جلعاد شاليط الجندي الإسرائيلي المفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى |
يعتبر خبراء أن نجاح مصر في إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، ووضع اللمسات النهائية على صفقة مماثلة تشمل 81 أسيراً مصرياً والجاسوس الإسرائيلي إيلان غرابل، تشير إلى إعلان رسمي في عودة العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، لكنها غير كافية لإعادة الدفء إليها كما كان الحال قبل الثورة.
يرى الخبراء والمتابعون للشأن السياسي أن نجاح مصر في إتمام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين والجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بعد رفض منتل أبيب على مدار السنوات الماضية، إضافة إلى وضع اللمسات النهائية على صفقة مماثلة بشأن الجاسوس الإسرائيلي إيلان غرابل، بمثابة إعلان رسمي عن عودة العلاقات المصرية والإسرائيلية، لكنهم يؤكدون أن تلك الصفقات لن تعود بتلك العلاقات إلى حالة الدفء التي كانت عليها في عهد النظام السابق قبل الثورة.
لا عودة لدفء العلاقات بين مصر وإسرائيل
يقول الدكتور طارق فهمي، الخبير في الشأن الإسرائيلي، لـquot;إيلافquot; إن الحديث عن عودة العلاقات الحميمية بين القاهرة وتل أبيب قد انتهى، ولا يوجد في السياسة هذا المفهوم، فالعلاقات بين الدول تربطها المصالح فقط.
وأضاف: quot;في تقديري، إن العلاقات بين مصر وإسرائيل تحسنت بشكل كبير عمّا كانت عليه خلال الفترة الماضية، عقب مقتل الجنود المصريين على الحدود، ويرجع ذلكإلى أسباب عدة، منها استجابة إسرائيل لمصر بالاعتذار عن هذه الواقعة، وكذلك الاستجابة للمفاوضات السرية بشأن تعديل اتفاقية الغاز والكويز، كما تم الاتفاق على صفقة تبادل الجاسوس الإسرائيلي لدى مصر إليان غرابل، مقابل خروج المصريين الـ81 من السجون الإسرائيلية،إضافة إلى موافقة تل أبيب على دفع تعويضات لأهالي الجنود الذين قتلوا على الحدودquot;.
وأشار فهمي إلى أن مدى استمرار هذا التطور في العلاقات أو تراجعها ودخوله في مرحلة جديدة من التأزم متوقف على التزام إسرائيل بتنفيذ المرحلة الثانية من صفقة الأسرى الفلسطينيين في مصر، فهي الضامن الوحيد للصفقة، وتراجع إسرائيل يمثل إحراجًا كبيرًا أمام العالم، والأمر الآخر متعلق بمدى استمرار الموافقة الإسرائيلية على تعديل بروتوكول اتفاقية كامب ديفيد، بما يسمح لمصر بزيادة التعزيزات الأمنية على الحدود في سيناء.
ويتوقع فهمي إستمرار تل أبيب في تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة الأسرى، في ظل رفض تام لأكبر قيادات في الخارجية ووزارة الدفاع، واعتراض شديد من جنرالات الجيش الإسرائيلي، لدرجة إنه تم الدعوة إلى إقرار قانون جديد أطلق عليه quot;قانون شاليطquot;، يُلزم الحكومة الإسرائيلية بأن يكون تبادل الأسرى عن طريق أسير مقابل أسير. ويرى فهمي أن كل هذه الأمور قد تصعب الحكم على استمرار العلاقات الحميدة بين البلدين خلال الفترة المقبلة، ولكن حاليًا هناك تحسن كبير في تلك العلاقة.
مقياس تقدم العلاقة لا يتوقف على الصفقتين
ووفقاً لإفادة مساعد وزير الخارجية السابق السفير صلاح فهمي لـquot;إيلافquot;، فإن مقياس تقدم العلاقات بين القاهرة وتل أبيب لا يتوقف على نجاح صفقة شاليط أو إتمام صفقة تشاييم الجاسوس الإسرائيلي، وإنما الحكم على العلاقات يتم بناءً على شكل البرلمان والحكومة والرئيس المقبلين، مع الأخذ في الاعتبار أن صفقة شاليط تشير إلى تحسن كبير للعلاقات الثنائية بين الدولتين خلال الفترة الانتقالية الحالية بعد التأزمها خلال الأشهر الماضية.
وأشار إلى وجود مخاوف من أن يكون تحسن العلاقات عاملاً سلبيًابالنسبة إلىمصر بشأن موقف الحكومة من حصار إسرائيل لقطاع غزة، خاصة أنه كانت هناك دعاوى مليونية من شباب الثورة بالزحف لفك الحصار عن شعب غزة.
ولفت فهمي إلى أن إسرائيل حققت استفادات عدة من صفقة الأسرى بتعزيز الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط وقيامها بدور إقليمي أكبر من إيران، ولا يقل عن الدور الألماني في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، حيث أرادت تل أبيب من وراء ذلك عودة العلاقات بين مصر وإيران إلى نقطة الصفر، بعد تخوف حكومة نتنياهو من تصريحات وزير الخارجيةالسابق نبيل العربي بفتح صفحة جديدة مع إيران، وهو ما تسبب في سعي الولايات المتحدة وقطر إلى إبعاده عن الخارجية بتولي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وأوضح أن اسرائيل استفادت بعقد هذه الصفقة مع حركة حماس في هذه اللحظةتحديدًا من أجل تقوية حماس في الشارع الفلسطيني، وتصويرها على أنها الطرف الذي يبحث عن مصلحة شعبه، مما يوقع حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس في مأزق، ويفشل سعيه إلى الحصول على الاعتراف بدولة فلسطين بالأمم المتحدة.
على النقيض، يرى السفير عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق في تصريح لـquot;إيلافquot; أن العلاقات المصرية الإسرائيلية لم تشهد توترًا من قبل حتى ندّعي أنها تشهد تحسنًا كبيرًا بعد صفقة شاليط، والتي تمت، لكونها تصبّ في مصلحة تل أبيب حاليًا فوافقت عليها الآن.
وأضاف: quot;ورغم ذلك، نحن نقدر الدبلوماسية المصرية لتنفيذ هذه الصفقة، ونحمّل الجانب المصري مسؤولية ضمانات إتمام الصفقة، وتحديدًا المرحلة الثانية منها، رغم الشكوك التي تدور حول إخلال إسرائيل بوعدها، كما هي العادة، حيث توجد مؤشرات برفض شعبي وحكومي للصفقة. وحيال هذه الضغوط، فمن المتوقع تراجع إسرائيل، وهنا سيكون هناك دور كبير على مصر باستمرار الضغوط على تل أبيب لتنفيذ الصفقة.
ورفض الأشعل الربط بين الصفقة واعتذار إسرائيل رسميًا عن قتل الجنود المصريين على الحدود، مؤكدًا أن الاعتذار كان سيصدر، حيث أثبتت التحقيقات المشتركة بين وزارة الدفاع الإسرائيلية والمصرية تورّط إسرائيل، والأمر الآخر أن تل أبيب أرادت من الاعتذار عودة العلاقات إلى شكلها الطبيعي أمام الرأي العام الدولي، وتحديدًا في مصر، من أجل ضرب تركيا، وما قيل عن التقارب المصري التركي وعمل ثنائي سياسي ضد تل أبيب.
التعليقات