عراقيون يتوجهون إلى كربلاء سيراً على الاقدام

على الرّغم من تشديد السلطات الأمنية العراقية من إجراءاتها الاحترازية وزيادة مساهمة عديد قوات الأمن لتأمين زيارة ملايين العراقيين والأجانب لإحياء أربعينية الإمام الحسين في كربلاء التي تصل ذروتها غدًا الثلاثاء الا أن مفخخات القاعدة ما زالت تتحدى، ملحقة خسائر جديدة، حيث أدى تفجير اثنتين منهما اليوم الى مصرع واصابة 40 شخصًا بعد يومين من انفجار اربعة اخرى عند مداخل المدينة مما يضع القوات الأمنية امام تحدّي ملء فراغ الانسحاب الاميركي من البلاد بشكل كامل في نهاية العام الحالي.


على الرغم من حشد حوالى 32 الف عسكري حول وداخل مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) ومساهمة الطيران والقناصة بعمليات حفظ أمن ملايين الزائرين المتدفقين على المدينة وبينهم حوالى ربع مليون عربي واجنبي الا ان تنظيم دولة العراق الاسلامية الذراع العراقي لتنظيم القاعدة يواصل تحقيق اختراقات تحد لهذه الاجراءات.

وادى تفجير مفخختين اليوم الى مصرع واصابة حوالى 40 شخصًا بينهم 6 قتلى الامر الذي يضع القوات العراقية امام اختبار القوة والسيطرة على الوضع الأمني في البلاد مع رحيل كامل القوات الاميركية عن البلاد بنهاية العام الحالي.

وقد وقع انفجار اليوم الاثنين في ضواحي كربلاء وقامت قوات الأمن بنقل المصابين إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج وطوقت منطقة الحادث ومنعت الاقتراب منه. وجاء هذان التفجيران بعد ثلاثة ايام من وقوع خمسة انفجارات اخرى الخميس الماضي استهدفت حشود الزوار على مشارف المدينة باتجاه محافظتي بغداد والنجف وخلفت نحو 253 قتيلاً وجريحًا.

ودفعت هذه التفجيرات بقيادة القوات العراقية في منطقة الفرات الاوسط وفي كربلاء بالتحديد الى تغيير خططها الأمنية معلنة ان 32 ألف عنصر أمن يشاركون الآن في خطة أمنية لحماية زوار الأربعينية. وقال رئيس مجلس محافظة كربلاء محمد الموسوي إن القوات الأمنية نفذت عمليات استباقية في منطقة جرف الصخر بمحيط كربلاء أسفرت عن اعتقال خلية إرهابية كانت تخطط لضرب الزوار بوساطة الصواريخ واصفًا هذه الخطة بالمحكمة.

وكان لواء الرد السريع التابع لوزارة الداخلية أعلن الجمعة عن إلقاء القبض على المجموعة المسلحة التي نفذت تفجيرات كربلاء في عملية إنزال جوي في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل مشيرًا إلى أن اثنين من أعضاء المجموعة هما قائد صحوة الحامية ومساعده.

تشديد الاجراءات الأمنية في كربلاء والنجف

ومن جهتها اعلنت قيادة شرطة محافظة النجف المجاورة لكربلاء بدورها عن خطة أمنية لحماية الزائرين المتوجهين إلى كربلاء بهدف تأمين الطرق العامة لهم من جنوب النجف وحتى شمالها باتجاه كربلاء بمشاركة جميع قطعات الداخلية والدفاع التي دخلت في حالة الإنذار القصوى.

وتقول مصادر عراقية ان تصاعد هذه التفجيرات يضع القوات العراقية امام تحدي القدرة على ملء فراغ رحيل كامل القوات الأمنية عن البلاد بنهاية العام الحالي. وعلى الرغم من نفي الحكومة العراقية الا ان هذه المصادر أشارت الى وجود خطط ببقاء جزء من القوات الاميركية الحالية في العراق البالغ عددها حوالى 50 الف عسكري لدعم ومساندة القوّات العراقية.

ولذلك فقد حذر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي من تصاعد إعمال العنف في البلاد مع اقتراب موعد عقد القمة العربية المقرر عقدها في بغداد في الأسبوع الأخير من اذار (مارس) المقبل. وشدد الهاشمي في بيان صحافي اليوم على أهمية اتخاذ الحيطة والحذر لضمان توفير الظروف الأمنية اللازمة لانعقاد القمة العربية في بغداد في موعدها المحدد. ودعا الى تعزيز الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية quot;لقطع الطريق على الإرهاب ومنعه من تنفيذ مخططاته الإجراميةquot;.

وقد تبنى تنظيم دولة العراق الاسلامية سلسلة التفجيرات التي شهدها العراق الاسبوع الماضي. وقال التنظيم في بيان ان انتحارييه شنوا quot;غزوتين جديدتين مباركتين في ولايتي صلاح الدين وديالىquot;.

