شنّ معارضون سوريون في القاهرة هجوماً شرساً علي الجامعة العربية عقب إصدارها قرارًا بتعليق عضوية سوريا، ودعوة الدول العربية إلى سحب سفرائها من دمشق، معتبرين أن القرار لم يرق إلى طموحات الشعب السوري، الذي يتعرّض للقتل بوحشية منذ ثمانية أشهر.


هل يؤدي رفع الغطاء العربي عن سوريا إلى تدخل دولي؟
القاهرة: قال معارضون سوريون في القاهرة تعليقًا على قرار الجامعة العربية تعليق عضوية دمشق في الجامعة وسحب السفراء، إن ما يحدث مؤامرة جديدة على الشعب السوري، تهدف إلى تركيعه وإطالة عمر النظام.

وطالبوا بضرورة إحالة ملف نظام بشار الأسد إلى مجلس الأمن، وفرض حظر طيران، أو التدخل العسكري مباشرة لإنقاذ السوريين ممّا وصفوه بـquot;عمليات إبادة جماعيةquot;. فيما قال محلل سياسي إن الجامعة العربية قدمت أقصى ما يمكن أن تقدمه وفقاً لميثاقها، بل إنها أحدثت إنقلاباً على ذلك الميثاق.

هدية لنظام الأسد

ووفقاً للمعارض السوري في القاهرة مأمون الحمصي فإن قرار الجامعة العربية quot;خطوة إلى الوراءquot;. وقال لـquot;إيلافquot; إن القرار لم يكن على مستوى الحدث، الذي إندلع قبل ثمانية أشهر، مشيراً إلى أن الجامعة العربية اتخذت قراراً بتعليق عضوية سوريا، ومنح الأنظمة العربية الحرية في سحب سفرائها أو لا، وذلك بعد سقوط 20 ألف شهيد وتقطيع 400 طفل، وإغتصاب مئات النساء، وإعتقال 15 ألف شخص.

وأضاف: إنه ثمن بخس جداً لدماء الضحايا، وهدية جديدة لنظام بشار الأسد، ومهلة جديدة لاستمرار الإبادة.

وأشار الحمصي إلى أن الشعب السوري إتخذ قراره بإسقاط النظام، ولن يتراجع عنه قيد أنملة، وعلى الجامعة العربية أن تتحمّل مسؤوليتها التاريخية تجاهه، وألا تستمر في حماية النظام، وتقدّم له فرصة تلو الأخرى، وهدية تلو الهدية.

حمل السلاح

وقال الحمصي إن الشباب السوري ليس أمامه سوى حمل السلاح ومواجهة القمع، مشيراً إلى أن الشباب السوري والمتضامنين معه من شباب مصر واليمن وليبيا كانوا يتظاهرون أمام الجامعة العربية، ويهتفون لسقوط بشار، ويطالبون بتزويدهم بالسلاح للجهاد ضد نظام بشار الأسد وحماية الشعب الأعزل.

وأضاف أن النظام السوري لم يمارس الإرهاب ضد شعبه فقط، بل يمارسه ضد الدول العربية والغربية أيضاً، موضحاً أن شبيحته وقوى الأمن التابعة له هاجمت سفاراتها وقنصلياتها، وصار يهدد دول الخليج، ويهدد بإشعال المنطقة.

تدخل عسكري أو حظر جوي

ودعا الحمصي إلى ضرورة تدخل مجلس الأمن وفرض الحظر الجوي أو التدخل العسكري مباشرة لحماية الشعب السوري من الإبادة.

لكن الدعوة إلى التدخل العسكري في سوريا ينظر إليها بإعتبارها نوعًا من الخيانة، ودعوة إلى الغزو الأجنبي؟. سؤال من quot;إيلافquot;إلى الحمصي، الذي يرد عليه قائلاً: إنها كلمة حق يراد بها الباطل، إنها كلمة يراد بها إستمرار النظام في إبادة الشعب السوري، إن هذا النظام قتل 20 ألف شخص، وإعتقل 15 ألفاً، وقتل وقطع 400 طفل، وإغتصب مئات النساء السوريات العفيفات، وسوف يبيد الشعب كله، إنّ ما يحدث نوع من الكيل بمكيالين.

فكيف يتم حماية الشعب الليبي، ولا يقوم المجتمعان العربي والدولي بالأمر نفسه مع الشعب السوري، لولا التدخل الأجنبي في ليبيا، لوصل عدد القتلى إلى أكثر من مائة ألف، إن التدخل حقن دماء الليبيين، والمطلوب حقن دماء السوريين.

واتهم الحمصي المجلس الوطني السوري وباقي فصائل المعارضة، التي رضيت بالجلوس مع النظام، بالمتاجرة بدماء الشعب السوري، من أجل تقاسم السلطة مع النظام، مشيراً إلى أن الشعب اتخذ قراره بإسقاطه، ولن يرضى بغير ذلك بديلاً.

