تسير صحيفة quot;لوموندquot; على نهج صحف عالميّة عرقية بعرض مطبوعتها للبيع بسبب الأزمة المالية، في خطوة تمثل مسمارًا جديدًا في نعش الصحف المطبوعة، وتحاول الصحيفة الفرنسية العريقة زيادة رأسمالها من أجل البقاء وذلك من خلال عرض الجزء الأكبر من أسهمها للبيع.

باريس: تستعد صحيفة quot;لوموندquot; الفرنسيّة اليوميّة، إحدى أكثر الصحف الفرنسيّة شهرة، للتخلي عن جزء من استقلالها خلال الأسابيع القادمة، بعد أن أدت الخسائر المتراكمة إلى إجبارها على طلب مشاركة مستثمر خارجي.

وقال اريك فوتورينو رئيس مجموعة لوموند اليوم في رسالة إلى القراء عبر الصفحة الرئيسة للصحيفة التي تديرها شركة يملكها صحافيو الجريدة على مدى 60 عامًا، إنها تسعى خلال الأسابيع الأخيرة إلى زيادة رأسمالها.

وأعرب عن توقعه وفقًا لما ذكرت وكالة رويترز، أن تأتي هذه العملية بنتيجة بحلول منتصف يونيو، ينجم عنها اختيار شريك جديد الذي سيحصل وحده أو مع شركاء آخرين على حصة الأغلبية في رأسمال المجموعة.

وأوضح أن مجموعة لاجاردير التي تملك 17 في المئة من مجموعة لوموند منذ العام 2005، أشارت إلى أنها ليست لديها نية لزيادة حصتها.

وأشار إلى أنه من بين المشترين المحتملين ناشرو quot;لو نوفيلquot; أو quot;بزرفاتورquot; الأسبوعية الفرنسية ذات التوجه اليساري ومجموعة quot;بريزاquot; الاسبانية للإعلام ناشرة جريدة quot;الباييسquot; اليومية، إضافة إلى مجموعة ثلاثية من المستثمرين من بينهم quot;بييربيرجquot; الشريك السابق لمصمم الأزياء الفرنسي الراحل ايف سان لوران، ومجموعة quot;رينجيهquot; السويسرية للإعلام ومجموعة أخرى طلبت عدم الكشف عن اسمها.
ولوموند ( بالفرنسية Le Monde ) تعني بالعربية (العالم ) حسب إحصاء 2004 تطبع 371,803 نسخة وتحظى بإحترام كبير ، ويمكن الحصول عليها بسهولة من البلدان الغير ناطقة بالفرنسية. وهي تختلف عن نشرة شهرية تسمى لوموند ديبلوماتيك، ويعتقد بعض النقاد أنها حاليًا متحيّزة ، في الماضي كانت كثيرًا ما توصف بالوسط اليساري، وفي العام 1981 دعمت انتخاب الإشتراكي فرانسوا ميتران ضد جاك شيراك على أساس أن التناوب السياسي للأحزاب في الحكومة من شأنه ان يعود بالنفع على فرنسا.

وجريدة laquo;لوموندraquo; التي فتحت موقعها للمرة الأولى سنة 1996، ظلت طويلاً لا تعيره أهمية كبيرة، ولا تعرض لقارئيها فيه سوى بعض الأرشيف والملّفات، ولم يتطوّر الموقع بصيغته الحالية إلا سنة 2001، حين بدأ يبثّ الأخبار بصفة آنية ومجانية ما عدا الأرشيف، كذلك الوضع بالنسبة إلى جريدة laquo;ليبراسيونraquo; التي فتحت موقعها سنة 1995، وlaquo;لومانيتيraquo; 1996، حيث لم يجرِ الاهتمام بتطوير خدمات هذه المواقع إلا في بداية 2000...

كما بقيت الصحافة الفرنسية طويلاً حريصة على الاحتفاظ ببعض أخلاقيات المهنة، كتفادي اللّجوء لأساليب تسويق معينة، مثل منح هدايا، والإعلان عن خصومات مقابل اشتراكات كما تفعل جارتها الإيطالية أو الإسبانية بكثرة...

يذكر أن الكثير من الصحف عرضت مطبوعاتها للبيع، فيما تحوّلت صحف أخرى إلى نسخ إلكترونية، بينما أغلقت ثالثة أبوابها بالكامل.

