في تصريح مثير، أعلن وزير الدفاع البريطاني، الدكتور ليام فوكس، أن بلاده ما عادت في وضع يسمح لها بالدفاع عن نفسها على النحو المرجو. وأرجع هذا الوضع غير المسبوق في الأزمنة الحديثة الى حالة الاقتصاد المزرية التي دفعت بحكومة المحافظين والليبراليين الديمقراطيين الائتلافية للحد من الإنفاق العام حتى العظم.
قال وزير الدفاع البريطاني ليام فوكسفي لقاء مع صحيفة quot;ديلي تليغرافquot; إن خلو الخزانة العامة من الأموال، في أعقاب الأزمة المالية العالمية الطاحنة، يعني أن الحكومة ما عادت قادرة على توفير حاجيات القوات المسلحة بالقدر الذي يسمح لها بالتصدي لكل الأخطار والتهديدات المحتملة.
ويذكر ان بريطانيا ظلت، منذ الحرب العالمية الثانية، تتمتع بقدرات حربية تتيح لها خوض الحملات العسكرية المتوسطة مثل حرب جزر الفوكلاندز وأيضا الحروب الشاملة وإخماد التمردات واسعة النطاق كما كان الحال في العراق وكما هو الآن في أفغانستان. لكن الوزير يعترف في لقائه الصحافي بأن على بلاده التخلي، تحت الظروف الراهنة، عن جزء من تلك القدرات التي طالما تمتعت بها متلازمة مع المساهمة في التحالفات الأمنية المتعددة الجنسيات مثل quot;حلف شمال الأطلسيquot; (الناتو).
وقال الوزير البريطاني: quot;نحن كدولة لا نملك ما يكفي من الأموال لحماية أنفسنا في مواجهة سائر الأخطار المستقبلية. ببساطة، لا نملك المال اللازم لذلكquot;. وتبعا له فتتوجب الآن إعادة النظر في تشكيلة القوات المسلحة بحيث تكون مستعدة للتصدي فقط للأخطار المستقبلية quot;الواقعيةquot; وليس لسائر الاحتمالات. وقال: quot;علينا البحث عن الاتجاهات التي يمكن أن تأتي منها هذه الأخطار الواقعية، وأن نتعامل معها كل حالة على حدة. لا اعتقد، على سبيل المثال، أن الروس سيجتاحون سهول اوروبا ومرتفعاتها في أي وقت قريبquot;.
وتلقي هذه الاعترافات بظلال كثيفة من الشك أيضا على مستقبل 25 ألف جندي بريطاني يتمركزون في ألمانيا. وكان وزير الدفاع قد أعلن في مناسبة سابقة أنه يأمل بسحبهم في وقت أو آخر. وإذا حدث هذا فعلا فستصبح بريطانيا من دون أي قوات لها على الأراضي الألمانية للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945.
وقال الوزير: quot;فلننظر الى المسألة عبر السؤال التالي: تكاليف دبابات quot;تشالينجرquot; وصيانتها وتدريب الطواقم لتشغيلها، كيف يساهم كل هذا في حربنا التي نخوضها في أفغانستان؟ هل تفيدنا هذه الدبابات قليلا أو كثيرا عندما يتعلق الأمر بحرب أفغانستان؟quot;.
ويذكر ان تقريرا لـquot;مكتب تدقيق الحسابات القوميquot; قد ذكر يوم الثلاثاء الماضي أن وزارة الدفاع تجاوزت الميزانية المخصصة لها بنصف المليار جنيه (750 مليون دولار) خلال السنة المالية الحالية. وأثار هذا التقرير تكهنات تفيد أن الجيش يواجه خفضا في قوام قواته بحوالى الربع بحيث لا يتجاوز عدد جنوده 75 ألفا. لكن الدكتور فوكس قال في لقائه مع quot;تليغرافquot; إنه لن يمس القوات المسلحة بأي تقليص الى حين إسدال ستار الختام على حرب أفغانستان.
وفي هذا الإطار، كانت صحيفة الفايننشال تايمز ذكرت أن المخططين العسكريين في بريطانيا يدرسون خفض القوات البرية من ثمانية ألوية إلى خمسة ما سيخفض عدد العسكريين بنحو 30 ألفا، ضمن خيار إعادة الهيكلة الذي يسلم الجيش قيادة العمليات في مشاة البحرية الملكية، ما يؤكد أن ضغط الميزانية يشكل عاملا أساسيا في مراجعة وزارة الدفاع.
في ظل الحاجة إلى توفير ما نسبته 10 إلى 20%، يتوقع وزراء ومسؤولون في الدفاع خفضا كبيرا في أعداد القوات المسلحة، غير أن المفاوضات تؤجج التوتر بين الأجهزة المعنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش مستعد لتقليص ألويته المدرعة، ولكنه يعارض إجراء خفض كبير على مستوياته البالغة 108 آلاف، وخاصة قبل الانسحاب من أفغانستان.
كما أن سلاح البحرية يخشى أن تكون إعادة هيكلة القوات البرية جزءا من خفض القدرة القتالية البرمائية بقيادة لواء الكوماندو3. والخفض في القوات البرمائية سيبرر تقليص قدرات حاملات الطائرات الجديدة ويعيد تحديد دور مشاة البحرية الملكية ويقلص حجم أسطول السفن الهجومية وسفن الإنزال.
وفي وقت سابق، تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية عن احتمال سحب قسم من القوات البريطانية من افغانستان مع بدء انسحاب الكتيبة الاميركية الصيف المقبل. وقال كاميرون من واشنطن ردا على سؤال حول احتمال اعتماد الجدول الزمني الاميركي quot;نعم يمكننا القيام بذلكquot;. وحدد الرئيس الاميركي باراك اوباما موعد بدء سحب قواته من افغانستان في تموز/يوليو 2011.
وقال كاميرون quot;على البريطانيين ان يدركوا اننا لن نكون في افغانستان بعد خمس سنوات مع وحدات قتالية كبيرةquot;. واضاف quot;لكني آمل مع الاستراتيجية التي نعتمدها في انشاء جيش افغاني ونقل المقاطعات والولايات الى الافغان كما قال الرئيس (الاميركي)، ان نتمكن عندها من سحب بعض القواتquot;. ويتوقع ان تسحب القوات البريطانية بحلول نهاية السنة من سانغين معقل طالبان لتحل مكانها القوات الاميركية.
وينتشر 9500 جندي بريطاني في افغانستان وخصوصا في ولاية هلمند (جنوب) احد المعاقل الرئيسة للتمرد الافغاني. وتنشر بريطانيا ثاني اكبر قوة في افغانستان بعد الولايات المتحدة. وقتل 322 جنديا بريطانيا في افغانستان منذ بدء تدخل القوات الاجنبية في 2001.
التعليقات