آثار الانفجار الذي شهدته طهران

تتضارب الأنباء بشأن السبب الحقيقي للانفجار الذي وقع في إيران السبت الماضي وأدى إلى مقتل 17 شخصا بينهم الجنرال حسن محمود بهراني مقدم رئيس منظمة الإمدادات والدراسات الصناعية في الحرس الثوري الإيراني.


أثار الانفجار الذي وقع يوم السبت الماضي في قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني وأودى بحياة 17 شخصا من قوات الحرس الثوري في طهران حسب الرواية الإيرانية (بعد أن كان عددهم في البداية 27 شخصا) تساؤلات عديدة حول طبيعة وأسباب هذا الانفجار، حيث يوجد هناك 3 روايات متضاربة بخصوص ذلك.

تشير الرواية الأولى إلى أن الانفجار الذي هزّ طهران وقع نتيجة إجراء تجارب صاروخية فاشلة تحت الأرض، وترى الرواية الثانية أن الموساد الإسرائيلي هو الذي يقف وراء ذلك الانفجار، أما الرواية الثالثة والأخيرة التي ترويها طهران فإن الانفجار وقع في مخزن ذخيرة قرب طهران وأنه ليس لإسرائيل أي علاقة بهذا الانفجار لا من قريب ولا من بعيد.

الجنرال مقدم.. مهندس الصواريخ

الجنرال حسن محمود بهراني مقدم

والأمر المهم في ذلك الانفجار أنه أودى بحياة أربعة من كبار الخبراء في إيران أبرزهم الجنرال حسن محمود بهراني مقدم رئيس منظمة الإمدادات والدراسات الصناعية في الحرس الثوري الإيراني quot;قائد الوحدات الصاروخية الإيرانيةquot; الملقب بأبي الصواريخ والذي قام بإنجاز صاروخ quot;شهاب 3 quot;، حيث كان مقدم المسؤول الأول عن نظام إنتاج قسم كبير من الصواريخ الإيرانية، وعن تطوير صاروخي شهاب وزلزال، والصواريخ الأخرى ذات المدى المتوسط والقصير. ومن جهة أخرى تدعي إسرائيل بأن مقدم كان مقربا من محمود المبحوح القيادي في حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; الذي تم قتله في دبي وتم اتهام الموساد الإسرائيلي حينها باغتياله قبل عامين تقريبا. وأنه كان على اتصال دائم به بشأن نقل الوسائل القتالية إلى حركة حماس.

هذا وقد نشط الجنرال مقدم في صفوف الحرس الثوري لمدة 30 عاما عمل خلالها على إقامة الوحدات المدفعية والصاروخية وشغل مناصب مهمة في مجال تطوير الصناعة والقدرات الدفاعية الإيرانية وكان له الدور المركزي والفعال في تفعيل وتنظيم هذه الوحدات. كما كان مقدم هو الشخص المسؤول عن مشاريع صاروخ شهاب ذات المدى البعيد، وصاروخ زلزال قصير المدى.

كما يرى الإعلام الإسرائيلي أن الاثنين quot;مقدم والمبحوحquot; كانا على علاقة مع الجنرال السوري محمد سليمان، الذي وصف بأنه كان المسؤول عن تنسيق العلاقات الخاصة بين سوريا وإيران والتي تركزت على تطوير ونقل الأسلحة، والذي تم اغتياله عام 2008 ونسب اغتياله إلى الموساد الإسرائيلي أيضا.

الرواية الأولى
الرواية الأولى تشير إلى أن الانفجار الذي هز طهران وقع نتيجة إجراء تجارب صاروخية فاشلة تحت الأرض، في إطار سعي إيران لامتلاك السلاح النووي في أقرب وقت ممكن، وتضيف هذه الرواية أن ذلك الحادث قد ينتج منه مخاطر نووية في القاعدة العسكرية التي وقع فيها الانفجار وكذلك المناطق المحيطة بها.

ومن جهتها، تقول المعارضة الإيرانية إن الانفجار استهدف أحد أهم مخازن صواريخ شهاب 3 الإيرانية بعيدة المدى القادرة على إصابة إسرائيل وعدة عواصم أوروبية حيث يصل مدى تلك الصواريخ إلى 1300 كيلو متر. هذا وتلعب المعارضة الإيرانية دورا كبيرا في الكشف عن المنشآت العسكرية السرية في إيران.

وتتخوف إسرائيل كثيرا من أن صاروخي quot;شهاب -3quot; وquot;زلزالquot; لديهما المدى الكافي للوصول إلى أي جزء من إسرائيل. كما حذرت إيران عدة مرات من أنه في حال قيام اسرائيل بمهاجمة مواقعها النووية سوف يتم استخدام تلك الصواريخ ضد تل أبيب. وفي المقابل ترى إسرائيل أن الوقت قد حان الآن لضرب ايران وردعها عن امتلاك السلاح النووي.

