ترى تقديرات غربيةأن السياسة الخارجية التركية باتت تواجه الكثير من الصعوبات بفعل الأزمات مع دول الجوار، كسوريا وإيران والعراق وإسرائيل، وتشير المعارضة التركية إلى أن هذا الأمر يستوجب تغيير الخطاب الحالي للبلد، كي تتخلص من مشكلاتها.


رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان

برغم سياسة انعدام المشاكل، التي تنتهجها تركيا في رؤاها الخارجية، وهو ما يمكن تلمسّه من خلال تصريحات وزير الخارجية، إلا أنه في الوقت الذي تواجه فيه الدولة، التي تقطنها غالبية مسلمة، أزمات متصاعدة عدةمع سوريا وإيران والعراق وإسرائيل، بدأ قادة المعارضة التركية يتحدثون عن أن هذا الخطاب لم يعد يلائم الواقع الحالي.

أوردت اليوم صحيفة واشنطن تايمز الأميركية عن فايق أوزتراك، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، قوله: quot;كانت الحكومة تدّعي انتهاج سياسة تضمن عدم دخولها في مشاكل مع دول الجوار، والآن لدينا كل أنواع المشاكل مع جيراننا كافةquot;.

ولفتت الصحيفة في هذا الصدد إلى أن حكومة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، قامت خلال الأشهر الأخيرة باتخاذ دور بارز في الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد كي يتنحّى، وفرض عقوبات على سوريا، واستضافة اللاجئين وقادة المعارضة.

كما وافقت الحكومة على استضافة منشآت رادار للدفاع الصاروخي، تابعة لحلف شمال الأطلسي، بهدف حماية القارة الأوروبية من الصواريخ الإيرانية.

وهو ما جعل إيران تهدد، في المقابل، بإلغاء المواقع التركية، إذا قامت الولايات المتحدة أو إسرائيل بمهاجمة برنامجها النووي. وشنّت الحكومة التركية أيضاً هجمات جوية على الملاذات الآمنة للمتمردين الأكراد في شمال العراق، رداً على الهجمات الإرهابية، التي سبق وأن شنَّها حزب العمال الكردستاني، ما أدى إلى إشعال توترات على الحدود التركية ndash; العراقية.

وقامت كذلك بطرد السفير الإسرائيلي، بعد رفض الدولة اليهودية الاعتذار بسببالغارة التي استهدفت قافلة إغاثة، كانت في طريقها إلى غزة عام 2010، وهي الواقعة التي أسفرت عن مقتل تسعة مواطنين أتراك.

تابعت الصحيفة حديثها في هذا السياق بتأكيدها أن تلك الصراعات، التي دخلتها تركياأخيرًا، جاءت لتشكل تحوّلاً في طبيعة علاقاتها مع كثير من دول الجوار.

وقال من جانبه عضو البرلمان التركي فاروق لوغوغلو، من حزب الشعب الجمهوري، الذي سبق له العمل كسفير لبلاده لدى الولايات المتحدة من 2001 حتى 2005، إن سياسة بلاده الخارجية قد باءت بالفشل، مضيفاً أن وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو، لا يستطيع أن يشير إلى إنجاز واحد تم تحقيقه. وقد وجّه أوغوغلو بشكل خاص سيلاً من الانتقادات اللاذعة إلى حكومة أردوغان بشأن السياسة التي تنتهجها مع سوريا.

وتابع: quot;متفقون مع أهداف الحكومة، وليس مع الطريقة. فالعقوبات، التي تم فرضها على البلاد، لم تعمل إلا على إلحاق الضرر بالمواطنين السوريين والشركات التركيةquot;.

وأكد لوغوغلو كذلك أن دعم حكومة بلاده المطلق للمعارضة السورية، بما في ذلك منح قادتها حق اللجوء، قد حكم على سوريا بالدخول في حرب أهلية طويلة الأمد.

وقد ردّ أوغلو على الانتقادات التي وُجِّهَت إلى الحكومة التركية بشأن طريقة تعاطيها مع الأزمة السورية بقوله إنه ما زال ملتزماً شعار quot;انعدام المشكلاتquot; في السياسات الخارجية. وأضاف quot;لكن لا يمكننا السكوت إذا قامت إحدى دول الجوار بقمع شعبهاquot;.

في حين قالت آيز غولسون، عضوة في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، إن مشكلة القادة الأتراك هي أنهم دائماً ما يغيّرون فكرهم. وأضافت: quot;يوماً ما تجدهم مع إيران، وفي اليوم التالي، تجدهم يغيرون فكرهم، ويقررون استضافة رادارات لحلف الناتو. ويوماً ما، كانت تربطنا علاقات جيدة للغاية بسوريا، وفي اليوم التالي، تجدهم يلغون كل العلاقات. كما أخطأت الحكومة بإلغاء تحالفها طويل الأمد مع إسرائيلquot;.

وختمت غولسون حديثها بالقول:quot;كان النهج الدبلوماسي التقليدي لتركيا هو إيجاد توازن بين إسرائيل والعالم العربي. وكان ذلك جيداً، لأن تركيا كانت الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي، التي تحظى بالعلاقات نفسها مع إسرائيل وباقي الدول العربية. لكن الأمور قد تغيّرت الآن، ونحن لا نعلم من جهتنا ما قد يتمخض عن ذلك من نتائجquot;.