آخر تحديث: الأحد 9 يناير الساعة 4:00 ت .غ
في وقت أعلن رئيس حكومة الجنوب السوداني سالفا كير تمسكه بالتعايش السلمي بين الشمال والجنوب في السودان، جاءت اشتباكات بين الجيش الشعبي لتحرير السودان وفصيل جنوبي متمرد في ولاية الوحدة لتشوش على الاستعدادات للاستفتاء الذي بدأ صباح الاحد ويستمر اسبوعا، وتثير تساؤلات عن المستقبل الذي ينتظره الجنوب.

A worker prepares for the referendum at a polling ...
الاستعدادات على قدم وساق عشية الاستفتاء

جوبا:
اقبل الجنوبيون بحماس شديد الاحد على مراكز الاقتراع في جنوب السودان، حيث كانت مشاركتهم كثيفة جدا في اليوم الاول من الاستفتاء التاريخي الذي يعطيهم فرصة الانفصال والاستقلال عن الحكومة المركزية في الخرطوم.

وأدلى رئيس حكومة جنوب السودان سالفا كير صباح بصوته في الاستفتاء مشيدا بquot;اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها الجنوبيونquot;. وقال كير وهو يرفع اصبعه وعلامة الحبر عليه بعد ان شارك في الاقتراع quot;انها اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها شعب جنوب السودانquot;.

وكان السناتور الاميركي جون كيري في مركز الاقتراع لدى ادلاء كير بصوته ومعه ايضا الموفد الاميركي سكوت غرايشون والممثل الاميركي جورج كلوني.
وقال كير ايضا quot;اطلب من جميع الجنوبيين ان يكونوا صبورين في حال لم يتمكن احدهم من المشاركة في الاقتراع اليومquot;. من جانبه وصف السناتور الاميركي جون كيري من جوبا الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان الذي بدأ الاحد بانه quot;فصل جديد في تاريخ السودانquot;.
وكان سلفا كير في طليعة المشاركين في الاقتراع في مركز قريب من ضريح الزعيم التاريخي لجنوبيي السودان جون قرنق. وتشكلت طوابير المقترعين باكرا وسط اجواء حماسية بانتظار المشاركة في الاقتراع.
واكد الرئيس الاميركي باراك اوباما في بيان اصدره البيت الابيض الاحد quot;دعمquot; الولايات المتحدة quot;الكاملquot; للسودان بعد اجراء استفتاء تقرير المصير في جنوب هذا البلد، داعيا جميع الاطراف الى عدم الانجرار لمحاولات الاستفزاز.
وقال اوباما في البيان ان quot;الولايات المتحدة ستظل ملتزمة في شكل كامل مساعدة الاطراف في معالجة القضايا الحساسة بعد الاستفتاء، مهما كانت نتيجة التصويتquot;.
واضاف quot;على كل الاطراف ان يتفادوا الخطاب الناري والاستفزازات التي من شانها تصعيد التوتر ومنع الناخبين من التعبير عن ارادتهمquot;.
بدورها، اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان بدء الاستفتاء في جنوب السودان يمثل quot;نجاحاquot; وquot;يشكل خطوة تاريخيةquot; في اتجاه السلام.
واضافت كلينتون في بيان الاحد ان الولايات المتحدة ترحب خصوصا quot;بالتزام الرئيس (السوداني عمر) البشير بان تحترم حكومته نتيجة الاستفتاءquot;.
وذكرت وسائل إعلان أن المئات من السودانيين الجنوبيين العائدين من الشمال حرموا من حق التصويت في الاستفتاء. ونقلت محطات تلفزة محلية عن بعض هؤلاء السودانيين الجنوبيين القول انهم وصلوا الى الجنوب قبل أيام للمشاركة وقد امضوا الليلة الماضية أمام مراكز الاقتراع ليكونوا في طليعة من يصوت على استقلال الجنوب.
واضافوا quot;فوجئنا بأننا لايمكن ان نصوت لان اسماءنا غير موجودة في كشوفات الناخبين لديهم لاننا في السجلات الموجودة بالشمال وكان علينا ان نبقى في الشمالquot;.
وقال انطون ماريو وهو مراقب في المركز الرئيس في عاصمة الجنوب جوبا لقناة quot;الشروقquot; الفضائية السودانية quot;حسب القانون فان العائدين يفقدون حقهم في التصويت وكان عليهم ان يبقوا في الشمال حتي يدلوا بأصواتهم ثم يعودوا الى الجنوب بعد ذلكquot;.
