يهدف المهرجان البحري، الذي يعتبر واحدًا من بنات أفكار سيدة قطر الأولى الشيخة موزة المسند، إلى تذكير شبان الأمارة الغنية بالغاز بماضيهم القاسي قبل أن تتحوّل بلادهم إلى ورشة صناعية، بينما تتمحور استراتيجية الشيخة موزة في الاستثمار في التعليم والصحة لأنهما المستقبل دون نسيان الماضي.

الدوحة: يحمل عبد العزيز اسحاق، مدير قسم الإعلام في المهرجان البحري القطري، صور فوتوغرافية متعدّدة هي الدليل على الإنجاز الذي يفخر به. في المجموعة الأولى من الصور يظهر شاطئ بحري متسخ تغطيه الحشائش الصغيرة وعلب المحارم الورقية وبقايا مخلفات الأطعمة، بينما يظهر الشاطئ في المجموعة الثانية من الصور وقد تحول إلى مسرح مفتوح تم بناؤه على أحدث طراز.

يقول إسحاق بابتسامة الواثق وهو يظغط بأصابعه على الصور التي تبين الشاطئ وقد بنيت عليه شاشة عرض سينمائي وبيوت تراثية تحاكي مساكن الدوحة قبل ثورة النفط والغاز: quot;كل هذا فقط في 35 يومًا. صنعناه من جديد بعد أن كان مثالاً للفوضى، وهو عمل إشترك فيه شبان قطر ليكون تحفة فنية في يوم الإفتتاحquot;.

ويهدف المهرجان البحري، الذي يعتبر واحدًا من بنات أفكار سيدة قطر الأولى الشيخة موزة المسند، إلى تذكير شبان الأمارة الغنية بالغاز بماضيهم القاسي قبل أن تتحول بلادهم إلى ورشة صناعية تتناثر على ضفافها الأبراج المكتبية الضخمة والفنادق الجديدة التي من الصعوبة أن تجد غرفة شاغرة في أي منها دون حجز مسبق نتيجة لزحام المؤتمرات والاحتفالات.

وتتمحور استراتيجية الشيخة موزة في الاستثمار في التعليم والصحة لأنهما المستقبل دون نسيان الماضي؛ فهي تحارب كل ما من شأنه هدم التقاليد من خلال مبادرتها quot;نحو فضاء إعلامي مسؤولquot; التي دعمها حكام الخليج رسميًّا خلال قمتهم الأخيرة، وهي لا تمانع في أن تحول الدوحة إلى محمية تعليمية تحوي أهم الجامعات للاستثمار في شباب الغد.

وما بين وجه قطر المزعج، الذي يحبه الصحافيون على أية حال، والذي كان يمثله الشيخ حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء، وبين وجه quot;قطر الجديدةquot; المسالم الذي تمثله الشيخة موزة، فاصل بين صورة قطر كدولة تسبب الصداع للدول المجاورة، وبين صورتها كنموذج اقتصادي يثير الإعجاب من الإقربين قبل الأبعدين في الغرب النائي من خريطة العالم.

وفي منطقة من الصعوبة فيها تحول السياسيين إلى نجوم، خصوصًا بعد أفول النجم الأخير جمال عبد الناصر، حيث لكل عربي رأيه السلبي الخاص في كل زعيم أو شخصية سياسية، بدت هذه السيدة الأنيقة مثار إعجاب إلى حد الهوس من قبل جيل جديد ينشد التغيير في الخليج العجوز سياسيًا في مجمله.

يقول فهيد اليامي، وهو صحافي في صحيفة quot;شمسquot; السعودية، عن دور الشيخة موزة في النهضة القطرية :quot; وراء قطر أمرأة عظيمة استطاعت ان ترسم مستقبل المرأة القطرية من خلال توجيهاتها عبر منحها مساحة من الحرية لتبدعquot;. ويضيف اليامي وهو يتحدث من بهو فندق quot;جراند ريجنسيquot; الهادئ:quot; إنها نموذج مثير للإعجاب quot;.

ونظرًا إلى نشاط الشيخة السلمي في مجالات التعليم والتنمية وبعدها عن العمل السياسي المباشر فإنها ضمنت خلو أسمها من قائمة أعداء أي دولة في الخليج أو العالم العربي. وهي منهمكة في صناعة جيل قطري جديد يستحق أن يمثل الرؤية الجديدة للبلاد.

وعلى عكس مسؤولين آخرين في ماكينة الحكم القطرية لم تصدّر الشيخة نفسها على أنها شخصية مثيرة للجدل مما جعلها بعيدة تمام البعد عن عمليات القصف الإعلامي المتبادل بين الدوحة ومناهضيها طوال السنوات الماضية.
وتعدت شهرة الشيخة موزة الحدود إلى الجوار في المملكة العربية السعودية بعد زيارة quot;الفتح المبينquot; التي قامت بها إلى الرياض بدعوة رسمية من ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز. والدعوة كانت لافتة إذ إن أصحاب المقامات العالية في الرياض لم يسبق لهم دعوة إمرأة خليجية على هذا المستوى وبهذا الحجم إلى بلادهم لتكون ضيفة الدولة لأيام متعدّدة.

أما الإهتمام الإعلامي فكان على أعلى مستوياته لدرجة شهدت عودة شيخ الصحافيين السعوديين، رئيس تحرير صحيفة الرياض تركي السديري إلى اجراء المقابلات الصحافية بعد سنين طويلة من الغياب، وكانت النتيجة حوارًا قالت فيه شيخة قطر إن quot;وجود الملك عبد الله كقائد يتزعم الجزيرة العربية يشعرنا بالتفاؤلquot;.
كما أنها لم تنس القيام بزيارة لجامعة تحمل أسم شخصية نسائية مهمّة في المملكة، وهي عفت الثنيان، حرم الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، خصوصًا أنهما يحملان الكثير من القواسم المشتركة أهمها أنهما كانتا خلف نهضتين عظيمتين، وقادتا دورًا تنويريًا مؤثرًا في محيطهما.

وكانت تلك إشارة الإشارات إلى أن الفصل الذي فتحته الشيخة موزة في خطتها التحديثية لم ينته بعد، والذي كان يبتغى منه الترويج لمعجزة quot;قطر الجديدةquot; في الإقتصاد والتعليم والصحة والمستقبل.