أقباط يتظاهرون للمطالبة بالزواج المدني في مصر

قالت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية ان قضية الزواج و الطلاق بين الأقباط التي أثارت الجدل مؤخرا سلطت الضوء على مزالق في النظام القانون المصري، بتركه تنظيم مسألة الزواج والطلاق للمؤسسات الدينية، ما يحدّ من حرية الأفراد في اتخاذ قراراتهم الشخصية.

ذكرت الصحيفة في تقرير مطول لها عن هذه القضية أن إجبار القانون المواطنين على الالتزام بالقواعد الدينية، يحرمهم من حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم الشخصية، الأمر الذي جعل بعض المسيحيين والمسلمين على حد سواء يطالبون بإيجاد بدائل.

ووفقا للقانون المصري، الزواج والطلاق بين المواطنين ينبغي أن يقرره دين الشخص. فالمسيحيون يجب ان يذهبوا الى الكنيسة للحصول على اذن بالزواج او الطلاق او الزواج مرة أخرى، كما يلتزم المسلمون بالشريعة الإسلامية، وتعتمد حقوق كل فرد على الدين الذي يتبعه.

وقالت الصحيفة ان الشريعة الإسلامية أكثر تساهلا في قضايا الزواج والطلاق، حيث تعطي المسلمين المصريين مزيدا من الحرية في اتخاذ مثل هذه القرارات مقارنة بالأقباط، الذين يشكلون أقلية بنسبة 10 % من السكان.

بيد ان الصحيفة أوضحت ان الكنيسة القبطية لم تكن دائما صارمة جدا في هذه القضية. فقد وضعت لائحة عام 1938 بتسعة أسباب للطلاق بين الأقباط، لكن البابا شنودة الثالث في أول مرسوم له عقب توليه منصبه في عام 1971 قرر عدم السماح بالطلاق إلا في حالات الزنى، وتسمح الكنيسة بالزواج الثاني في حال وفاة الزوج او الزوجة.

وجادلت الكنيسة بأن الدولة لا تملك الحق في التدخل في شؤون الكنيسة. فعندما قضت المحكمة الإدارية العليا في أيار / مايو الماضي في حكمين منفصلين بإلزام الكنيسة الارثوذكسية بمنح تصريح الزواج الثاني لاثنين من أتباعها، ثارت ضجة بين زعماء الكنيسة وأتباعها، ورفض البابا شنودة تنفيذ أمر المحكمة.

وأضافت الصحيفة ان وزارة العدل أعلنت، عقب غضب الكنيسة، عن إعداد قانون للأحوال الشخصية لغير المسلمين، وهي خطوة كان يسعى اليها البابا منذ فترة طويلة من أجل تقوية موقف الكنيسة بشأن الزواج والطلاق.

وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أوقفت تنفيذ قرار المحكمة الإدارية في وقت سابق إلى أن تم حل المشكلة. وأشار البابا شنودة هذا الشهر إلىانه وافق على مشروع القانون الذي وضعته لجنة من قادة الطوائف المسيحية.

وربط العديد من المراقبين المشروع بتحركات سياسية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، حسبما نقلت الصحيفة عن حسام بهجت مدير المبادرة المصرية لحقوق الانسان quot;التفسير الوحيد هو أن هذا العام هو عام الانتخابات والحكومة بحاجة إلى دعم من الأقباط، الذين صوتوا تقليديا للحزب الوطني الديمقراطيquot; بحسب قوله.

ويلجأ بعض الأقباط الى تغيير الديانة للحصول على الطلاق، على الرغم من أن ذلك قد يكون مكلفاً، ويعرض لخطورة نبذ الأسرة والمجتمع. وعندما يعودون مرة أخرى إلى المسيحية بعد الطلاق قد يرافق ذلك احتجاجات وتهديدات بالقتل من قبل المسلمين، على حد قول الصحيفة، مضيفة ان المشكلة تتفاقم بسبب الصراع الطائفي الذي يسود مصر.

واشارت الصحيفة إلى ان هناك المزيد من المصريين الآن يطالبون بان تعترف الحكومة بالزواج المدني، كحل بديل نظرا لانه لا يمكن إجبار الكنيسة على تغيير معتقداتها، بيد ان الحكومة لن تسمح بذلك، لأنه سيسمح للنساء المسلمات بالزواج من رجال من غير المسلمين، وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية، ما حدا بالبعض الى الدعوة الى عرض خيار الزواج المدني على المسيحيين فقط.

ونقلت عن بهجت في نهاية تقريرها قوله ان الشيء الايجابي الوحيد في هذه القضية هو بروز أقلية أكثر صخبا تتحدث ضد التفسيرات الدينية المتحيزة ضد المرأة أو التي لا تسمح بالطلاق أو الزواج مرة أخرى بسهولة.