مبارك مستقبلا الحريري في لقاء سابق

بيروت: لماذا جاء وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على عجل إلى بيروت السبت الماضي؟ ولماذا سارع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في الإنتقال اليوم الثلاثاء إلى شرم الشيخ حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك ما دام أبو الغيط أبلغ من التقاهم أنه لا يحمل جديدًا ولا أسرارًا ولا معلومات جديدة عن أي شيء؟ السؤالان عن هذين التطورين شغلا الأوساط السياسية في بيروت؟

من غير أن تروي غليلها بمعرفة ما يجري بين بيروت والقاهرة بالتفصيل ربط المتابعون في لبنان الزيارتين الغامضتي الهدف بإصدار محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) في القاهرة غدًا حكمها في قضية quot;خلية حزب الله في مصرquot; التي تضم 26 متهمًا من جنسيات عربية مختلفة ويقودها عنصران منquot; حزب اللهquot; هما محمد قبلان ومحمد يوسف منصور المشهور بـquot;سامي شهابquot; المعتقل في مصر. علمًا أن صدور الحكم الذي سيكون نهائيًا ولا يمكن الطعن به، يسدل الستار على هذه القضية بعد ستة أشهر من المحاكمة وينتهي المسار القضائي لتدخل القضية، ربما، في quot;مسار سياسيquot; والبحث عن تسويات ممكنة، وعلمًا أيضًا ان لرئيس الجمهورية المصرية دون غيره سلطة التصديق على الحكم كما هو أو اعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة محاكمة أخرى أو تخفيف الحكم.

تأتي هذا التطورات في ظل أسئلة أيضًا عن أسباب إرجاء زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لمصر، في حين يؤكد دبلوماسيون عرب في لبنان أن حصول الزيارة quot;محسومquot;، ولكن يجب أن تسبقها اتصالات وتحضيرات نظرًا لأهميتها وانعكاساتها التي لا تقتصر على العلاقة بين البلدين، ولتبديد ما كان يعتريها من توتر وفتور، ويلفت هؤلاء إلى ان التقارب السوري المصري سيكون له انعكاس مباشر في اتجاهين: المصالحة الفلسطينية وموقف quot;حماسquot;، وعودة الروح الى المثلث المصري السوري السعودي.

وكان أبو الغيط حريصًا في لقاءاته في بيروت، على ما ذكر أحد السياسيين الذين التقوه لـ quot;إيلافquot;، على عدد من الأمور، أبرزها نفي أي دلالة استثنائية لزيارته في هذا التوقيت على تقاطع مع التصعيد السياسي والإعلامي المتعدد الطرف حول لبنان، وكان حريصًا أيضًا على نفي حمله أي رسالة قد تكون مصر تبلغتها من إسرائيل، وكان حريصًا على طمأنة لبنان الرسمي واللبنانيين عمومًا إلى أن الحرب ليست داهمة وإن القلق اللبناني في هذا الشأن قد يكون مبالغًا به حاليًا، كما كان حريصًا على إشارات إيجابية في اتجاه سورية.

ولوحظ في هذا السياق أنه استهزأ برواية صواريخ quot;السكودquot;، وقال إن الرئيس بشار الأسد مرحب به بداهة في مصر، وأشار إلى أن القمة المصرية ndash; السورية عندما تحصل سيكون لها quot;مفعول السحرquot; على الوضع العربي. ولفت إلى ان quot;العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز لم يزر مبارك بعد، لكن الزيارة ستتم بالتأكيدquot;، وذلك في تلميح الى ان زيارة الاسد لن تحصل قبل زيارة الملك عبدالله، نافيًا quot;وجود أي شروط مسبقة تعوق حصول هذه الزيارة سواء لجهة علاقة سوريا بإيران أو لأي أمر آخر، إذ يحق لكل دولة ان تقيم علاقات تعتقد انها مفيدة لهاquot;.

وعلى الرغم من ذلك، لم يبدُ من كلامه أن القمة المصرية ndash; السورية ستنعقد قريبًا، أو أن مواضيع أساسية في الخلاف المصري ndash; السوري، مثل ملف المصالحة الفلسطينية، قد حلت أو في طريقها إلى الحل. مع العلم أنه رفض اعتبار العلاقات السورية ndash; الأميركية سيئة مشددًا على أن التصعيد الأميركي الأخير حيال سورية إنما هو في واقع الأمر تصعيد quot;في إطار المسألة الإيرانيةquot;. ومن استمع إليه من الإعلاميين استنتج أن ثمة إشكالات في العلاقة المصرية ndash; السعودية (العراق مثلاً) مثلما لم يفكّ quot;لغزquot; توقيت الزيارة أصلاً.

