حزب الله ينفي الإتهامات الأميركية بتمويل أنشطته بطرق غير مشروعة ويتهمها بزرع عملاء لمخابراتها في صفوفه

يشهد التوتر بين واشنطن وحزب الله اللبناني تصاعداً في ظل الثورات التي اندلعت في العالم العربي. وازدادت وتيرة التراشق الكلامي أخيرًا بعد اتهام الحزب المخابرات الأميركية بزرع عملاء لها في صفوفه، فيما تتهمه واشنطن بالضلوع في تمويل أنشطته بطرق غير مشروعة.


بيروت: تتصاعد الحرب الكلامية بين حزب الله اللبناني والولايات المتحدة، إذ يتهم الحزب واشنطن بزرع عملاء للاستخبارات الأميركية في صفوفه، وتتهمه واشنطن بالضلوع في تمويل أنشطته بطرق غير مشروعة، بينها تبييض أموال واتجار بالمخدرات، وذلك فيما تنعكس الأحداث الجارية في سوريا سلبًا على الحزب الشيعي.

وتعود الحرب الباردة بين حزب الله، المدعوم من إيران وسوريا، وواشنطن، التي تصنفه كمنظمة إرهابية، إلى عقود ماضية، إلا أن التوتر بين الطرفين شهد تصاعدًا في ظل الثورات التي اندلعت في العالم العربي.

ويقول الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط بول سالم quot;لا شك في أننا نشهد مرحلة توتر عال، على خلفية ما يجري في سوريا وبالتزامن مع الانسحاب الأميركي من العراقquot;.

إلا أن سالم يتوقع أن تقف الأمور عند حد التصعيد الكلامي، ويقول quot;لا أتوقع انزلاقًا إلى تصعيد خطرquot; بين واشنطن وحزب الله.

ويضيف quot;لم تكن هذه السنة هي الأولى، التي يكشف فيها حزب الله عنشبكات تجسس، سواء كانت تعمل لحساب الولايات المتحدة أو لغيرها، والقضية المرفوعة لدى القضاء الأميركي ضد حزب الله تعود إلى أشهر خلتquot;.

بدأ التراشق الكلامي يتصاعد أخيرًا بعد اتهام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله المخابرات الأميركية بزرع عملاء لها في صفوف حزبه للمرة الأولى منذ تأسيسه في العام 1982.

وقال نصرالله في خطاب في شهر حزيران/يونيو إن عناصر من حزبه اعترفوا بعد التحقيق معهم بالتجسس لمصلحة السي آي ايه، واصفًا السفارة الأميركية بأنها quot;وكر للجاسوسيةquot;.

وفي برنامج بثته قناة المنار الناطقة باسم حزب الله، كشف الحزب عناسم quot;الرئيس الحالي للاستخبارات الأميركية في لبنانquot;، موضحًا أنه quot;ينتحل صفة موظف دبلوماسي في السفارةquot;.

وأضاف إن quot;ضباط السي آي ايه ينشطون في عمليات تجنيد عملاء من مختلف فئات المجتمع اللبنانيquot; من quot;موظفين حكوميين وعناصر أمنية وشخصيات دينية ومصرفية وأكاديميةquot;.

وأوضحت القناة أن quot;عمليات تجنيد العملاء تجري داخل مقر السفارة الأميركية، وأن اللقاءات معهم تعقد في المطاعم والمقاهي، مثل ماكدونالدز وبيتزا هات وستاربكسquot;.

في المقابل، أعلن في واشنطن أخيرًا عن دعوى قضائية في حق مؤسسات مالية لبنانية متهمة بالمساعدة في تبييض 483 مليون دولار لحساب حزب الله عبر الولايات المتحدة وأفريقيا في عمليات لها صلة بتجارة المخدرات.

وبحسب السلطات الأميركية، يرسل قسم من الأموال، التي يتم جنيها من هذه التجارة، إلى لبنان، وتحديدًا إلى حزب الله.

إلا أن الحزب نفى هذه الاتهامات، معتبرًا أنها محاولة quot;لاستهدافه وتشويه صورتهquot;.

وأشار في بيان إلى أن هذا الاستهداف يأتي quot;بعد فشل الاستهداف الأمني الأميركي وافتضاح أمر التجسس العدواني للاستخبارات الأميركية ضد بلدناquot;.

وصعّد حزب الله خطابه ضد واشنطن، إذ وصفها بـquot;أم الإرهابquot;، متهمًا إياها بالمسؤولية عن التفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا العاصمة السورية الجمعة، واللذين أسفرا عن عشرات القتلى والجرحى.

وقال الحزب في بيان الجمعة إن quot;هذه التفجيرات التي أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، هي من اختصاص الولايات المتحدة أم الإرهاب، وأصابعها الممتدة في منطقتنا والمتخصصة في استهداف الأبرياء وقتلهم وترهيبهم، لدفعهم إلى الانصياع للسياسة الأميركيةquot;.

ويرى محللون أن الأزمة، التي تعصف بالنظام السوري، تصيب حزب الله بالوهن، وتدفعه إلى التفكير في المستقبل الذي قد يواجهه من دون حليفه الإقليمي.

كما يتوقع المحللون أن تتواصل الضغوط الغربية على حزب الله، في الوقت الذي يشهد الشرق الأوسط فيه تبدلات في المشهد السياسي وموازين القوى.

وترى الباحثة والكاتبة أمل سعد غريب أن quot;الاتهامات الأميركية الأخيرة لحزب الله تأتي في سياق حملة أكبر تشنّ على المحور الذي يضم سوريا وإيران وحزب اللهquot;، متوقعة صدور اتهامات مماثلة جديدة في المستقبل.

وتقول quot;الولايات المتحدة تعي أن حزب الله فقد شيئًا من دعمه الإقليمي، بسبب ما يجري في سوريا، لذلك تعمدت إلى تشويه صورته والانتقال من وصفه بأنه إرهابي إلى تجريمهquot;.