منذ أن بدأت وسائل الإعلام الأميركية بتخصيص مساحات لتغطية تطورات الخطط التي تسعى من ورائها بعض الجهات إلى بناء مركز إسلامي ومسجد بالقرب من منطقة quot;غراوند زيروquot;، حيث وقعت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، والأضواء تُركّز بشكل مكثف على شخصية الإمام فيصل عبد الرؤوف، الذي يأخذ على عاتقه مهمة الترويج لتنفيذ هذا المشروع الضخم داخل الولايات المتحدة وخارجها.

وبما يتواكب مع أهمية هذا الرجل، ليس فقط على الصعيد الديني، وإنما كذلك على الصعيد الجماهيري، بدأ يتفاعل الإعلام الأميركي بشكل مباشر مع الجوانب الشخصية والفكرية للإمام، من منظور أنه نموذج للإسلام المعتدل، الذي يسعى جاهدًا لتقريب وجهات النظر بين الإسلام والغرب، في أعقاب التداعيات الوخيمة التي طالت كلا الجانبين بعد وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. وقد انقسمت وجهات النظر، بين مؤيد ومعارض، فهناك من نظر إلى جهود الإمام على أنها وسيلة جيدة لرأب الصدع الحاصل منذ سنوات في العلاقات بين المسلمين والأميركيين، وهناك من استنكر ذلك الجهد كليًا، ودعا إلى التصدي لبناء مسجد غراوند زيرو.

وفي الوقت الذي حمَّل فيه عبد الرؤوف النظام السياسي في الولايات المتحدة مسؤولية المعارضة التي يواجهها مشروع المركز الإسلامي، بادر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، بي جي كراولي، بالتأكيد على أن تعليقات الإمام مرتبطة بوجهة نظره الشخصية. وحول جولته الأخيرة في المنطقة الخليجية، التي تم دعمها من قِبل الخارجية الأميركية، قال كراولي إنهم تحدثوا إليه ليعلموا منه ما يخطط للقيام به هناك، وماذا يريد منهم أن يفعلوه في ما يتعلق بترتيب لقاءات مستقبلية مع وسائل الإعلام.

وبينما دعا الإمام في نهاية جولته إلى ضرورة التسامح بين الأديان وتعزيز التفاهم بين أتباع كل الأديان في العالم لمواجهة التطرف، كان للصحافة الأميركية وجهة نظر أخرى في منهجية عبد الرؤوف. وهو ما برز بوضوح في ما نشرته اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، وقالت فيه إن سجل الإمام الخاص بالتصريحات السياسية واللاهوتية سجل مختلط، فهو غامض في بعض الأحيان، ومثير للقلق في أحيان أخرى، مثلما جادل العام الماضي بأن الرئيس أوباما يؤيد الأسس الدينية للحكومة الإيرانية. لكن الصحيفة رأت أن أيًّا من ذلك لا يهم في واقع الأمر مؤيدي عبد الرؤوف، ليس لأنهم رفاقه على الصعيد السياسي، وإنما لأن دعم بناء المسجد يمثل فرصة للتباهي بفضيلتهم عبر أبسط الطرق المتجسدة في إصدار إعلان سياسي.

فيما قالت صحيفة نيويورك دايلي نيوز الأميركية إن الإمام فيصل عبد الرؤوف يعد quot;قائدًاquot; في ديانته الإسلامية، لكنه لم يُظهِر الكياسة الأساسية التي يتعلمها الصغار من المسلمين. فترى الصحيفة أنه تورط في موجة من الجدل بشأن حق المسلمين في بناء مركز إسلامي باسم الدين. وتابعت في السياق ذاته بالقول إن المشكلة تكمن في الافتقاد إلى حُسن الخلق. وهي الإشكالية التي رأت الصحيفة أنها تعتبر وباءً في جميع مستويات المجتمع. وبلغة تعتريها نبرة التشدد نوعًا ما، مضت الصحيفة تقول إن الإمام كان عليه أن يفكر في ما إن كانت خطته قد أظهرت حسن الخلق أم لا ndash; حيث كان يتوجب عليه مراعاة الحساسية الموجودة لدى المواطنين الأميركيين بشأن قرب هذا المشروع جغرافيًا من موقع هجمات الحادي عشر من أيلول.

وفي كشف من شأنه أن يلقي بظلاله المباشرة أو غير المباشرة على مشروع الإمام الخاص ببناء مسجد قرب منطقة quot;غراوند زيروquot;، أماط تحقيق أجرته اليوم محطة إيه بي سي نيوز الإخبارية الأميركية النقاب عن أن الإمام فيصل عبد الرؤوف الذي يسعى لتنفيذ المشروع على أرض الواقع محاصر الآن بالعديد من الشكاوى التي تقدم بها مستأجرو شققه السكنية التي يمتلكها في العديد من مدن ولاية نيوجيرسي بسبب الأجواء غير الصحية التي يعيشون فيها منذ سنوات متعددة، مع انتشار الفئران والبق هناك.

وفي حواراتهم مع المحطة الإخبارية، أجمع المستأجرون على أن عبد الرؤوف لم يفعل شيئًا يذكر لإجراء بعض الإصلاحات أو إبادة الحشرات المنتشرة في تلك الشقق. وهو ما جعل المحطة تتهكم بالقول إن quot;عبد الرؤوف مُطَالب قبل أن يشرع في تنفيذ مشروع المركز الإسلامي الضخم بأن يبدأ مشروعًا أصغر، يتمثل في التخلص من الفئران والبق التي تمتلئ بها الشقق التي يؤجرها للعديد من الأسر في نيوجيرسيquot;.