حمل إعلان الرياض بعد قمة الخليج الأخيرة التي عُقدت في السعودية، إغلاقاً لملف انضمام المغرب والأردن للمجلس، وإن كان ذلك ضمنياً إلا أن تصريحات تتابعت عبر دبلوماسيات عدة أعطت الدلالة في الاقتصار على الدعم الاقتصادي لهما دون ملامسة عضوية المجلس الخليجي الطامح للإتحاد.


دبي: أغلق قادة مجلس التعاون الخليجي بيان قمة الرياض دون الإشارة إلى انضمام مملكتي الأردن والمغرب إلى المجلس، واكتفى البيان بالدعم الاقتصادي عبر إنشاء صندوق تنموي ودعمهما بمليارين ونصف مليار دولار لكل دولة.

كل الدعم الاقتصادي والمالي من دول الخليج للدول العربية أمر اعتادت عليه منظومة التعاون الطامحة للإتحاد، لكن الأهم الذي تبحث عنه مملكتا عمّان والرباط كان في الدخول السياسي وتعزيز العمق الاقتصادي لما يعود على اقتصادهما وشعبيهما بما هو أبعد من الصندوق الخليجي الموجه نحو التنمية.

ومنذ شهر آيار/ مايو الماضي والخليجيون في طيف شعبي منهم ينكر هذا التوجه الذي يرونه بعيدا عن الفائدة الشعبية وطموحهم للمشاريع والرؤى الوحدوية المشتركة في خليجهم، غير أن الطموح الأردني كان فعالا وواضح الرؤية في الدخول للمنظومة الخليجية كعضو رئيس مثله مثل بقية الدول الخليجية، ومغايرا لمقاعد الدرجة الثانية التي يجلس عليها العراق واليمن في مجالس الثقافة والصحة والرياضة فقط.

غير أن المملكة المغربية التي حضر اسمها في الأشهر الماضية للدخول في المجلس، تختلف اختلافا كليا عن الطموح الأردني؛ فهي تلقت الدعوة ولم تتقدم بالمطالبة بمقعد خليجي كما فعلت عمّان الساعية إلى ذلك منذ عهد الملك الحسين بن طلال.

ولم تنتظر المملكة المغربيةردة الفعل الخليجية في جولة المفاوضات التي بدأتها أمانة التعاون معها ومع الأردن، فكان العلاج المغربي قادما من مبضع الملك محمد السادس الذي قرر القيام بإصلاحات داخلية تاريخية، أعادت صياغة الدستور وعززت صلاحيات رئيس مجلس الوزراء والبرلمان، وتعيين رئيس الحكومة عبر الحزب السياسي الغالب داخل البرلمان.

ومع كل هذه الإصلاحات النابتة اتقاءً من نيران الثورات العربية، سواء في عمّان الهاشمية أو رباط الملكية المغربية، تظل المملكتان المتباعدتان في الجغرافيا في حرص على الدخول تحت المظلة الخليجية الوافرة، هربا من شموس كثيرة تزداد وهجا وquot;حرقاquot; وتتطلب دفاعا وأمنا مشتركا في عالم متغير وبأحداث وتحديات عديدة.

تأجيل بألوان الرفض

جاء إعلان الرياض مختلفا عن القمم السابقة، حيث أعلن البيان تشكيل هيئة مختصة لدراسة مقترح العاهل السعودي في التحول نحو الإتحاد، ولم يخف الإعلان اهتمامه بما أطلقته القمة التشاورية من دعوة للمغرب والأردن إلى الانضمام.

لكن وفق تصريحات سابقة من السعودية والإمارات والكويت؛ تتمخض النتيجة في أن ملف الانضمام أغلق فعلا، وكانت أزمة اليونان الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبي هي القدوة في الحكم والقرار.

الخبر المرفوع كان سعوديا في البدء حيث قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل معلقا على اليونان وأزمته المالية في أوروبا: quot;لا نريد أن نتورط في الخطأ نفسه وثمة تحفظات على انضمام دول أخرى لمنظومة الخليجquot; مضيفا الفيصل أن القرار quot;سيكون فقط عبر تخصيص مساعدات كافية تساعد الأشقاءquot;.

أما وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد فقال قبيل شهر إنه quot;لا يوجد هناك من يعترض على علاقة مميزة للغاية بين المجلس والأردن والمغرب، لكن هناك عدم وجود إجماع في الوقت الحالي على ضم البلدينquot; وأضاف أن quot;الفارق بين العلاقة المميزة للغاية والعضوية الكاملة محدود جداquot; مضيفافي الخطاب السعودي ذاتهquot;لا بد أن نتعلم من تجربة الاتحاد الأوروبي الذي تسرع في ضم عشر دولquot;.

ومن الجانب الكويتي، جاء تصريح الختام على لسان وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله حيث أعلن في ثنايا احتفال البحرين باليوم الوطني أن ملف انضمام المغرب والأردن الى مجلس التعاون لدول الخليج العربية quot;قد تم حسمه وإغلاقه نهائياquot;.

الصندوق التنموي بين المغرب والأردن

ويقول الصحافي الأردني معتز طاهر في حديث مع quot;إيلافquot; إنه بالنظر إلى مجريات الأحداث والوقائع وما نتج من اجتماع قادة الخليج في الرياض؛ فالمملكة المغربية هي المستفيدة الأكبر، على اعتبارات عدة منها الرضى الشعبي عن الأداء الملكي للكيان، إضافة إلى نجاحه في قراءة الأحداث ونجاح الشعب في اختيار ممثله برلمانيا وتأسيس الحكومة من خلال غالبيته الحزبية.

ويضيف طاهر عن بلاده، أن المملكة الأردنية تعاني أزمة الثقة التي تتراكم عاما بعد آخر، مضيفا أن الحكومات الأردنية quot;تولد لتقالquot; معبرا في ذلك بحالة الفساد الكبرى التي تعتري اختيارات ممثلي الشعب في قطاعات الحكومة، ويقول معتز إن أكثر الأمور سوءاً هي في البرلمان الأردني المفترض فيه توسع للصلاحيات والرقابة.

ويعتبر الصحافي الأردني أن الصندوق الخليجي لدعم التنمية في المغرب والأردن سيكون أثره واضحا في الحكومة المغربية المنتخبة، وسيفقد قيمته في بلده الذي يعاني تصاعد احتجاجات شعبية من فينة إلى أخرى تطالب ملك الأردن بتعديلات على مستوى البرلمان والأجهزة الرقابية الأخرى.

وأعلن قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم العادية في الرياض الثلاثاء إنشاء صندوق تنمية بحجم خمسة مليارات دولار للأردن والمغرب مؤكدين في الوقت ذاته سعيهم إلى quot;شراكةquot; مع البلدين.

وأفاد البيان الختامي أن القمة قررت quot;إنشاء صندوق خليجي يبدأ بتقديم الدعم لمشاريع التنميةquot; في الأردن والمغرب، quot;بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار لكل دولة وكلف وزراء المالية في دول المجلس دراسة النظام الأساسي والهياكل المطلوبةquot; لذلك. كما وافقت على quot;دراسة مجالات التعاون المشترك وتشكيل لجان التعاون المتخصصة في هذا الشأن وصولا إلى الشراكة المنشودةquot;.