ترى تقارير جديدة أن السودان لا سيما الجنوب بحاجة إلى تعلم الانجليزية لانها تساعد على التنمية باعتباراها اللغة الدولية.


القاهرة: مع توجه سكان جنوب السودان قبل بضعة أيام إلى مراكز الاقتراع من أجل الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المصيري الذي سيحدد مستقبلهم بسواء الانفصال أو الوحدة مع الشمال، رأت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير تنشره بعددها الصادر اليوم، أن تعلم اللغة الإنكليزية من الممكن أن يساعد السودان على تجاوز عثرته، في وقت يواجه فيه حالة كبيرة من الجيشان السياسي، وفقر، ونقص في الخدمات الأساسية.

ورغم اعترافها بأن التدريب على اللغة الإنكليزية ليس بـ quot;الحل السريعquot; لمشكلات السودان، إلا أن الصحيفة أوضحت أنه من الممكن أن يُشجِّع على التنمية، إضافةً إلى أنه يعد واحداً من مشاريع بناء القدرات الرخيصة نسبياً والتي تحظى بأهمية كبرى.

ورغم تدارك تلك الحقيقة على جميع مستويات المجتمع السوداني، إلا أنها تحظى بأهمية خاصة في الجنوب، حيث تنظر الحكومة إلى اللغة الإنكليزية على أنها وسيلة مهمة للتنمية وبناء مستقبل الأمة.

وفي الشمال، تعتبر اللغة العربية وستظل اللغة الأساسية، متعايشةً مع اللغة الإنكليزية باعتبارها اللغة الدولية للإنترنت، والتجارة، والتواصل الدولي. وفي العام 2007، أقرت حكومة جنوب السودان اللغة الإنكليزية باعتبارها لغتهم الرسمية. ومع هذا، عملت اللغة الإنكليزية كوسيلة للاتصال بين الشمال والجنوب، في وقت مازال ينظر فيه الجنوب إلى اللغة العربية بعين الشك.

ثم أشارت الصحيفة إلى وجود ثلاثة جيوش وطنية وقوتي شرطة في السودان حالياً، يتعامل معهم المجلس البريطاني. وقد رأت الصحيفة أن تزويد ضباط الشرطة والجيش بمهارات اللغة الإنكليزية أمر يزيد من قدراتهم على حفظ السلام من خلال تمكينهم من حضور برامج تدريب مهني، ومن ثم تحسين قدراتهم لمعالجة بعض القضايا، مثل منع نشوب الصراعات، والإرهاب، والاتجار بالبشر. كما يسمح أمر كهذا للضباط السودانيين بأن ينضموا إلى قوات حفظ السلام متعددة الجنسية، التي تستخدم اللغة الإنكليزية كوسيلة تعينهم على الاتصال والتواصل مع الأشخاص المحيطين.

ورغم الأهمية التي تحظى بها اللغة الإنكليزية، إلا أن كثير من مسؤولي حكومة الجنوب، والمحامين، ورجال الأعمال، قد تلقوا تعليمهم في الشمال بالعربية خلال فترة quot;التعريبquot;، ولا يمتلكون من مهارات اللغة الإنكليزية إلا القليل. وهو ما رأت الصحيفة أنه قد يتحول إلى مشكلة، إذا ما حصل الجنوب على الاستقلال.

حيث سيتعين على الجنوب أن يتعامل مع أجواء عدم استقرار محتملة، كما سيحتاج بعد سنوات من الحياة العسكرية لتقوية منشآته المدنية. وسيكون دور اللغة الإنكليزية في تلك العملية دور بعيد المدى، وإن كان يحظى بتداعيات هامة لاستقرار ورخاء البلاد.

وبينما سبق لحكومة جنوب السودان أن قامت بتغيير النظام القضائي القديم الذي كان مبنياً على الشريعة الإسلامية إلى نظام جديد قائم على اللغة الإنكليزية، فإنها اعتمدت أيضاً على اللغة الإنكليزية باعتبارها لغة التعليم في المدارس، على الرغم من النقص الحاد في المعلمين الذين يتحدثون الإنكليزية. وهو ما جعل الصحيفة تطالب بضرورة تدريب المدرسين، وزيادة مهارات اللغة لدى المسؤولين في وزارة التعليم، الذين سيتم تكليفهم مستقبلاً بأن يأخذوا على عاتقهم مهمة إصلاح القطاع التعليمي.

ومضت الصحيفة البريطانية تشدد على الأهمية التي أضحت تكتسبها اليوم اللغة الإنكليزية في مجالات عدة، على رأسها الأعمال التجارية، والتعليم، وكذلك فرص العمل. وفي الختام، أكدت الغارديان على أن اللغة الإنكليزية هي اللغة الوحيدة التي تسمح بفتح آفاق للاتصال بين الشمال والجنوب، والتي يمكنها أن تضع حداً للانقسامات القبلية في جنوب السودان، وبالتالي تمهيد الطريق لبناء أمة جديدة في المستقبل.