وميض الصحف الأميركيّة يتلاشى

وقد أطلق أندرو ألكسندر المحرر في خدمة quot;واشنطن بوستquot; قبل أيام سؤالاً عما اذا ستتمكن quot;الصحيفةquot; في نسختها المطبوعة من البقاء؟ في محاولة لتخفيف الانهيار المتفاقم للصحافة الورقية حيال المطبوعات والخدمات الالكترونية على الانترنت.

وتتفاقم الاسئلة في وقت أعلنت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; اقفال مكاتبها المحلية في مختلف المدن والابقاء على مكتبها الرئيس بقدرة محرّريها تغطية جميع الاحداث من واشنطن وحدها.

وأعلنت إدارة الصحيفة التي تعاني من ضائقة مالية انها ستقفل ما تبقى من مكاتب محلية لها في مختلف الولايات الاميركية.

وأوضحت الصحيفة ان المراسلين الستة الذين يعملون في نيويورك ولوس أنجلس وشيكاغو سيعرض عليهم الانتقال إلى واشنطن في حين سيتم تسريح ثلاثة مساعدين إخباريين.

وقال رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة ماركوس براوتشلي، quot;الواقع انه بإمكاننا إجراء تغطية إعلامية فعلية من واشنطن لما يحدث في باقي البلادquot;.

وتكبّدت شركة quot;واشنطن بوستquot; مالكة الصحيفة في الفصول الثلاثة الأولى من العام الجاري خسائر بـ 166.7 مليون دولار.

واستجابت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; للضغط الإلكتروني المتصاعد، عندما قررت التوقف عن اصدار عددها الاسبوعي الخاص بعدما انخفضت نسبة مبيعاته.

ويتضمن العدد الاسبوعي من صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الذي اطلق قبل 25 سنة مقالات تواكب الاحداث الراهنة وتحقيقات ومقالات نقد أدبي فضلاً عن افتتاحيات ومنابر رأي الى رسوم كاريكاتورية مأخوذة من اعداد الصحيفة اليومية.

وقال اندرو الكسندر ممثل واشنطن بوست: quot;إن مبيعات العدد الاسبوعي من هذه الصحيفة تراجعت خلال عشر سنوات من 150 ألف نسخة الى عشرين الفًا، وبالتالي ستتوقف الصحيفة عن اصداره بحلول نهاية السنةquot;.

ويعول الكونغرس الاميركي على عودة الصحافة الورقية الى الواجهة بما تبقى من أشهر العام 2010 وتلافي مسببات تقليصها وضعف قدرتها على التنافس مع الصحافة الالكترونية عبر تشجيع الوكالات الفيدرالية على اتخاذ خطوات مبدئية تحفز عودتها الى القارئ.

وستعقد لجنة متخصصة في الكونغرس الاميركي جلسة استماع غير مسبوقة في شهر كانون الاول- ديسمبر حول أزمة الصحف الاميركية واسباب تقليص هيئات التحرير وإغلاق مكاتب المراسلين وتوقف عشرات الصحف المحلية عن الاصدار.

وتنظم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الى صحيفة نيويورك تايمز الاميركية، التي أعلنت انها تنوي الغاء وظائف 100 صحافي قبل نهاية السنة، اي 8% من عناصرها في التحرير.

وقال بيل كيلر رئيس التحرير في مذكرة الى المحررين نشرتها الصحيفة quot;اذا لم نتوصل الى استقالة 100 موظف عبر الخطة فسنضطر الى اجراء عمليات صرفquot;.

وقررت دار النشر الاميركية quot;كوندي ناستquot; غلق اربع مجلات تابعة لها هي quot;كوكيquot; وquot;غورميquot; وquot;مودرن برايدquot; وquot;ايليغانت برايدquot; أثر الازمة الاقتصادية المتصاعدة والانطلاق السريع الذي يحققه الانترنت في خدمة المستخدم على حساب القارئ.
وأكد متحدث باسم المجموعة معلومات اغلاق المجلات التي تداولتها صحف اميركية.

