موسكو: لا تزال عملية اغتيال الصحافية المعارضة آنا بوليتكوفسكايا، بعد خمس سنوات على ارتكابها، جرحًا مفتوحًا في ضمائر المدافعين عن حقوق الانسان في روسيا، لأن التحقيق الذي يواجه انتقادات حادة، لم يتوصل بعد الى تحديد الجهة التي اصدرت الامر بالقتل.

وقد اغتيلت بوليتكوفسكايا التي كانت تعمل لحساب صحيفة نوفايا غازيتا، المعروفة بمعارضتها الحادة لنظام فلاديمير بوتين وتنديدها الدؤوب بالتجاوزات في الشيشان، في السابع من تشرين الاول/اكتوبر 2006 ببضع رصاصات اردتها على درج بنايتها في العاصمة الروسية.

واثار اغتيالها انتقادات حادة في الغرب، وكشف عن المخاطر التي يواجهها الصحافيون الذين يتحدون السلطات في روسيا. وفي اعقاب محاولات قضائية عديدة، وجّهت الى الكولونيل السابق في الشرطة الروسية ديمتري بافليوتشينكوف في اوائل ايلول/سبتمبر تهمة الاعداد لهذه الجريمة المرتبطة بـ quot;أنشطة مهنية للضحيةquot; التي ارتكبها ثلاثة اشقاء شيشانيون، كما جاء في الاتهام.

لكن الجهة التي اصدرت الامر بالقتل لم تعرف بعد، ولا الدوافع الحقيقية للجريمة التي ارتكبت في يوم ذكرى ميلاد الرئيس آنذاك ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين.

وبسبب انشطة الصحافية التي كانت من القليلات اللواتي عملن في الشيشان، اتجهت انظار الكثيرين الى السلطات الموالية لروسيا في الجمهورية القوقازية الصغيرة، لكن هذه الفرضية لم تتأكد حتى اليوم. وكانت آنا بوليتكوفسكايا، التي تتميز بصراحتها الحادة، تصف علنًا فلاديمير بوتين بأنه quot;رجل صغير رماديquot;، والرئيس الشيشاني الموالي لروسيا رمضان قديروف بأنه quot;كاذبquot;.

وبعد خمس سنوات، ما زال اغتيال آنا بوليتكوفسكايا quot;خسارة لا تعوضquot; لروسيا، كما قالت لوكالة فرانس برس سفتلانا غنوشكينا الناشطة في مجال حقوق الانسان. واضافت quot;كانت قادرة على تحريك الناس وإرغام المسؤولين على الاعتذار في نهاية المطافquot;.

وفي مقالاتها الطويلة وتحقيقاتها لصحيفة نوفايا غازيتا المعارضة التي يشترك في ملكيتها الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف، كانت آنا بوليتكوفسكايا تورد شهادات لاجئين شيشانيين وجنود وذوي مفقودين وتندد بحالات التعذيب.

ويعتبر ديمتري مرادوف رئيس تحرير نوفايا غازيتا أن الاغتيال قد اثر على تغطية الاحداث في منطقة القوقاز التي امتد اليها في السنوات الاخيرة التمرد الذي اتخذ الطابع الاسلامي. وقال quot;اذا كان الهدف من اغتيالها هو الحد من المعلومات في هذا المجال، فإنه قد تحققquot;، وتحدث عن quot;رقابة ذاتيةquot; يمارسها الصحافيون الروس.

وكشف ايضا انها quot;كانت محقةquot; عندما كانت تنتقد تنامي القومية الروسية في خضم حربي الشيشان منذ 1994. وتؤكد نوفايا غازيتا التي تجري تحقيقها الخاص حول جريمة الاغتيال، ان الخيوط الاكثر ترجيحًا تقود الى القوقاز الروسي.

وقال مرادوف quot;رأيي هو ان الفساد وخوف البعض من انكشاف امرهم، اذا ما استمرت في التحقيق حول طريقة اعادة اعمار الشيشان وحول مصير التمويلاتquot; التي بلغت مليارات الروبلات التي دفعتها موسكو، هما اللذان اديا الى اغتيالها. واعرب مرادوف ايضا عن quot;اعتقاده الراسخquot; بأن مستقبل التحقيق حول اغتيال آنا بوليتكوفسكايا قد توقف باعتباره واحدا من اسرارًا الدولة في روسيا.

وقد اعلن فلاديمير بوتين لتوه ترشيحه الى الانتخابات الرئاسية في اذار/مارس المقبل، وهو على يقين تقريبًا من العودة الى الكرملين لولاية او ولايتين من ست سنوات بعد فرض وقف التقيد بالدستور.

وبعد ثلاثة ايام على الجريمة، قال انه اذا كانت آنا بوليتكوفسكايا quot;ناقدة حادةquot; للسلطة، فإن تأثيرها على الحياة السياسية في البلاد quot;تافه جدًاquot;.

وقال ديمتري مرادوف quot;اعتقد ان على بوتين تقديم اعتذار عن هذه العبارة، على الاقل بعد خمس سنواتquot;. واضاف quot;اذا كان انقاذ حياة الناس امرا تافها، عندئذ لا تساوي الحياة البشرية شيئا في هذا البلدquot;.