زعم باحثون في دراسة نشرت بالديلي ميل أن سبب تسجيل مواطنو الدول النامية والفقيرة درجات أقل في اختبارات الذكاء يعود إلى أن أجسادهم تستهلك الطاقات العقلية لتستغلها في مكافحة الأمراض، وطبقا لهذه النظرية المثيرة للجدل فإن الناس في البلدان التي تعاني من انتشار الأمراض القاتلة يتطور النظام المناعي الخاص بهم على حساب قدراتهم العقلية من أجل أن يستطيعوا أن يقاوموا الأمراض الفتاكة المنتشرة في بيئاتهم ويستمروا على قيد الحياة.

حذر منتقدو هذه الدراسة من أنها يمكن أن تستخدم كذريعة للعنصرية والإيحاء بأن سكان دول العالم الثالث والدول الحارة أقل ذكاء من سكان الدول الباردة والمتقدمة، وأشاروا إلى أن هذه الدراسة غير منطقية حيث أن الفرس والرومان والإغريق عاشوا في بيئات حارة ورغم ذلك صنعوا حضارات عظيمة.

من جانبه أشار الباحث راندي ثورنهيل وفريقه من جامعة نيو مكسيكو إلى أن هذه الدراسة تكشف عن سر انخفاض معدلات الذكاء في الدول النامية عنها في الدول المتقدمة وأشارإلى أن ارتفاع درجة الحرارة وانتشار العدوى في تلك البلدان له تأثير مماثل لأثر التعليم والنظام الغذائي والمستوى الإقتصادي على مستوى الذكاء.

وأكد الباحثون أن الأطفال دون الخامسة من العمر يستخدمون معظم طاقاتهم لتنمية العقل ولكن هذا لا يحدث إذا كان الجسم مضطراً لاستخدام طاقته لمكافحة الأمراض، لقد وجدوا بعد مقارنتهم لدراسات معدلات الذكاء في جميع أنحاء العالم مع خرائط المرض التي وضعتها منظمة الصحة العالمية أنه كلما ارتفع مستوى الأمراض المعدية في بلد ما كلما قل متوسط الذكاء القومي بها.

ويقول كريس إبيج المؤلف الرئيسي للدراسة أن تأثير وجود الأمراض المعدية على مستوى الذكاء أكبر من تأثير أي عوامل أخرى، فالعقل يحتاج إلى طاقة كبيرة لبنائه ولكنه لا يستطيع الحصول على هذه الكمية من الطاقة في حالة المرض لأن المرض يستهلك كمية كبيرة من طاقة الجسم ويضيف كريس إبيج إنه نتيجة لهذا فإن معدلات ذكاء أي دولة من تلك الدول لن تتحسن إلا بعد رفع عبء الأمراض عنها.

يشير منتقدو الدراسة إلى أن هناك أنواع أخرى من الذكاء يعجز إختبار الذكاء المبني على أسس غربية في اكتشافها وحصول أبناء المناطق الحارة على درجات ضعيفة في هذا الإختبار لا يعني إطلاقاً أنهم أغبياء والدليل على ذلك أنهم يمتلكون مهارات فكرية تمنحهم القدرة على البقاء في ظروف بيئية شديدة الصعوبة،وحذر بعض منتقدي الدراسة من أنه يمكن أن يساء استخدامها للدعوة إلى العنصرية تماماً كما قام النازيون بعمل دراسة مماثلة تثبت تفوقهم على الأجناس الأخرى في ثلاثينات القرن الماضي.

وأشار باحثون آخرون إلى أنه من المحتمل أن يكون سر حصول الأطفال المصابين بالأمراض المعدية على درجات ذكاء منخفضة هو إضطرارهم للغياب عن المدارس بسبب هذه الأمراض وليس بسبب ضعف نمو المخ كما تزعم هذه الدراسة.

من جانبه يرى البروفيسور ريتشارد لين من جامعة إليستر أن الأمر معقد بعض الشيء وأنه إذا كانت الدراسة تزعم أن معدلات الذكاء تنخفض بسبب الأمراض المعدية فإن الأمراض المعدية تزداد بسبب انخفاض معدلات الذكاء، والدليل على ذلك أن فيروس الإيدز انتشر بشكل كبير في البلدان ذات معدلات الذكاء المنخفضة وذلك لأن الناس لم تعرف طرق الوقاية السليمة من المرض واعتمدت على الخرافات التي لا أساس لها من الصحة في تعاملها معه.