الرواية الثانية
الرواية الثانية هي أن الموساد الإسرائيلي هو الذي يقف وراء ذلك الانفجار وفق تكنهات غربية وانه من المتوقع وجود خطط تخريب أخرى لعرقلة قدرة طهران على امتلاك وتطوير اسلحة نووية، وأنه اذا استمر النجاح في تعطيل قدرة ايران النووية وإلحاق الضرر ببرنامجها النووي وتكبيدها المزيد من الخسائر البشرية في صفوف حرسها الثوري من خلال القيام بمثل تلك العمليات السرية التفجيرية فإن الحاجة إلى ضرورة القيام بشن حرب تقليدية ضد ايران لمنع برمانجها النووي من الوصول لمحطته الأخيرة ستتراجع بكل تأكيد.

وتدور الشكوك في طهران على نطاق واسع الآن أن الانفجار الذي أسفر عن مقتل 17 quot;حسب الرواية الإيرانيةquot; من عناصر الحرس الايراني من بينهم 4 قادة كبار، كان من صناعة الموساد الإسرائيلي، وأنه من الممكن أن تشهد طهران ومنطقة الشرق الأوسط عمليات تفجيرية وانتحارية متبادلة في بعض دولها خلال الأيام أو الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة الأمر الذي سيحول المنطقة إلى ساحة quot;حرب عصاباتquot; نتيجة التصاعد الحاد في الاضطرابات وتوتر العلاقات بشدة بين بعض الدول فيها مثل علاقة بعض الدول العربية بإيران وعلاقة تركيا بإسرائيل وعلاقة اسرائيل بإيران وعلاقة مصر بإسرائيل.

هذا وقد أشار المحلل الإيراني كافيه افراسيابي إلى أن المسؤولين في طهران يشتبهون في وجود مؤامرة حسبما أوردت مجلة quot;تايمquot;، وذلك أيضا عقب مقتل نجل أحد أبرز قادة الحرس الثوري السابق في أحد فنادق دبي مؤخرا في ظل ظروف غامضة، مضيفا إلى أنه إذا تم اعتبار أن هذه الأحداث معادية فسوف يزداد الضغط على القيادة الإيرانية للرد على مثل تلك الأفعال.

وترى المجلة أن إيران لديها الاستيعاب الكامل على مدى العامين الماضيين حول التعرض لسلسلة من الضربات الموجهة ضد الحرب السرية لبرنامجها النووي مثل اغتيال علمائها وتخريب المنشآت، والأكثر ضررا تعرضها لفيروس الحاسوب ستاكسنت الذي غزا وعرقل نظام أجهزة الطرد المركزي المستخدم لتخصيب اليورانيوم والذي يعتقد قادة طهران إلى حد كبير أنه من عمل الإسرائيليين، وربما بالتعاون مع وكالات الاستخبارات الغربية.
وتستطرد المجلة قائلة إن طهران رفضت حتى الآن أي انتقام أو القيام برد فعل كبير لأنها تدرك بوضوح الإجراءات والاستفزازات التي تتخذ ضدها. مضيفة أن إيران قد تكون حتى الآن تملك ضبط النفس من الانتقام لاتخاذ إجراءات سرية ضد برنامجها النووي، وأن الاستشعار عن أن مثل تلك الأفعال ربما في الواقع من شأنها أن تهدف إلى إثارة أعمال الانتقام الإيراني، وفي المقابل يكون بمثابة ذريعة للهجوم العسكري الشامل على ايران ومنشآتها النووية.

الرواية الثالثة
الرواية الثالثة هي رواية الحكومة الإيرانية التي تشير إلى أن الانفجار عبارة عن حادث عرضي وقع بينما كان يتم نقل ذخائر داخل القاعدة العسكرية التابعة للحرس الثوري. نافية التكهنات التي تشير إلى أن الموساد الإسرائيلي هو من يقف وراء ذلك الانفجار. حيث قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إن quot;ما يقوله الأعداء بشأن الحادث الذي وقع في قاعدة الحرس الثوري الإيراني هو نسج خيال ولذا ليس له أي أهميةquot;. وأشاد لارجاني بالجنرال مقدم الذي لقي مصرعه في الانفجار الأخير ووصفه بأنه quot;أحد القيادات الساطعة في الحرس الثوري الايرانيquot;، مضيفا أن quot;هناك عشرات الآلاف الذين سوف يواصلون مسيرة مقدمquot;.