وفي أي حال، كان لافتًا مهاجمة موالين وحلفاء لسورية في لبنان من كتّاب صحافيين وسياسيين لزيارة الوزير المصري، مما دفع إلى طرح مزيد من الأسئلة التي لم تلق جوابًا عنها بعد .
على أن أبو الغيط الذي سعى إلى quot;الطمأنةquot; في لبنان قائلاً إن لا حرب داهمة بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot;، تحدّث عن الصراع الدولي ndash; الغربي مع إيران الذي يملك قابلية التطور إلى حرب. والأرجح أنه كان يعبّر عن تقدير مصري بأن الوضوح في الرؤية الإقليمية لن يتبلور قبل انقضاء فترة أخرى بعد. وفي حديثه، أشار إلى أن الحكم في موضوع quot;خلية حزب اللهquot; في مصر بات وشيكًا، وسيكون مشدَدًا.

لكن هذه الأجواء لاقت ما يناقضها تمامًا. فقد ذكرت معلومات دبلوماسية أن أبا الغيط في زيارته التي لم تستمر سوى ساعات، أطلع أحد المسؤولين الكبار على معلومات مقلقة توافرت لدى مصر عن امكانية تعرض للبنان لاعتداء عسكري اذا انفجر الوضع الاقليمي، وتحديدًا مع ايران بشأن ملفها النووي.

وافادت المعلومات التي وردت الى بيروت انأبا الغيط تداول مع نظيريه الاسباني ميغيل انخل موراتينوس والفرنسي برناركوشنير في لوكسمبور امس الاثنين الاحتمالات المتزايدة لامكان إقدام اسرائيل على إشعال الوضع مع لبنان، على خلفية الإتهامات بتعاظم الترسانة الصاروخية لـquot;حزب اللهquot;، وآخرها ارسال سورية صواريخ من طراز quot;سكودquot;، على الرغم من تقليل ابي الغيط من اهميتها خلال زيارته لبيروت. ومن المعلومات ان الوزراء الثلاثة اتفقوا على تنشيط اتصالاتهم باسرائيل والولايات المتحدة وسواهما من اجل منع إسرائيل من شن حرب جديدة على لبنان.

وتناولت المناقشات سبل حماية لبنان اذا هاجمت اسرائيل منشآت نووية ايرانية او قررت اي دولة اخرى شن حرب على ايران. كما ان الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يشارك ابو الغيط في مخاوفه وقلقه ولكن ليس في الوقت المنظور، اذ يعتبر quot;ان الوضع في لبنان عادي، ولكن يجب التحسب والحذر من التطورات غير المتوقعة التي قد تحدث في المنطقة العربية وتنعكس على لبنان اولاًquot;.

في غضون ذلك،أعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط عن خشيته ازاء تدهور في الأوضاع في لبنان قد يؤدي الى وقوع مواجهة مسلحة على غرار ما وقع في صيف 2006.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي في تصريح صحافي اليوم ان أبوالغيط أكد فى رسالة وجهها الى وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون حول ما لمسه خلال زيارته الاخيرة الى لبنان على quot;اهمية الدور الأميركي لنزع فتيل التوتر وتجنب انزلاق الموقف الى مواجهة يدفع لبنان ثمنها دون مسؤولية من جانب الدولة اللبنانية فى التصعيد الحاليquot;.

وأضاف زكي أن أبوالغيط نقل للوزيرة الأميركية في رسالته القلق الذي يستشعره العديد من اللبنانيين ازاء التطورات الجارية والتصعيد الاعلامي وغيره من أشكال التوتر الذي ينذر بالخطر. وأكد ابوالغيط على وقوف مصر الى جانب اللبنانيين ورغبتها وسعيها لتجنيب لبنان أي مخاطر تهدد أبناءه واستقراره ومسار التنمية فيه.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية المصرية أن الوزير أبوالغيط وجه أيضًا رسائل في هذا الصدد الى كل من وزراء خارجية الدول الآخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن وعدد من الأطراف الدولية المعنية بالشأن اللبناني.

ولفت الى ان أبا الغيط أثار الموضوع ذاته أمس مع وزراء خارجية أوروبيين وعرب حيث أبدى الجميع اتفاقهم على ضرورة الاهتمام بتجنيب لبنان مخاطر التوترات الحالية