وقال quot;استهدفت الغزوة الاولى في تكريت مركزا لتطوع مطايا الشرطة المرتدة خنجر الغدرٍ الذي سلته الحكومة الرافضية في ظهور المجاهدين واصحاب الأيادي السوداء في تغلغل المشروع الصفوي لهذه الولاية السنية وتشييع مدنهاquot;. وأضاف quot;اما الغزوة الثانية في ولاية ديالى فنفذها ثلاثة من ابطال الاسلامquot; استهدف احدهم quot;نائب رئيس مجلس محافظة ديالى رأس الكفر المعمم المدعو صادق الحسيني، المسؤول الأول عن تنفيذ خطة تشييع هذه الولاية العصيةquot;.

والثلاثاء الماضي قتل انتحاري 50 شخصًا عبر تفجير سترته المفخخة وسط مجموعة من الاشخاص الذين ينتظرون قبولهم للانضمام الى شرطة تكريت مسقط راس الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وفي اليوم التالي فجر انتحاري سيارة اسعاف مفخخة كان يقودها عند مدخل قاعدة لقوات الأمن في بعقوبة موديًا بحياة 14 شخصًا كما قتل شخصان اخران في اعتداء انتحاري في مدينة مجاورة.

نجاة محافظ صلاح الدين ومقتل ضابط كبير

واليوم الاثنين نجا محافظة صلاح الدين (170 كم شمال غرب بغداد) من محاولة اغتيال بانفجار عبوة ناسفة شمال تكريت أسفرت عن إصابة خمسة من عناصر حمايته. فقد انفجرت عبوة ناسفة على الطريق العام في حي القادسية شمال تكريت مستهدفة موكب محافظ صلاح الدين أحمد عبدالله الجبوري مما أسفر عن إصابة خمسة من أفراد حمايته، فيما نجا الجبوري من الحادث.

وفي غرب بغداد قتل اليوم ضابط كبير برئاسة الوزراء بانفجار عبوة ناسفة وقال مصدر أمني إن عبوة ناسفة كانت مزروعة قرب منزل العميد الركن ثامر صالح حسن المنسوب لرئاسة الوزراء في منطقة الغزالية بضواحي بغداد الغربية انفجرت عند خروجه من منزله مما أسفر عن مقتله في الحال. وكانت بغداد شهدت امس تفجير اربع مفخخات في مناطق مختلفة مما ادى الى مصرع واصابة اكثر من 50 شخصًا بينهم عدد من افراد القوات الأمنية والتلاميذ.

وازاء تصاعد هذه التفجيرات فقد أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق آد ملكيرت بعد ادانته للاعتداء الذي استهدف زوار الاربعينية في كربلاء أن التنوع في العراق قوة تدفع إلى تأسيس ديمقراطية راسخة ومجتمع تعددي.

واعرب عن قلقه الشديد إزاء استمرار الهجمات التي تستهدف جماعات معينة في العراق وتلك الموجهة ضد قوى الأمن والشخصيات الحكومية والسياسية. وأشار الى ان هذه الهجمات البشعة ضد المتعبدين من مختلف الديانات في العراق أثناء إحيائهم للمناسبات الدينية وممارسة حقوقهم الدينية قد هالته. وشدد في بيان على ضرورة احترام التنوع في العراق وقال انه القوة الأساسية التي ستدفع للإمام بجهود البلاد الرامية إلى تأسيس ديمقراطية راسخة ومجتمع تعددي يشمل للجميع.

ومن جانبه اعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني الاعتداءات quot;جريمة تنم عن حقد على الجنس البشري ورغبة اثيمة في اثارة الفتن واشاعة جو من الخوف والاضطراب وهي في الوقت ذاته تعبير عن العزلة التي غدت تعاني منها القوى المناوئة للعملية السياسية بعد تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي تضم ممثلي مختلف الاطراف السياسية وجميع المكونات المجتمعية،وما اعقب ذلك من انفتاح عربي واقليمي ودولي على العراقquot;.

وطالب في بيان صحافي الاجهزة المعنية quot;سد ثغرات مابرحت تعاني منها في عملها والكشف عن اي تواطؤ محتمل مع القوى الارهابية ومحاسبة المقصرين والمتماهلين بالشدة التي يقتضيها الحفاظ على أمن البلد وارواح المواطنينquot;.. مشددًا على ضرورة الاسراع في استكمال تشكيل القيادات الأمنية واجراء المراجعة الدورية لخططها.

يذكر انه بعد منع استمر لسنوات عدة في زمن النظام العراقي السابق فقد استأنف المسلمون الشيعة في البلاد بعد سقوط النظام عام 2003 إحياء ذكرى عاشوراء في العاشر من محرم من كل عام وذكرى الأربعينية التي تعد من أكبر المناسبات الدينية لديهم حيث يحيون فيها ذكرى مرور أربعين الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في كربلاء العام 61 للهجرة وذلك في أجواء يخيم عليها الحزن وترفع فيها الرايات السود وسط مجالس العزاء التي تروي السيرة التراجيدية للحدث. وتصادف زيارة الأربعين في العشرين من شهر صفر وهو اليوم الذي يصادف مرور أربعين يومًا على مقتل الإمام الحسين وافراد عائلته وتصادف هذا العام غدًا الثلاثاء.