رأى خبراء ومحللون سياسيون أن حصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو من شأنه أن يعزز الحق المشروع للفلسطينيين في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحقها في حماية تراثها المنهوب؛ والتي تحاول إسرائيل طمسه عبر سلسلة من مخططات التهويد.


الفلسطينيون حققوا إنجازاًبنيلهم عضوية اليونسكو

القاهرة: أكد خبراء ومراقبون في أحاديث منفصلة مع quot;إيلافquot; أن انضمام فلسطين لليونسكو سيعزز طلبها في الحصول على عضوية الأمم المتحدة في أعقاب الطلب الذي تم تقديمه في سبتمبر الماضي؛ كون الانضمام لليونسكو يمثل دليلاً على الاعتراف الدولي بحق الشعب الفلسطيني بأرضه، مستبعدين تأثير العقوبات الأميركية على دور المنظمة في تأدية مهامها حول العالم حيث تستطيع الدول العربية سد الدعم المالي الأميركي البالغ(60) مليون دولار.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية ،والثقافة، والعلوم (اليونسكو)، قد قررت منح الفلسطينيين عضوية كاملة فيها، حيث صوتت البرازيل، روسيا، الصين، الهند، جنوب إفريقيا، فرنسا، وجميع الدول العربية، وغالبية الدول الإفريقية والأميركية اللاتينية، فيما عارضت كل من الولايات المتحدة، كندا، ألمانيا وبلغ عدد الدول المصوتة لصالح القرار نحو (107) أعضاء من أصل (180) وبحضور(173) بينما امتنع عن التصويت حوالى (50)عضوًا.

يقول الدكتور أبو العلا نمر، أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي في جامعة عين شمس لـquot;إيلافquot; إن: quot;الشيء الإيجابي لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو يتمثل بلفت نظر العالم للقضية الفلسطينية وحقهم المشروع بالاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة الأميركية،وإسرائيل وهذا يمثل ضربة قوية لهما، ومن هنا كان الغضب الشديد للأميركيين.

وأضاف نمر أن منظمة اليونسكو دورها محدود في تقديم الخدمات والمساعدات في مجال التربية والعلوم والثقافة، ولا يوجد دور سياسي للمنظمة، ولن تقدم المساعدة الدولية للفلسطينيين؛ كما يتوقع الكثير خاصة بعد قرار الولايات المتحدة بوقف المساعدات المالية ما يؤثر بشكل كبيرفي نشاط المنظمة مستقبلا؛ متوقعاً أن يكون الموقف الأميركي سبباً لتخوف منظمات أخرى في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبول عضويتها.

واستبعد تراجع منظمة اليونسكو عن قرار عضوية فلسطين فيها في ظل الضغوط الأميركية والإسرائيلية على المنظمة حيث إن القرار اتخذ بشكل نهائي.

وحسب وجهة نظر نمر، فإن الموقف الأميركي المتشدد تجاه قرار (اليونسكو) يؤكد استحالة قبول فلسطين في الأمم المتحدة، حيث ستسعى الإدارة الأميركية إلى استخدام حق الفيتو، بجانب الضغط على دول من الخمس الدائمين في الأمم المتحدة لرفض القرار؛ حتى لا تظهر أمام العالم للمرة الثانية بوقوفها ضد السلام في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقاً لوجهة نظر صلاح عيسى الكاتب والمؤرخ التي قالها لـquot;إيلافquot;، فإن أهم مكاسب فلسطين من عضوية اليونسكو هي أن العالم بدأ يتقبل فكرة الدولة الفلسطينية، وأنها جزء من المجتمع الدولي، ومن المكاسب الأخرى المهمة تتمثل بتحمل (اليونسكو) مسؤولية الدفاع وحماية التراث الفلسطيني المنهوب من قبل إسرائيل على مدار ستين عاما والتي نسبت الكثير منه لها بالأراضي التي تحتلها وهذا شيء مهم جداً للمسلمين جميعا، حيث ستتصدى للانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى.

واستبعد عيسى تأثير العقوبات الأميركية على المنظمة حيث إن الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لا يتجاوز (60) مليون دولار؛ فهو مبلغ بسيط لا يمثل شيئاً ويمكن تعويضه من خلال الدول العربية وخاصة النفطية مثل السعودية، وقطر، والإمارات، والجزائر؛ ولهذا فلن يكون للعقوبات الأميركية تأثير على توقف دور(اليونسكو) في حماية التراث الفلسطيني.