رئيس حكومة جنوب السودان سالفا كير والسناتور الاميركي جون كيري
وتفتح مراكز الاقتراع طيلة أسبوع من الساعة الثامنة (الخامسة تغ) حتى الساعة 17:00. واضافة الى الجنوب تنتشر مراكز اقتراع عدة في شمال السودان حيث يعيش مئات الاف السودانيين. وسيكون بامكان جنوبيي الشتات المشاركة ايضا في الاستفتاء في ثمانية بلدان ابرزها الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من الدول الافريقية المجاورة للسودان.
ويأتي هذا الاستفتاء في اطار اتفاق السلام الذي وقعه طرفا النزاع في السودان في 2005 وانهى حربا اهلية اوقعت نحو مليوني قتيل طيلة نحو عشرين عاما. وكان للرئيس الاميركي باراك اوباما موقف من هذا الاستفتاء قبل ساعات من بدئه.
وقال ان quot;العالم يراقب اليوم وهو متحد في تصميمه على التأكد من ان جميع الاطراف في السودان سيلتزمون بواجباتهمquot;. ودعا الرئيس الاميركي في مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز الى تمكين الناخبين quot;من الوصول الى مكاتب الاقتراع والتصويت من دون ترهيبquot;.
واضاف quot;على جميع الاطراف الامتناع عن استخدام الخطب النارية او القيام باعمال استفزازية يمكن ان تؤجج التوتر او تحول دون تعبير الناخبين عن قناعاتهمquot;.
وبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء ثلاثة ملايين و930 الفا في السودان بينهم ثلاثة ملايين و754 الفا في الجنوب السوداني، يشار الى انه لا بد من مشاركة 60% على الاقل من المسجلين في الاستفتاء لتعتمد نتيجته. ومساء السبت، اعلنت مفوضية استفتاء جنوب السودانان نتيجة الاستفتاء ستعلن في الاسبوع الاول من شباط- فبراير المقبل.
وقال عضو المفوضية طارق عثمان في تصريح صحافي ان هناك اجراءات يتم اتباعها بخصوص النتائج حيث يتم اعلان النتيجة النهائية بعد اكتمال وصول نتائج الاقتراع عبر اللجان المشكلة للاستفتاء على مستوى المراكز ثم الولايات ومراكز الخارج مشيرا الى ان النتائج ستعلن بواسطة مفوضية الاستفتاء بالخرطوم خلال فترة لا تتجاوز 30 يوما بعد انتهاء فترة الاقتراع. واضاف ان المفوضية حددت وفق تقديراتها الحالية ان يكون اعلان النتيجة في الاسبوع الاول من شباط- فبراير المقبل في ضوء الاقتراع الذي سيبدأ الاحد.
من جانبها دعت وزارة العمل السودانية العاملين بالدولة الى مزاولة اعمالهم بصورة طبيعية خلال ايام التصويت، وقال وزير العمل داك دوب بيشوب ان التصويت مكفول لفئة معينة وليس كل المواطنين ولذلك لا يوجد ما يستدعي وجود عطلة عن العمل مبينا ان المواطنين الجنوبيين الذين سيشاركون في التصويت بصورة فردية بامكانهم اخذ اذن من مؤسساتهم للتغيب بضع ساعات للمشاركة في التصويت.
وفي رسالة تطمين الى الجنوبيين أكد رئيس حكومة الجنوب السوداني سالفا كير السبت تمسكه بالتعايش السلمي بين الشمال والجنوب في السودان، وأعلن من مقر الرئاسة quot;لا بديل عن التعايش السلميquot; بين الشمال والجنوب. واضاف كير quot;اليوم لا عودة الى الحرب (...) والاستفتاء ليس نهاية المطاف بل هو بداية مرحلة جديدةquot;.
الا ان زعيم حزب الامة السوداني المعارض الصادق المهدي توقع ان تواجه دولة الجنوب المتوقع قيامها نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان quot;مشاكل سياسية واقتصادية وامنية بلا حدودquot;.
وقال المهدي في كلمة القاها في افتتاح ندوة لمركز الجزيرة للدراسات في الدوحة ان quot;دولة الجنوب ستواجه في مولدها مشاكل سياسية واقتصادية وامنية بلا حدودquot;، واضاف ان quot;دولة الجنوب الجديدة تدرك ان دولة الشمال تستطيع زعزعتها عبر العيوب الكثيرة الموجودة في الجسم الجنوبيquot;.
