يبدو أن مفهوم السرية في المعلومات التي يعرفها مشرفو ومراقبو وموظفو التعداد في السعودية، هو نشرها في صفحات الجرائد اليومية ، ومنذ اليوم الثاني للتعداد السكاني في السعودية والتي انطلقت نهاية الأسبوع الماضي توالت نشر القصص الطريفة عن بعض السعوديين ، منهم من أُكتشف أمره بزواج من ثانية سراً وبعضهم مسياراً ، ومنهم من لا يعرف عن تواريخ ميلاد زوجته وأبنائه شيئاً، لكن الجميل في الموضوع هو تقبل المواطن السعودي لموظف التعداد مع ظهور تعاون تام وكامل من قبل المقيم .

أبها: في السعودية هذه الأيام ينشغل ما يقارب الأربعين ألف موظف هم من التعداد العام للسكان والمساكن، برصد كل ما يتعلق بالفرد السعودي والمقيم على حد سواء ، من خلال الكثير من الأسئلة التي يطرحونها هدفها جمع ونشر المعلومات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للسكان بهدف توفير متطلبات الدولة واحتياجات المخططين والباحثين من البيانات الأساسية عن السكان والمساكن التي تتطلبها خطط التنمية، وكذلك توفير إطار حديث لكافة الأبحاث الإحصائية المتخصصة التي تجرى بأسلوب العينة مثل بحوث القوى العاملة، ميزانية الأسرة، الخصوبة، والوفيات والهجرة ، إلى جانب إيجاد قاعدة عريضة من البيانات واستخدامها كأساس موثوق به في إجراء الدراسـات والبحوث التي تتطلبهـا برامج التنميـة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية ،بالإضافة إلى توفير البيانات والمؤشرات السكانية دوريا لقياس التغير الحادث في الخصائص السكانية مع مرور الزمن ، وإجراء المقارنات المحلية والإقليمية والدولية ، ومراجعة وتقييم التقديرات السكانية المستقبلية .

ورغم دعوات مسؤولي التعداد بأهمية تعاون المواطن والمقيم مع موظفيهم وإعطائهم المعلومات الصحيحة والتي ستكون في غاية السرية والخصوصية ، ظهرت الصحف السعودية منذ اليوم التالي لبدء التعداد عكس ذلك ، قصص كثيرة ينثرها الموظفون على الصحافيين ، والذين يقومون بدورهم في توظيف هذه المعلومات على شكل قصص أو أخبار صحافية.

ودليل ذلك ما نشر بان السعوديين لا يحفظون تواريخ ميلاد زوجاتهم ولا تواريخ ميلاد أولادهم على النقيض من غير السعوديين ، حيث لاحظ أحد موظفي التعداد أن غير السعوديين يذكرون تواريخ ميلاد الأسرة غيبا دون الحاجة إلى الرجوع للإقامة أو الجواز، في حين لا يحفظ السعوديون تاريخ ميلاد الزوجة والأبناء ويعتمدون اعتمادا كبيرا على دفتر العائلة لمعرفة ذلك.

وفي جانب آخر كشفت الزيارات التي قام بها الموظفون إلى المنازل والشقق والمساكن المختلفة عن مستوى الوعي لدى السكان من مواطنين ومقيمين ، في الوقت الذي واجه موظفو التعداد أيضا لحظات عصيبة من البعض وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالسؤال عن أسماء أفراد الأسرة من الإناث أو تواريخ الميلاد أو موجودات المنزل من الأجهزة الكهربائية أو المركبات أو حجم الصرف الشهري أو عدد العاملات المنزليات والسائقين الذين يعملون داخل المنزل ، كما واجه موظفو التعداد صعوبة في الحصول على معلومات وتسجيلها واستكمالها حيث لم يسمح كثير من السكان للموظفين بدخول منازلهم والجلوس معهم واضطر البعض منهم إلى القيام بتعبئة استمارات التعداد أمام المنزل مستندين إلى الجدران الخارجية أو الأبواب.

واعتذر بعض السكان أثناء زيارة الموظفين إلى المنازل عن الإدلاء بأية معلومات أو الإجابة عن الأسئلة التي تضمنتها الاستمارة الخاصة بالتعداد بأعذار واهية من قبيل أن وقت الزيارة ليس مناسباً نظراً لتعود البعض من أرباب الأسر على النوم عصراً أو ارتباطهم بمناسبات مختلفة كحفلات الزفاف أو الالتقاء مع الأقارب والأصدقاء في المنازل والاستراحات.

الجانب الأهم في حملة التعداد هو ما تكشف عن وعي ايجابي لدى الشباب بأهمية مشروع إحصاء السكان والمساكن والذي سجلت البلاد آخر إحصائية له قبل 12 عاماً. فقد أبدى الشباب حديثو الزواج ترحيباً بموظفي التعداد وأدخلوهم منازلهم وأدلوا بمعلومات دقيقة لجميع ما تضمنته الاستمارة من أسئلة.

ويشار إلى أن مشروع التعداد السكاني الحالي في السعودية يعتبر الأكبر في تاريخ البلاد حيث تم تكليف أكثر من 40 ألف موظف لإجراء التعداد في مختلف المناطق، وسيتسلم الموظفون مبلغ ربع مليار كمكافأة مقطوعة لهم خلال أيام التدريب والتعداد. كما خصصت فرق تجوب الصحارى لإحصاء البادية سواء كانوا مقيمين أو رحلا والاستعانة بالسيارات القادرة على الوصول إلى المناطق الجبلية والرملية أو الطائرات وتوجيه الفرق بأماكن تواجد السكان. كما يشمل المشروع إحصاء المساكن القائمة أو التي تحت الإنشاء، كما يشمل إحصاء المقيمين في مختلف تخصصاتهم وأعمالهم.

ما تضايق منه موظفو التعداد هو الكرم الموجود في كل بيت سعودي ، بعض المواطنين يصر على الموظف تناول وجبة الغداء أو العشاء ،وبعض المواطنين يصر أيضا على الموظف تناول المشروبات الساخنة والبادرة والتي تقدم مع التمر وأنواع متعددة من الحلويات ، ويبدو أن موظفي التعداد سيحرصون بعد نهاية عملهم إلى عمل ريجيم لينقصوا الكيلو غرامات التي اكتسبوها أثناء عملهم.