الأندبندنت بيد جاسوس روسي

اشترى الملياردير الروسي والجاسوس السابق في الاستخبارات السوفييتية quot;كي.جي.بيquot; ألكسندر ليبيديف صحيفة quot;الإندبندنتquot; البريطانية التي تعاني من مشاكل مالية كبيرة بمبلغ وقدره جنيه إسترليني واحد، و‬يملك ليبيديف الصحيفة اليومية الروسية quot;نوفايا‮ ‬غازيتاquot;، كما اشترى العام الماضي‮ ‬صحيفة‮ quot;إيفننغ‮ ‬ستاندارد‮quot; ‬اللندنية وقرر توزيعها مجانًا، ويعد الملياردير الروسي المالك الرابع للصحيفة التي تعرضت لخسارات مالية حادة بالإضافة الى تملّكه الملحق الذي يصدر الأحد quot;إندبندنت أون صندايquot;.

وتمّت العملية بعد أشهر متعددة من المفاوضات بعد الحصول على موافقة شركة النشر المالكة quot;إندبندنت نيوز اند ميدياquot; (اي.ان.ام) ومقرها دبلن بأيرلندا.

وقد أعرب ليبيديف (50 سنة) في نيسان (أبريل) 2009 عن رغبته في شراء الصحيفة البريطانية، ولكن انقطعت المفاوضات بينه وبين الشركة المالكة الصيف الماضي، لإتاحة الفرصة لإعادة التفاوض حول الديون الضخمة لتعود في كانون الأول (ديسمبر) المنصرم وتمخضت عن بيع الصحيفة للملياردير الروسي والجاسوس السابق والذي تقول وسائل الإعلام البريطانية إن ثروته تناهز 2,2 مليار جنيه.

وتلزم الصفقة شركة النشر المالكة quot;إندبندنت نيوز اند ميدياquot; (اي.ان.ام) بدفع 9.2 مليون جنيه استرليني الى المالك الجديد quot;اندبندت برنت ليميتدquot; والتي أسسها ليبيديف في غضون 10 أشهر، على أن يقوم رجل الأعمال الروسي بسداد ديون الصحيفة، التي بلغت خسائرها 12.4 مليون جنيه إسترليني خلال العام الماضي والتي دفع ليبيديف مقابل الحق في نشرها مبلغًا رمزيًا يعادل جنيهًا استرلينيًا واحدًا.

وسبب تراجع عدد النسخ التي توزعها الإندبندنت التي صدرت سنة 1986، لخسارة مالية كبيرة ما دفع بمالكيها الى تسريح عدد من الموظفين.

وتصدر مجموعة quot;اندبنت نيويز اند ميدياquot; المالكة لصحيفة quot;الاندبندنتquot; أكثر من 200 صحيفة ومجلة حول العالم بما فيها quot;دينيك جغرانquot; الهندية، وquot;هيرالدquot; النيوزيلندية وquot;إندبنت الايرلندية.

وكانت إشاعات في شهر شباط (فبراير) الماضي 2010 مفادها أن الملياردير المصري سميح ساويرس سيشارك ليبيديف في صفقة شراء الصحيفة، الأمر الذي نفاه ساويرس وبشدة.

وصرّح المالك الروسي الجديد بأنه سيؤسس وبالشراكة مع الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف مؤسسة نوفايا الإعلامية المستقلة والتي ستكون مؤسسة غير ربحية هدفها دعم المشاريع الإعلامية على مستوى العالم.

صحف عربية تختفي
من جانب آخر، توقفت صحيفتا أوان الكويتية والوقت البحرينية عن الصدرو الشهر الماضي بسبب صعوبات في التمويل. ففي الكويت غابت صحيفة quot;اوانquot; وذلك بعد 30 شهرًا من وجودها في الاكشاك. واوضح ناشرها محمد الرميحي في مقال بعنوان quot;وقفة وداعquot; في الصفحة الاولى quot;تتوقف أوان عن النشر لأسباب اقتصادية قاهرةquot;.

وكانت الكويت قد شهدت العام الماضي غياب يومية اخرى ناطقة باللغة العربية quot;اصواتquot; ايضًا لأسباب اقتصادية.
وكانت صحيفة quot;الوقتquot; اليومية في مملكة البحرين أصدرت إعلانا مماثلا موضحة ان قرارها يعود الى عجزها عن العثور على شريك استراتيجي او مشتر لمعاودة الصدور.

كما توقفت قبل ذلك صحيفة الصوت الكويتية بسبب الأزمة المالية.