يخطط quot;الفايسبوكيونquot; لإلهاب الشارع الجزائري هذا السبت، بيد أنّ تساؤلات عديدة تطرح بحدة حول مدى قدرة هذا الحزب الإلكتروني المستحدث على تجاوز سيناريو المسيرات الفاشلة التي سعى معارضون لتنظيمها منذ 22 كانون الثاني يناير الماضي، وارتطمت كل مرة بالفيتو الرسمي والبرود الشعبي.


الجزائر: ذكرت مجموعة أطلقت على نفسها اسم quot;حركة شباب الفايسبوك الجزائريquot; في بيانها (رقم 1) على شبكة التواصل الاجتماعي، أنّ ما يعانيه الشعب الجزائري ولا سيما شبابه في بلد الثروات، من ظلم وتهميش وبطالة أسبابه عميقة تدفع إلى التغيير عبر تفعيل مسيرة شعبية تقود البلد إلى نهضة شاملة وتخرجه مما سماها البيان quot;ديمقراطية العملاء ومحترفي السياسة الانتهازيةquot;.

وإذ لاحظ البيان أنّ مطالب الشباب الجزائري هي من أولويات هذه المسيرة، ذهبت الحركة التي يقول ناشطوها أنّها بعيدة عن أي تحزب أو عنصرية، إلى أنّ فئة الشباب في الجزائر باتت محطمة، حتى أنّ الرؤوس الكبيرة تطير فرحاً ظناً منها أنها أنست الشعب حقوقه ومطالبه، على حد ما ورد في البيان.

يقول زكرياء وهو أحد هؤلاء الشباب الثائرين: quot;مثلما حرّر آباؤنا الجزائر من الإحتلال الفرنسي، علينا أن نجسد معاني هذا التحرر بعد نصف قرن على استقلال البلادquot;، موضحا أنّ من سينزلون إلى الشوارع لا يجمعهم سوى حب الوطن والمصلحة العليا ونشر الديمقراطية وحرية التعبير في حركة تجمع بين مختلف الفئات المحلية مهما اختلفت توجهاتها لتكون سداً منيعاً في وجه الفساد ويداً واحدة نحو التغيير.

ويؤكد زكرياء أن الشباب الفايسبوكي يريد أن يكون بديلاً للأحزاب التي تاجرت، بحسبه، بآماله تماما مثل من نعتها بـquot;العصب الفاسدةquot; التي صادرت طموحاته، ويؤيد إسماعيل نظرة زميله زكرياء، مستغربا كيف يحكم الجزائر وغالبيتها من الشباب، شيوخ جاوزوا السبعين، ويبرر إسماعيل ضرورة التغيير بكون الأموال المنهوبة من الجزائر منذ وفاة الرئيس الراحل الهواري بومدين في كانون الأول - ديسمبر 1978، تجاوزت الترليون دولار.

ويبدي كل من إسماعيل هشام ومحمد تفاؤلا بالقدرة على كسر جدار الصمت وتجسيد التغيير مما يجعل الجزائر يحكمها شباب مثقف بدل حكامها الحاليين، وردا على التدابير الاستثنائية التي أقرتها السلطات لصالح الشباب منذ مطلع الشهر الماضي، يجزم الثلاثة أنّ عهد الحلول الآنية قد ولى، ويصنفون الأموال الممنوحة لمشاريع الاستثمار الشبابي في خانة quot;الرشوةquot;.

في السياق ذاته، يعلّق هشام بالقول: quot;مهما غيّروا سنغيرهمquot;. ويذهب أمين أحد فاعلي حركة الشباب الفايسبوكي إلى أنّ المستفيد الوحيد من المشاريع الشبابية التي ستنتهي مدة فعاليتها، هم وكلاء السيارات والمستوردين، ملاحظا أنّ الشباب يريدون أن يتحولوا إلى نواة أساسية للدولة، وليس مجرد أدوات لحلول ظرفية.

خطوة محفوفة بالمخاطر

تصطدم نية الفايسبوكيين للتصعيد بمُمانعة عديد المراقبين وقطاع من الشباب الذين يرونها خطوة محفوفة بالمخاطر، ويفضلون المرور إلى تغيير سلس، متحججين بأنّ للجزائر خصوصيتها والثورة إن نشبت هناك، ستكون أعنف من تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن.

ويرى إلياس قجّار أنّ دوائر القرار اقتنعت بتوخي التغيير، وهو ما برز من خلال الحراك الحاصل في البلاد وقناعة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحلّ البرلمان وإجراء إنتخابات برلمانية ومحلية مسبقة، وذاك برأيه يشكّل المخرج الوحيد للخروج من الإنسداد الحالي، وأي تأخير لهذا الحل هو تضييع لوقت ثمين يمكن للجزائر أن تربح به الكثير من الإستقرار، لكن ذاك لا يسمعه الفايسبوكيون بالأذن ذاتها ويبررون تشبثهم بالإحتجاج ميدانياً بحساسية تغير النظام جذرياً لا واجهاتيا.

في المقابل، تسجل نادية برينيس أنّه رغم الرغبة العميقة والملحة والضرورية لتغير النظام الحالي وإستبداله بنظام أكثر عدالة وحرية لا يستعمل الإدارة والقضاء لتكميم الأفواه وتكسير المعارضين والقمع، إلاّ أنّها وبالنظر لتجارب الجزائر السابقة وطبيعة النظام إضافة إلى الوضع الدولي الحالي، ترى أنّ خيار التغيير عبر الشارع هو اختيار محفوف بالمخاطر ويمكن أن يفرز إنزلاقات يستفيد منها دعاة التعفين والفوضى.

ويتقاطع رأي بن يوسف صوالح مع نادية برينيس، وهو واثق من أنّ أفضل طريق متوفر حاليا، هو الانتخابات التي ستتيح برأيه إسقاط الائتلاف الحاكم وصعود الشباب بما يمكّن من التخلص تدريجياً من النظام القائم وبالتالي كلفة التغيير ستكون أقل ودون أي مخاطر على استقرار البلد أو جعله تحت رحمة من يسميهم quot;اللصوصquot;.

لكن الذي تقدم، يبدو أنّه لا يؤثر في الفايسبوكيين، حيث يقول أحدهم أن السير في الإتجاه الصحيح يقتضي تغيير نمط الحكم، ويقدّر أنصار الخروج إلى الشارع أنّ آليات الانتخابات لا تسمح بضمان التغيير المأمول، تبعا لكون التزوير موظف على نحو واسع وهو مُمنهج بقوانين.

ويعتقد نذير آيت منصور أنّ ثمة رغبة لتميع فكرة التغيير في الجزائر وجعله quot;عائماquot;، فسعيد سعدي يطالب به كل سبت، والزعيم الإسلامي علي بلحاج يطالب به كل جمعة، وجبهة القوى الاشتراكية تعد بالتغيير قطرة قطرة على شاكلة (زنقة زنقة)، كما أنّ الوزير الأول السابق أحمد بن بيتور والزعيم الأسبق لجبهة التحرير عبد الحميد مهري يناشدان للتغيير، تماما مثل الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بلخادم وحليفه quot;أبو جرة سلطاني، وعلى المنوال ذاته تنسج لويزة حنون ورئيسها بوتفليقة.

وعليه يشدّد آيت منصور على أنّ التغيير صار يطالب بدوره بالتغيير، لأنّ الشباب عندما طالبوا به قيل لهم محال، أما اليوم فالكل يركض إليه بما فيهم من استبسلوا في التطبيل والتهليل للنظام.