وتوقع عيسى تراجع الولايات المتحدة الأميركية قريباً عن موقفها ضد اليونسكو، لاسيما أنها اتخذت من قبل موقفًا مثل هذا وتراجعت عنه، مطالباً الدول العربية التي تربطها علاقات قوية مع الولايات المتحدة بحثّ الإدارة الأميركية على التراجع عن عقوبتها ضد اليونسكو والفلسطينيين؛ فهناك دور مطلوب من الدول العربية والأفريقية واللاتينية القيام به في مساندة القضية الفلسطينية في الفترة القادمة.

وقال الدكتور عبدالله الأشعل أستاذ القانون الدولي، ومساعد وزير الخارجية الأسبق ل quot;إيلافquot;، إن الحصول على هذه العضوية يشكل محطة معنوية مهمة للفلسطينيين من شأنها المساهمة وبشكل كبير في ترسيخ قناعة المجتمع الدولي بعدالة قضية فلسطين، وبالتالي من الممكن أن يتم استغلالها بالتأكيد على الحق الفلسطيني في الحصول على اعتراف بالدولة المستقلة على حدودquot;67quot;وعضوية الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن عضوية اليونسكو تحقق رقابة وحماية للأماكن التاريخية، والتراثية، والتعليمية والتربوية في الأراضي الفلسطينية؛ وتتمثل هذه الحماية في منع التدخل الإسرائيلي من طمس هويتها أو العبث بها. خاصة وأن هناك العديد من المواقع التاريخية والتراثية الفلسطينية التي تسعى إسرائيل إلى ضمها إلى قائمة تراثه، وهكذا تصبح المنظمة مسؤولة عن حماية هذه المواقع التاريخية ومنع إسرائيل من وضع يده عليها.

ويرى الأشعل أن المنظمة لديها إمكانية في فرض قرار معنوي بإجبار إسرائيل على تنفيذ مطالبها لحماية التراث الفلسطيني؛ وهذا القرار يتخذ بإجماع أعضاء المنظمة والذي يمكن أن يشكل رأيا عاما دوليا؛ وهو ما تخشاه إسرائيل دائما فالمنظمة ليس لديها قوى سياسية أو عسكرية لتنفيذ قراراتها بالقوة الجبرية كما هو الحال بالنسبة للأمم المتحدة.

ودعا الدول العربية الأعضاء باليونسكو إلي الوقوف بجانب المنظمة ضد العقوبات المالية الأميركية بسد هذه الأموال حتى لا يكون هناك أي تأثير سلبي على المنظمة بشأن دورها المحوري تجاه القضية الفلسطينية مستقبلا.

ويشير الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، إلى أن العضوية تمثل انتصارًا فلسطينياً، وهي خطوة تأخرت كثيرا حيث طالبت فلسطين مرات عديدة الحماية الدولية للتراث والتاريخ الفلسطيني الذى نهب على يد اسرائيل؛ وهذا يمكن أن يحقق للفلسطينيين ما حاول الإسرائيليون النيل منه، وهو حق الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الانضمام إلى اليونسكو يؤكد الهوية، وأن أرض فلسطين هي للفلسطينيين؛ ولهذا السبب كانت اسرائيل تحاول تزوير التاريخ، وفقا لادعاءاتها؛ وبالتالي فإن هذا الاعتراف يشكل خطورة على الادعاء الإسرائيلي.

وعن كيفية الاستفادة من هذه العضوية سياسيا، قال عودة إن هذه فرصة جيدة للدول العربية والإسلامية؛ لاستغلال هذه العضوية من خلال التأثير على المجتمع الدولي، والتأكيد على الحق الفلسطيني المشروع بوجود الدولة الفلسطينية وأن ما تفعله إسرائيل على الأراضي المحتلة يمثل انتهاكا صريحا لسيادة الدولة ومن حقها الدفاع عن شعبها وأراضيها.

كما اعتبر العضوية ما هي إلا صك رسمي للعالم أجمع؛ لكذب المزاعم الإسرائيلية في أن هناك تاريخا يهوديا على أرض فلسطين.
ورفض عودة وجود ربط بين عضوية فلسطين باليونسكو بأن يكون ذلك فرصة لعضوية الأمم المتحدة، مؤكدا أن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة صعبة للغاية في ظل لجوء الولايات المتحدة لحق الفيتو؛ وهو ما يؤكد أنها ستستخدمه بعد قرارها الرافض لعضوية فلسطين في اليونسكو.