شدد مدير وحدة السودان ودراسات حوض النيل بمركز الأهرام هاني رسلان في حوار مع quot;إيلافquot; على أن التصويت في استفتاء السودان سيكون لصالح الانفصال وليس الوحدة مؤكدا على أن دولة الجنوب معرضة لحرب أهلية وفقا للتقرير الخبراء.


قال مدير وحدة السودان ودراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية هاني رسلان أن الوجود الإسرائيلي وصل ذروته في جنوب السودان خلال الوقت الحالي مشيرا إلى أن هناك توقعات بحرب أهلية نهاية العام الحالي في الجنوب.

وأكد رسلان في حواره مع quot;إيلافquot; أن نتائج التصويت في الاستفتاء متوقع أن تنتهي وتعلن في هدوء تام موضحا أن زيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا الأخيرة كانت بمثابة اعتراف منه بانفصال الجنوب،

*كيف ترى استفتاء تقرير المصير الذي فتح أبوابه قبل يومين؟

**عملية الاستفتاء تتم وفقا اتفاقية السلام التي تم توقيعها بين الشمال والجنوب وقانون الاستفتاء الذي تم إقراره في نهاية كانون الاول/ ديسمبر 2009، متوقع أن يتم الاستفتاء في هدوء ودون توتر كما كان يخشى العديد لاسيما بعد زيارة البشير إلى جوبا والتي كانت تعد بمثابة اعتراف مبكر بوقوع الانفصال ووعد بالاعتراف بالدولة الجديدة والتعاون معها ومساعدتها.

*إذا ماذا عن الجنوبيين؟

**أرى أن الجنوبيين تخطوا عقبة مهمة حين تم توقيع اتفاق مصالحة ووقف إطلاق النار مع الجنرال المتمرد أتور الذي كانت الحركة الشعبية تخشى من قيامه بأعمال عنف قد تؤدي إلى تعطيل عملية الاستفتاء في ولاية جونقلي هذا من الناحية الإجرائية أما من الناحية السياسية العامة فالاستفتاء ليس سوى إجراء شكلي سيتم من خلاله إضفاء الشرعية على انفصال هو قائم بالفعل وذلك من أجل الاعتراف بالدولة الجنوبية.

*هل تتوقع أن يتم إعلان الدولة فور إعلان نتيجة الاستفتاء؟

**لن يتم إعلان الدولة الجنوبية فورا ولكن ذلك بعد فترة انتقالية مدتها 6 أشهر تنتهي في 9 تموز/ يوليو 2011 يقوم فيها الشمال والجنوب بحل كافة القضايا الخلافية التي أبرزها أزمة منطقة إيبي وتقسيم الحدود وقضايا البترول واقتسام المياه والأصول والممتلكات.

*ما تصورك عن دولة الجنوب؟

**ستكون دولة افريقية من ناحية الثقافة والأصل العرقي وكذلك العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة حيث ستتوسع في علاقاتها جنوبا ولن تكون دولة عربية بأي حال من الأحوال كما لن تكون صديقة للعالم العربي إلا في حدود ضيقة، ستميز نفسها باعتبار أنها ضد العرق العربي فهي قامت نتيجة الحروب مع ذوي الأصول العربية في شمال السودان، كما ستكون دولة بلا مقومات حقيقة ليس لها منفذ على البحار الأمر الذي سيؤثر على علاقاتها الاقتصادية وأنشطتها التجارية كما أنها خالية من البنية التحتية بشكل كامل ولا يوجد بها أي نوع من أنوع المرافق وتتكون من عدة قبائل بينها تاريخ كبير من الصراع والعداء وتفتقد وجود جهاز إداري متماسك يستطع بناء دولة لا تمتلك أي موارد وستعتمد على عائد البترول بنسبة 98% والذي يقدر عائده السنوي 2 مليار دولار تقريبا وهو مبلغ ضئيل بالنسبة للتحديات الكبيرة التي تواجه الجنوب.

