بيروت: كأعداء يلائم بنيامين نتنياهو ومحمود أحمدي نجاد بعضهما بعضاً جيداً بشكل غريب. ويبدو أن رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يزودان أحدهما الاخر بالذخيرة الكلامية ليثيرا المخاوف التي تعزز موقفيهما في السياسة الداخلية وغيرها.

فيما بينهما يختبران بعناد حدود نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ويقوضان quot;البداية الجديدةquot; في العلاقات بين أميركا والمسلمين التي اقترحها الرئيس باراك أوباما في خطاب بليغ ألقاه بالقاهرة قبل تسعة أشهر.

ويجادل نتنياهو بأن إيران تسعى الى امتلاك قنبلة نووية لتحقيق الامنية التي أعلنها أحمدي نجاد وهي تدمير اسرائيل. وهو يقول ان مواجهتها تجب أهمية المحاولات التي تقودها الولايات المتحدة لاحياء عملية السلام مع الفلسطينيين والعرب.

وبالنسبة لأحمدي نجاد الذي يقول ان طموحات إيران النووية سلمية بحتة فان اي انهيار للوساطة الأميركية يدعم مبدأه وهو أن المقاومة المسلحة وليس المفاوضات هي السبيل الوحيد لاستعادة الاراضي التي تحتلها اسرائيل خاصة القدس. وتلقى نداءاته الانفعالية للمسلمين للدفاع عن المدينة المقدسة ايضا عند اليهود والمسيحيين صدى في أنحاء العالمين العربي والاسلامي وعند الكثير من الفلسطينيين.

وبالتالي فإن خطط اسرائيل لبناء 1600 منزل اضافي لليهود على أراض بالضفة الغربية ضمتها الى القدس - والتي أعلنتها الاسبوع الماضي خلال زيارة لاسرائيل قام بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن - أغضبت جمهور أحمدي نجاد المفضل. كما سببت عاصفة دبلوماسية مع واشنطن التي ربما يكون نجاحها الضئيل الذي حققته في دفع الفلسطينيين نحو محادثات سلام غير مباشرة قد تبخر في الهواء.

وأشار محمود عباس يوم الاربعاء الى أنه لن تكون هناك quot;محادثات عن قربquot; ما لم تجمد اسرائيل جميع أنشطة البناء الاستيطانية. وعبر نتنياهو عن أسفه عما وصفته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأنه سلوك quot;مهينquot; لكنه لم يلغ الخطة. بدلا من هذا رفض اي قيود على الاستيطان اليهودي داخل وحول القدس في كلمة انطوت على تحد ألقاها أمام البرلمان يوم الاثنين.

وكتب الصحفي الاسرائيلي اكيفا ايلدار في صحيفة هاارتس الليبرالية يقول quot;أحمدي نجاد مبتهج وهذا له ما يبرره... القدس هي الساحة المفضلة لإيران وحلفائها الاقليميين للاشتباك مع الولايات المتحدة وحلفائها بالشرق الاوسط.quot;

وتظهر إيران نفوذا بالمنطقة جزئيا من خلال دعم الجماعات الاسلامية المتشددة مثل جماعة حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) التي تسخر من محادثات السلام بين اسرائيل والرئيس الفلسطيني المدعوم من الغرب محمود عباس.

وسيمثل فشل الولايات المتحدة في الوساطة لاستئناف مفاوضات للسلام من اي نوع انتصارا لأحمدي نجاد الذي يصور نفسه على أنه زعيم للمقاومة ضد quot;الهيمنةquot; الأميركية الاسرائيلية بالمنطقة. كما أن اندلاع توتر بشأن القدس سيصعب على واشنطن حشد تأييد عربي لفرض عقوبات اكثر صرامة على إيران.

ويعتبر أوباما محادثات السلام في الشرق الاوسط ضرورية من أجل المصالح الأميركية الاوسع نطاقا ومن بينها جهود مكافحة تنظيم القاعدة وتحقيق الاستقرار للعراق وأفغانستان وعرقلة أي مسعى إيراني لامتلاك أسلحة نووية واعادة ضبط العلاقات الأميركية مع العرب والمسلمين في أنحاء العالم.

ويعقد تجدد التوتر بالشرق الاوسط مسعى أوباما للسيطرة على الصراع هناك بينما يواجه مجموعة من التحديات الاخرى التي تتنافس على اهتمامه في الداخل والخارج. وقال المحلل السياسي اللبناني أسامة صفا quot;لا أعتقد أن الرئيس لديه الوقت أو الطاقة لهذا الان. لديه اقتصاد بالكامل لينقذهquot; مضيفا أن واشنطن تريد كسب وقت على صعيد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني حتى تستطيع التركيز على إيران.

وأضاف quot;انهم يحاولون تحقيق توافق دولي وفرض عقوبات يرجح أن تثير رد فعل عنيفا من الإيرانيين. وبالتالي اذا كانوا يستطيعون الابقاء على سير عملية السلام ولو على الطيار الالي على الاقل - حتى مع عدم تحقيق اي شيء - فانهم على الاقل يهدئون تلك الجبهة.quot;

لكن خلافا بشأن القدس يذكي المواجهة الاوسع نطاقا بين إيران واسرائيل ربما يلائم نتنياهو وأحمدي نجاد على حد سواء. وقد يساعد الزعيم الاسرائيلي على الحفاظ على ائتلافه اليميني واقفا على قدميه ويعزز جاذبيته بين الاسرائيليين الذين يخشون إيران غير أن كثيرين سيشعرون بالقلق اذا أضرت سياساته بالعلاقات مع أميركا.

ويستغل أحمدي نجاد التهديد بشن هجوم عسكري اسرائيلي أو أميركي ضد مواقع إيران النووية لحشد المشاعر الوطنية وتنحية تحديات المعارضة لشرعيته جانبا. في الوقت نفسه فان المأزق الذي يمر به أوباما يزداد حدة اكثر من أي وقت مضى لانه يسعى الى تجنب الحرب مع إيران وانقاذ بعض الزخم نحو تسوية الصراع بالشرق الاوسط تكون القدس محورها.

وقد شهد رفض عروضه بالحوار والاتفاقات النووية من قبل أحمدي نجاد مما دفع الولايات المتحدة للسعي لفرض عقوبات اكثر صرامة على إيران حتى ولو كان ذلك لاثناء اسرائيل عن مهاجمة إيران وهو التحرك الذي يحمل مخاطر اشعال حريق بالمنطقة.

كما أثبت نتنياهو أنه لا يتزعزع. وجاءت مماطلته في مطلب أوباما العام الماضي بأن توقف اسرائيل بناء جميع المستوطنات لمصلحة السلام لتؤكد للكثير من العرب أن الولايات المتحدة لن تقف في وجه اسرائيل. والان تتعرض مصداقية أميركا ومصالحها مجددا للخطر بسبب تعاملها مع صراع يثير المشاعر ويؤثر على حكومات تبعد عن الارض المقدسة بمسافات كبيرة.

وقال الجنرال الأميركي ديفيد بتريوس الذي تشمل منطقة القيادة المركزية التي يرأسها إيران وأفغانستان والعراق ومعظم العالم العربي عن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني يوم الثلاثاء quot;من الواضح أن التوترات والقضايا وهلم جرا لها أثر هائل.quot; وأضاف quot;انها تحدد السياق الاستراتيجي الذي نعمل فيه داخل نطاق مسؤولية القيادة المركزية.quot;