طرابلس: وضعت اعمال الاغتصاب والتعذيب والقتل التي تخللت الثورة الليبية حاجزا كبيرا بين مدينتين جارتين كانتا صديقتين في السابق. فقد شاركت التوارقة في عمليات القتل التي ارتكبها جيش معمر القذافي في مصراتة التي كانت من اولى مدن انطلاق الثورة والتي تنفذ حاليا انتقامها الدامي.

وتحتفظ مصراتة (215 كلم شرق طرابلس) بتسجيلات فيديو التقطت عبر الهواتف المحمولة لمقاتلين من انصار القذافي تم اسرهم او قتلهم من اجل التعرف الى quot;الجناةquot; ويظهر فيها مئات الرجال من ابناء التوارقة وهم يقاتلون الى جانب كتائب القذافي.

ويتذكر خالد ابو بريدة وهو صياد سمك من مصراتة احد ايام شهر اذار/مارس عندما اجتاح هؤلاء المقاتلون حيه. ويتحدث عن مواجهات بالسلاح الابيض وكيف استخدم رمح صيد الاسماك لمواجهة المقاتلين المسلحين بسكاكين والقليل من البندقيات ذات الطلقة الواحدة.

وقال quot;نهبوا كل شيء واسروا 13 من افراد عائلتيquot;. واكد انه بالرغم من ان الاغتصاب يعتبر من اكبر المحرمات في ليبيا فان quot;الكثير من نساء مصراتة تعرضن للاغتصاب على ايد رجال من التوارقة واحيانا امام اعين عائلاتهنquot;.

ويروي الكثير من السكان قصصا مشابهة. وقال المتحدث باسم المجلس العسكري في مصراتة فتحي علي بشاقة quot;في ليبيا يمكن العفو عن القتل والسرقة، لكن ليس عن الاغتصابquot;.

وقاومت مصراتة، ثالث كبرى مدن البلاد وتضم نصف مليون نسمة، طوال اشهر قصف دبابات ومدفعية قوات القذافي. وبالرغم من صدهم الى خارج المدينة في اواخر نيسان/ابريل واصل انصار القذافي قصف المدينة من قاعدتهم في التوارقة التي تبعد حوالى 30 كلم جنوبا.

واسفر القصف عن مقتل الالاف قبل ان يتوقف في 10 اب/اغسطس عندما هاجم مقاتلو مصراتة التوارقة ودمروا مدفعية النظام.

وتتذكر كريمة محمد وهي ربة منزل لجأت الى طرابلس ذاك اليوم وتقول quot;فررنا على الاقدام من دون اي شيء، تحت وابل القذائفquot;، علما ان ابناءها مختبئون خوفا من الانتقام.

والتوارقة هي المدينة الوحيدة على الساحل الليبي التي يتسم سكانها بسواد البشرة. وهي مذاك مهجورة منهوبة بعد ان احرقها سكان مصراتة.

وقد لجأ سكان التوارقة بعد فرارهم الى معاقل اخرى لانصار القذافي وعلى الاخص سرت وواحتي الجفرا وسبها (جنوب). لكن غضب مصراتة لاحقهم اينما كانوا، حيث يقبع حاليا الالاف منهم في السجون.

ويروي حكيم مازب سعدي الذي يرأس كتيبة لقوات النظام الجديد موكلة حماية واحة جفرا quot;لجأ حوالى 3000 من سكان التوارقة الى هنا في جفرا. لكن كتائب مصراتة وصلت وقتلت عددا منهم. راينا ثلاثة قتلى، فيما اختفى حوالى مئة، لا نعلم ان كانوا قتلواquot;.

وتابع quot;عندما شاهدنا الامر، جمعنا سكان التوارقة كافة في مكان واحد لحمايتهم. قبل ثلاثة اسابيع عادت جماعة مصراتة لاسر المزيد منهم، فرفضناquot;.

وقال مشيرا الى ان المواجهة كانت لتتحول الى معركة quot;اطلقنا النار فوق رؤوس جماعة مصراتة لابعادهم، وكاد الامر يتحول الى مقتلة. عندئذ اجلينا اهل التوارقة بالشاحنات الى بنغازي (شرق)quot;.

ولجأ سكان اخرون من التوارقة في مخيمات او تحصينات في طرابلس. وهناك ايضا نكلت بهم كتائب مصراتة حيث اقدمت على تعذيب بعضهم بانتظام وحتى قتلهم على ما اكد هؤلاء ومنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان.

صباح الجمعة جلب مقاتلو مصراتة جثة رجل عذب حتى الموت الى مخيم لاجئين قرب مطار طرابلس يضم 1700 لاجئ من التوارقة لا يجرؤون على مغادرته.

ويشكل الحقد الدفين عقبة امام مصالحة بعض انحاء البلاد بعد ثمانية اشهر من النزاع المسلح.

ويقول فرج يوسف ريفي احد مسؤولي مخيم المطار quot;اذا منعونا من العودة الى التوارقة فسنتحالف مع بني وليد وسرتquot; وهما معقلا القذافي الاخيرين اللذين سقطا في اواخر تشرين الاول/اكتوبر. واضاف quot;سنبيع سياراتنا ونشتري اسلحة ونهاجم مصراتةquot;.