*والثروات الكامنة الموجودة في أرض الجنوب؟

** دولة الجنوب بها ثروات كثيرة غير مستغلة وغير قابلة للتبادل الاقتصادي في الوقت الحالي الأمر الذي يعني أنها ستمر بمرحلة ليست قصيرة حتى تستطع بناء اقتصاد نقدي قادر على التداول في الأسواق العالمية، ولن تكون الدولة الوليدة قادر على الحياة دون مساعدة أجنبية كاملة من الولايات المتحدة والتي أعلنت منذ عدة أشهر عن خطة متكاملة لإقامة بنية تحتية للدولة الجديدة بتكلفة مقدارها 200 مليون دولار بخلاف مساعدتها عسكرياً واقتصادياً وإدارياً.

*ما هي أبرز التحديات التي تواجه جنوب السودان في مرحلة ما بعد الانفصال؟

**الحيلولة دون قيام حرب أهلية فوفقا لتقارير أعدها خبراء متخصصين وتقارير أميركية فإن هناك توقعات بحرب أهلية مع نهاية العام الحالي وتوقعات بحدوث مذابح واسعة النطاق في الجنوب بسبب الصراعات القبلية والتي قد تكون شبيهة بما حدث من إبادة في رواندا ويرجع ذلك إلى أن معظم النفط يقع في أراضي قبيلة النوير التي يوجد بينها وبين قبيلة الزنكا التي تهيمن على الحركة الشعبية والحكومة في الجنوب صراعات تاريخية.

*ماذا عن الوجود الإسرائيلي في الجنوب؟

** هناك وجود إسرائيلي منذ فترة طويلة في الجنوب وقدم الكثير من المساعدات للجنوبيين من أجل استمرار الحرب الأهلية وهذا التواجد وصل إلى ذروته في اللحظة الحالية في شكل عسكري واستخباري وأمني واقتصادي حيث وصل عدد كبير من الخبراء الإسرائيليين إلى الجنوب.

*هل تعتقد أن الجنوب السوداني سيقف مع دول المنبع ضد مصر أم سيكون مثل السودان؟

**الجنوب أقرب إلى دول المنابع وتربطه علاقات وثيقة بأوغندا وكينيا ومن غير المتوقع أن تنضم إلى مجموعة quot;عنتينيquot; على الأقل في المرحلة الأولى بعد الانفصال لانشغالها بمرحلة بناء الدولة ولن تكون بحاجة إلى صراع جديد لن تستفيد منه خاصة وأنها دولة هطول مطري غزيري يقدر في حده الأدنى بـ500 مليار متر مكعب من المياه سنويا ولا تعتمد على المياه في الزراعة ولكنها تعتمد على الزراعة المطرية لذا فهي لديها تخمة في المياه وعلى ضوء هذا الواقع فالجنوب ليس من مصلحته التدخل بشكل سلبي لتقليل كمية المياه المتدفقة حاليا إلى شمال السودان ومن ثم إلى مصر.

*ثمة مشروعات مشتركة بين مصر والسودان كانت مخططة في فترة الستينات فهل ترى أن هذه المشاريع لازالت قائمة؟

**منطقة جنوب السودان هي موطن لمشروع قناة جونقلي ومشروعات نيلية أخرى كانت مخططة سلفا منذ الستينات وبطبيعة الحال تنفيذ هذه المشروعات من عدمه في الوقت الحالي يتوقف على الإرادة السياسة لدولة الجنوب التي تدرك أن هذه ورقة مهمة ستستخدمها للضغط على شمال السودان أو مصر وهذا الأمر في مرحلة لاحقة وليس الآن.

*لكن الجنوب أشاد بالدور المصري والمعونات التي يتم تقديمها لهم؟

**المعونات المصرية توفر للجنوب 600 مليون دولار وهو مبلغ ضئيل جدا، وعلى الرغم من إشادة الجنوبيون بالدور المصري إلا أنهم يؤكدون دائما أن هذه المعونات ذات طابع رمزي ومن الطبيعي أن يتحدثون عن مصر بإيجابية في الوقت الحالي لأنهم يحتاجون إليها لضمان عدم تدخلها وعدم تأثيرها على مجريات عملية الانفصال لكن بعد ذلك سيكون هناك حديث أخر.