شؤون اللاجئين الدولية، كما لا توجد أي جهود أخرى على مستوى تنظيم توزيع المعونات وكذلك التأهيلquot;.

إشكالية أخرى تضاف إلى أزمات اليمن حيث لم تستطع الوقوف لاسترداد أنفاسها منذ زمن طويل حيث يغلق باب وتفتح أبواب لأزمات تتراكم على مر القرون لتصبح كارثة جديدة في ظل وضع اقتصادي ومعيشي يزداد صعوبة يوما بعد آخر.