لكنه اشار الى امكان تحالف الشمال مع الجنوب وقال quot;دولة الجنوب الجديدة سوف تحتاج لحليف ويمكن لدولة الشمال السعي للعب هذا الدور وهي تملك مقومات كثيرة ان غيرت سياستهاquot;. واكد زعيم حزب الامة السوداني ان quot;دولة الشمال نفسها ستواجه بعد الانفصال مشاكل كثيرة اهمها اصداء انفصال الجنوب على مشكلة دارفور والمشاكل المتعلقة بالمناطق المتداخلة مثل ابيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرقquot;.
كما حذر المهدي من الاخفاق في التعامل مع دولة الجنوب وقال quot;اذا اخفق الشمال في اتخاذ سياسات تجعل الوصال الودي جاذبا وتجعل الشمال نفسه حول مبادىء توفق بين الوحدة والتنوع، فان الخيار الآخر الذي سوف تتجه اليه دولة الجنوب الوليدة هو الركون للحليف الخارجي العدائي للشمال وسيكون لاسرائيل في هذا المجال الدور الاهمquot;.
المواجهات المسلحة عرقلت اجراء الاستفتاء في احد اقاليم ولاية الوحدة
واعلنت مفوضية الاستفتاء في جنوب السودان الاحد ان المواجهات المسلحة التي جرت في ولاية الوحدة السبت عرقلت اجراء الاستفتاء في احد اقاليم هذه الولاية.
وقال شان ريك نائب رئيس مفوضية الاستفتاء في تصريح صحافي quot;حصلت معارك الا انه تم احتواء الوضعquot;.
وتابع quot;انا واثق بانه لن يكون لهذه الحوادث تأثير على العملية الانتخابيةquot; موضحا بانه لا يملك معلومات عن احتمال وقوع ضحايا خلال هذه المواجهات. وكان المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان فيليب اغوير اعلن في وقت سابق ان الوضع كان هادئا في هذه المنطقة الاحد.
واضاف quot;لم تحصل معارك جديدة اليوم في ولاية الوحدة والوضع كان هادئا الاحد في جميع مناطق جنوب السودانquot;.
وكان الجيش الشعبي اعلن وقوع معارك بين جنوده ومقاتلين جنوبيين متمردين الجمعة والسبت في اقليم مايوم في ولاية الوحدة ما ادى الى مقتل ستة متمردين واعتقال 32 آخرين.وتقع ولاية الوحدة بموازاة الخط الفاصل بين الشمال والجنوب وتوجد فيها منشآت نفطية. واتهم الجيش الشعبي عناصر تابعة لزعيم ميليشيا مناهض للجيش الشعبي يدعى غاتلواك غاي بالوقوف وراء هذه الهجمات.
سودانيون في الشتات يصوتون في نيروبي
بدا مئات السودانيين الجنوبيين في الشتات يصوتون صباح الاحد في وسط نيروبي في اطار الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان، على ما افاد مراسل فرانس برس.
ووقف الناخبون الذين وصل بعضهم في وقت مبكر جدا، بين رجال ونساء يرتدون ثياب العيد وينتظرون بصبر تحت حر الشمس في مدخل مباني quot;نادي السكك الحديديةquot; وهو ناد رياضي في وسط المدينة تحول بالمناسبة الى مركز اقتراع.
وقال مايكل آووك (50 سنة) الذي يضع قبعة بيضاء رسم عليها علم جنوب السودان quot;انه يوم عظيم لنا يوم سننهي فيه الاضطهاد!quot;. وتم تسجيل 15 الف جنوب سوداني مقيمين في كينيا على لوائح اللجنة المكلفة تنظيم الاستفتاء التاريخي الذي قد يؤدي الى تقسيم السودان، اكبر بلد افريقي.
ويقيم معظمهم في نيروبي (خمسة الاف تقريبا) وفي مخيم كاكوما لللاجئين (اقصى شمال شرق كينيا، خمسة الاف ايضا). واعدت ثمانية مراكز اقتراع في الاراضي الكينية بمناسبة الاستفتاء، اثنان منها في العاصمة.
وفي quot;نادي السكك الحديديةquot; المجاور لحديقة نيروبي الكبيرة بدا الاقتراع كما كان مقررا في الساعة الثامنة في هدوء وترقب كبيرين لكن بوتيرة بطيئة جدا تسببت في بعض التدافع الذي تم احتواؤه بسرعة. وتضم اللائحة الانتخابية ثلاثة الاف ناخب في هذا المركز.