مؤامرة ضد الشعب السوري

ووصف المعارض السوري في القاهرة أحمد رياض غنام القرار بأنه quot;في ظاهره الرحمة، وفي باطنه العذابquot;. وقال لـquot;إيلافquot; إن قرار الجامعة العربية ليس في مصلحة الشعب السوري، كما يبدو في ظاهره للكثيرين، مشيراً إلى أنه يمنح النظام فرصة جديدة للقمع والقتل، لأنه يعلق مشاركة مندوب سوريا في إجتماعات الجامعة إلى حين تنفيذ المبادرة العربية. ووصف المباردة بأنها quot;مؤامرة ضد الشعب السوريquot;.

وكشف غنام عما أعتبره مؤامرة جديدة، وقال إن هناك مؤامرة تدبّر ضد الشعب السوري لمصلحة النظام الحالي، وأوضح أن خيوط المؤامرة سوف تبدأ بعد ثلاثة أيام عندما يتم دمج المجلس الوطني الإنتقالي المعارض مع الهيئة التنسيقية للثورة، وعقد إجتماع معهما في مقر الجامعة العربية في القاهرة، مشيراً إلى أنها محاولة لـquot;تدجين المعارضةquot; مقابل الأموال والمناصب، لاسيما أنها سوف تعقد إجتماعاً تالياً في العاصمة القطرية الدوحة مع عزمي بشارة وأمير قطر.

حرب أهلية

ونبّه غنام إلى خطة أخرى يعدّها نظام بشار الأسد في حالة فشل تلك المؤامرة، موضحاً أن الأسد يخطط لإشعال حرب أهلية في سوريا، من خلال نشر السلاح بأيدي الشبيحة وبعض الطوائف، وبعض التنظيمات الفلسطينية التي تعمل لمصلحته.

وقال غنام إن لديه معلموات تفيد بوجود حالة إستفنار من جانب عناصر حزب الله في سوريا ولبنان، والتنظيمات الفلسطينية الموالية لبشار، وأعرب غنام عن خوفه من تلك الخطة الأخيرة، لاسيما أن بودار الحرب الأهلية بدأت تلوح في الأفق على أرض الواقع في سوريا.

اتفق غنام مع الحمصيعلى ضرورة التدخل العسكري المحدود من جانب الأمم المتحدة لحماية الشعب السوري، وإحباط مخطط بشار الأسد لإغراق سوريا والمنطقة في حرب أهلية طاحنة.

قرار لمصلحة الثورة

جاءت قراءة الدكتور أسامة نو الدين الخبير في الشؤون الإقليمية مختلفة عن قراءة المعارضة السورية لقرار الجامعة العربية. وقال لـquot;إيلافquot; إن القرار quot;جيد جداًquot;، مشيراً إلى أنه يشكل دعماً واضحاً للثورة السورية، ويضيف المزيد من الضغوط إلى نظام الأسد.

وأوضح نور الدين أن القرار يزيد من عزلة النظام، فبعد العزلة الدولية يتعرّض لعزلة عربية، وسوف تكون له إنعكاسات دولية شديدة، فقد أصبح فاقداً للشرعية علىكل المستويات الشبعية والدولية والعربية.

حبل إنقاذ للجامعة العربية

حسب وجهة نظر نور الدين، فإن القرار يشكل حبل الإنقاذ للجامعة العربية، مشيراً إلى أنه لو لم تتخذ هذا الموقف، لانتهى دورها في المنطقة، ودعا إلى ضرورة استثمار ذلك الموقف من أجل تطوير أسلوب عمل الجامعة في التعامل مع الأزمات المشابهة، ليكون لها دور فاعل في القضايا العربية، وألا تترك مجالاً للتدخل الخارجي.

وانتقد نور الدين موقف المعارضة السورية من القرار، وقال إن القرار يمثل تحولاً كبيراً في طريقة عمل جامعة الدول العربية، وخروجا عن ميثاقها، وأوضح أن القرار أتخذ بالغالبية، رغم أن الميثاق ينصّ على أن أية قرارات لا يتم اتخاذها إلا بالإجماع.

ونبّه إلى أن الجامعة تركت مسألة سحب السفراء إختيارية، لأن قرارتها غير ملزمة للدول الأعضاء. داعياً إلى عدم تحميل الجامعة العربية فوق طاقتها، لاسيما أن القرار يعتبر الأول من نوعه، والأشد حزماً في تاريخها.

وطالب نور الدين المعارضة السورية بضرورة الإستفادة من القرار، على طريقة quot;خذ وفاوضquot;، من أجل الحصول على المزيد من المكاسب، وحقن دماء الشعب السوري. معتبراً أن الدعوة إلى التدخل العسكري ليست في محلها، بل يجب أن يسقط الشعب النظام بنفسه، حتى لا يضطر إلى دفع فاتورة باهظة للغرب في ما بعد.