يكثر الحديث في الآونة الأخيرة في بيروت، عن الزيارة المحتملة المرتقبة لوليد جنبلاط إلى دمشق، حيث رجّحت بعض المصادر لـ quot;إيلافquot;، أن زيارته لسوريا مرتبطة بشروط وضعتها القيادة السورية، ومنها تراجعه عن شهادته أمام لجنة التحقيق الدوليّة في قضية إغتيال الحريري .

بيروت: quot;لا تنسوا يا شباب أن لولا وليد جنبلاط لما كانت حصلت 14 آذار( مارس) quot;. عبارة ما انفك سمير فرنجية، النائب السابق والعقل المفكر في quot;ثورة الأرزquot; يكررها، كلما أتى أحد على ذكر الزعيم الدرزي أمامه. quot;البيك الأحمرquot; فرنجية قبل الجراحة التي خضع لها أخيرا وتكللت بالنجاح وبعدها، يذكّر دوما رفاقه وجلساءه بأنه أعلن مع جنبلاط من منزله في كليمنصو quot;انتفاضة الإستقلالquot; ودعوا اللبنانيين إلى التحرك في شباط ( فبراير) 2005 ، وquot;لولا جنبلاط لكان وضع لبنان لا يزال أسوأ بكثيرquot;. ليتدارك ورفاقه في quot;الأمانة العامةquot; بالقول: quot; لكننا نختلف معه في التحليل وقراءة الوضع السياسي، لا سيما على مستوى المنطقةquot;.

إلا أنهم يقطعون الطريق على من يسألهم تحديدا لموقع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الراهن، وهل يعتبرونه انتقل إلى الوسط أم انتقل إلى فريق 8 آذار(مارس) الذي يترأسه quot;حزب اللهquot; أم أنه لا يزال واحدا من أركان 14آذار، وإن اختلفت مواقفه وتعابيره. ويبدو واضحا أنهم متفقون على موقف واحد هو عدم ترك أنفسهم يُستدرجون إلى أي نوع من السجال مع جنبلاط الذي quot;يحبونهquot; ويتتحدثون عنه بود، quot;رغم كل شيء، حتى لو انتقدهم بقسوة بين وقت وآخر واستخدم تعابير تهكمية لاذعة.

وفي ما مضى كان فرنجية عندما يُسأل عن جنبلاط يشبهه بالدجاجة التي تحاول أن تحمي صيصانها بأي طريقة، ويقصد طائفته الضئيل العدد ولكن الفعّالة والتي تستمد وزنها من قوة دورها في التاريخ وتماسكها، لو بالحد الأدنى في أصعب الظروف . طائفة أثبتت الأحداث أنها تمحض زعيمها وقائدها جنبلاط ولاءها وثقتها، ليس في لبنان وحده، بل أيضاً في سورية والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقول أصدقاء لجنبلاط ممن يخالفونه الرأي راهنا في الموقف من سوريا وسلاح quot;حزب اللهquot; خصوصا، إنه وحده بين الزعماء اللبنانيين يستطيع الإلتفاف على مواقفه 180 درجة من غيرأن يخشىأي انعكاسات سلبية عليه، لأنه زعيم بحق في طائفته. إلا أنه في المقابل يخسر على المستوى الوطني العام ، بعدما كان في 14 آذار زعيما عابرا للطوائف والمناطق اللبنانية كافة.

لكن الصورة تختلف في المقلب الآخر، فباستثناء مشاعر الإرتياح التي يبديها سياسيو تحالف 8 آذار( مارس) حيال خروج جنبلاط من قوى آذار، لا يبدي هؤلاء وداً في الحديث عن جنبلاط، إذ يعتبرونه رجلاً متقلباً لا يؤمن له، ويعتبرون أن ما حصل بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري كان انقلاباً يُسأل عنه جنبلاط بالدرجة الاولى. فلا يتخيّل أحد أن الشارع السنّي كان يمكن أن يواجه بعد الضربة الكبيرة التي تلقاها بجريمة الإغتيال تلك لولا أن جنبلاط تولى القيادة موقتا وقرر قلب الطاولة رأساً على عقب .

ويقول سياسي لـ quot;إيلافquot; إنه لم يعتقد يوما بأن القيادة السورية قد تستقبل الزعيم التقدمي مجددا ، وذلك على رغم كل ما يتردد حتى اليوم في هذا الشأن، ورغم سيل الشائعات والأخبار اليومية عن اقتراب موعد زيارته لدمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد الذي قال فيه جنبلاط ما لم يقله مالك في الخمرة. وحتى لو اعتذر الرجل لاحقاً وقال تكراراً quot; أخطأت ، وجلّ من لا يخطىءquot;.

ويقول لـ quot;إيلافquot; مسؤول في أحد الأحزاب اللبنانية الموالية، أو المؤيدة بشدة للقيادة السورية، إنه علم خلال إحدى زياراته للعاصمة السورية من أحد المسؤولين هناك أن والدة الرئيس السوري أنيسة الأسد، التي تحظى باحترام كبير في الأسرة، عندما سمعت باحتمال أن يزور جنبلاط دمشق ذكّرت نجلها رئيس الجمهورية بأن الرجل تناول والده الراحل حافظ الأسد في حملاته الخطابية والإعلامية والصحافية اللاذعة ووصفه بما لا يليق، وأنه حر كرئيس للجمهورية بأن يستقبله لكنها لا تسامح من تعرض لذكرى زوجها الراحل.

وينقل المسؤول الحزبي عن بعض جلساء جنبلاط أن الرجل قرر يوم 7 أيار/( مايو) 2008 أن يعمل ما لا يُعمل لتجنيب إحراق الجبل، وقراره نهائي وهو مستعد لدفع أي ثمن لقاء ذلك. إلا أنه يستبعد أي صحة لما تردد في بعض وسائل الإعلام عن تحديد دمشق ثلاثة مواعيد تم إلغاؤها لاحقا لاستقبال دمشق، وكان ذلك عبر الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله الذي يتولى العلاقة بين الزعيم الدرزي والقيادة السورية، وذلك لأن نصرالله يحظى عند تلك القيادة بتقدير لا يوصف، خلافاً لبعض السياسيين اللبنانيين الذين يدعون امتلاكهم موقعا مميزا في دائرة القرار السوري.

أما عما تردد عن شرط وضعته القيادة السورية لاستقبال جنبلاط وهو تراجعه أمام المحكمة الدولية عن الإفادة التي أدلى بها أمام لجنة التحقيق الدولية واتهم فيها القيادة السورية باغتيال الحريري ، فيقول المسؤول الحزبي إن quot;كل شيء ممكن، ربما. ولكن لا أعرفquot;. ويختم : quot; فلننتظر ما سيقول في ذكرى اغتيال والده ( الزعيم الراحل كمال جنبلاط ) في 16 آذارquot;.