واوضحت جودي جادن (28 سنة) quot;المنفيةquot; في كينيا منذ 16 عاما quot;اننا متحمسون كثيرا. انه يوم عظيم بالنسبة لناquot; واضافت quot;وصلت مع اصدقائي في الساعة الخامسة صباحا لاننا نريد التصويت مبكرا جداquot;.
واضافت المراة وهي تعرب عن القلق من تدافع عشرات الشبان امام الباب الصغير لمكتب الاقتراع quot;اذا لم نكن منضبطين في يوم مهم كهذا فليس هذا مؤشر حسن لمستقبل البلادquot;. من جانبه قال بيتر غوني (25 سنة) صاحب الشعر الطويل والعيون البراقة quot;اننا ماضون نحو الانفصال، هذا اكيد، لا احد هنا سيصوت للوحدةquot;.
وقد وقف بيتر ينتظر امام مكتب الاقتراع منذ الرابعة صباحا. وهو طالب يعيش منذ عشرين سنة في كينيا ولم يعد الى بلاده من حينها. وقال quot;فور نيلنا استقلالنا ساعود الى منزلي في بنتيو (قرب الحدود مع شمال السودان). لن يبقى لي اي مبرر للبقاء في كينياquot;.
وعلى بعد بضعة امتار، بدات مجموعة من النساء يرتدين ثيابا افريقية ملونة وقميصا رسمت عليه صورة جون قرنق، زعيم حركة تحرير السودان الراحل، يرقصن على وقع موسيقى اتنية الدينكا التقليدية في جنوب السودان. وامتدت طوابير الانتظار على نحو مئتي متر وقال جون اكيتش العملاق بابتسامة عريضة quot;لا يهم، انتظرنا سنوات عديدة من اجل حريتنا، لا باس ان ننتظر ساعات اخرىquot;.
كوفي انان يدعو الى احترام نتائج الاستفتاء في جنوب السودان
اعتبر الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان الاحد من جوبا ان المشاركة الكثيفة في الاستفتاء على مستقبل الجنوب السوداني يجب ان تدفع quot;الجميع الى القبول بنتائجquot; هذا الاستفتاء.
وقال انان الذي يشارك في مراقبة الاستفتاء وهو يزور مركز اقتراع في احدى مدارس جوبا عاصمة جنوب السودان quot;من المهم ان يدفع هذا الحماس للاقتراع الجميع الى القبول بنتائج الاستفتاءquot;. واضاف quot;آمل بان يوافق كل الاطراف على النتائج عند اعلانها لان الشعب في النهاية هو السلطة الاخيرةquot;.
وانان هو احد مديري مركز كارتر الذي انشأه الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر والذي يشارك في مراقبة الاستفتاء. من جهته قال جيمي كارتر الذي كان برفقة انان quot;ان المعلومات التي تصلنا من الشمال كما من الجنوب تفيد بان الوضع هادىء ومسالم... هناك اليوم قبول في الشمال كما في الجنوب، انه في حال كان الخيار مع الاستقلال، وهو الامر الذي لا نعلمه بعد، لا بد من احترام هذا الخيارquot;.
ويشارك سكان الجنوب السوداني في هذا الاستفتاء الذي من المقرر ان يتواصل لمدة اسبوع للاختيار بين البقاء داخل السودان الموحد او الانفصال والاستقلال.

وبحلول الساعة 17,00 لم تكن غالبية مراكز الاقتراع قد اغلقت ابوابها بعد في جوبا عاصمة الجنوب كما كان مقررا، بسبب الطوابير الطويلة من الناخبين الذين كانوا لا يزالون ينتظرون دورهم للاقتراع.
وفي الوقت نفسه شهدت منطقة ابيي، المتنازع عليها بين الشمال والجنوب اشتباكات، بين قبيلة المسيرية العربية وقبيلة الدنكا نقوك السودانية الجنوبية ادت الى وقوع ثمانية قتلى، حسب ما افادت مصادر من الطرفين.
وكان من المفترض اجراء استفتاء منفصل حول مستقبل منطقة ابيي الاحد بموازاة الاستفتاء الجاري حاليا لتقرير مصير جنوب السودان. الا انه ارجىء بسبب خلاف حول الذين يحق لهم المشاركة فيه.بدأت في الساعة 8:00 (5:00 ت. غ) من صباح الأحد عمليات الاقتراع في استفتاء جنوب السودان حيث تشكلت طوابير طويلة أمام مراكز التصويت منذ ساعات الصباح الاولى، ليختار الجنوبيون بين الانفصال او البقاء في اطار سودان موحد.