في ظاهرة لافتة حاولت وسائل الإعلام السورية مواكبة التظاهرات التي جرت في محافظة درعا جنوب سوريا، رغم أن هذه التغطية جاءت على صعيد الإعلام الرسمي مقصرة، في وقتبثت وكالة الأنباء الفرنسية أخبار تظاهراتيوم الأحد في درعا من مكتبها الاقليمي في نيقوسيا وليس من مكتبها وسط العاصمة السورية دمشق كما أشار الخبر، ووقفت المواقع الالكترونية السورية داخل البلاد حائرة في كيفية تعاطيها مع الأخبار لتحاول إمساك العصا من الوسط.

الصورة التي بثتها وكالة quot;ساناquot; الرسمية

حاول الإعلام السوري مواكبة التظاهرات في سوريا ومتابعة الأخبار أولاً بأول نقلاً عمّا أسماه quot;مصدر مسؤولquot;، بينما بثت وكالة الأنباء الفرنسية أخبار تظاهرات أمس الأحد في درعا من مكتبها الاقليمي في نيقوسيا وليس من مكتبها وسط العاصمة السورية دمشق كما أشار الخبر، ووقفت المواقع الالكترونية السورية داخل البلاد حائرة في كيفية تعاطيها مع الأخبار لتحاول إمساك العصا من الوسط.

لم يتخيّل أحدٌ من المواكبين للإعلام السوري بشكله الحالي أن يفتح موقع وكالة الأنباء السورية quot;ساناquot; ويجد خبرين عن أحداث مهمة في سوريا لطالما تجاهلها الإعلام الرسمي في ظل سياسة اعلامية تعتيمية.

وكان اللافت ان تنشر quot;ساناquot; أكثر من خبر عن أحداث محافظة درعا (جنوب سوريا) والتي سقط فيها شهداء وجرحى في ظل محاولات لعدم تجاهل الخبر والإستفادة من أخطاء الآخرين.

وصباح اليوم الاثنين تصدّر خبران الموقع، الخبر الأول عن تقديم مسؤولين العزاء لأهالي درعا بتكليف من الرئيس السوري بشار الأسد والخبر الثاني عن quot;عناصر شغب تعتدي وتحرق الممتلكات العامةquot;. إلا أن الصور كانت متواضعة ولا ترق الى الحدث حيث نشرت quot;ساناquot; مع خبر إثارة الشغب صورة لزجاج سيّارة مكسور رغم نقل الأنباء إحراق مبنى المحافظة ومبنى قصر العدل ومكاتب شركات الهاتف المحمول وإحراق سيارات. في حين قال الدكتور هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان وهو من محافظة درعا، قال quot;إن قصر العدل في مدينة درعا محميّ بقناصة تابعة للأجهزة الأمنية السورية وهي تتواجد على القصر العدلي، فكيف يتم حرق هذا المبنى من قبل مواطنين عزل؟quot;، وإتهم مناع quot;عناصر تابعة للأجهزة السورية الأمنية بإحراق المباني لإلصاق تهمة التخريب والشغب بالمتظاهرين السلميينquot;.

النوروز ومكتومو القيد

وقفت مواقع الانترنت حائرة بين الإعلام الرسمي وبين أخبار وكالات الأنباء، وبين مسؤولياتها وبين وجودها في الداخل ومرجعيتها، لتنشر بعضها أخبار التظاهرات متأخرة مستندة إلى ما يقوله الإعلام الرسمي ولكن كان اللافت أن ينفي ثم يؤكد موقع quot;سيريا نيوزquot; نقلا عن مصدر مطلع مقتل شخص في تظاهرات أمس، ولأول مرة تقرأ في المواقع السورية عن quot;عيد نوروزquot; وأن الأكراد حملوا العلم السوري ورفضوا أن يكون رأس حربة، كما نشرت المواقع السورية عن السوريين الأكراد الأجانب الذين لا قيد لهم ولا بطاقة هوية quot;المكتومي القيدquot;، وأنهم سيستفيدون من المعونة الاجتماعية التي أعلنتها الدولة.

فتح الاسلام في إشعال درعا

كان الملاحظ ان موقع quot;شام برسquot; الذي يديره الصحافي علي جمالو المقرب من السلطات السورية اتهم تنظيم فتح الاسلام وبعض الفلسطينيين الموجودين في مخيم درعا بإشعال التظاهرات quot;لتفجير الأوضاع واثارة الفتنةquot;. بينما أبرز موقع quot;سيريا نيوزquot; رفض مصدر فلسطيني مسؤول أعمال الشغب التي حركها بعض الفلسطينيين في مخيم درعا، وإشارته الى ان الفلسطينيين لم ينسوا ما قدمته لهم سوريا.

كما نشرت جريدة الوطن السورية وموقعا quot;شام برسquot; وquot;داماس بوستquot; وبعض المواقع السورية مطالب أهالي درعا التي قالت quot;الوطنquot; عنها ان مطالب التجمعات لم تتحدث عن تغيير النظام أو اسقاطه، وأعلنت المواقع عن المفاوضات التي تمت صباح أمس بين وجهاء درعا ممثلي أهالي محافظتهم، ووفد من القيادة القطرية الهدف منها تهدئة النفوس وتنفيس الاحتقان الموجود في الشارع، تقدم الوجهاء بعدد من المطالب وبدا واضحاً أن أغلبية المطالب خدماتية وتنموية منها ما يمكن تلبيته فوراً، وهذا ما حصل تجاه الإفراج عن المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم، ومنها ما يحتاج إلى تعديلات في القوانين وبالتالي إلى دراسة عميقة لمعرفة حاجة المحافظة وباقي المحافظات السورية إلى إجراءات مماثلة، إذ لا يمكن أن تعامل محافظة درعا بخلاف باقي المحافظات وأن يعامل سكانها على أساس مختلف عن باقي المواطنين السوريين في باقي المحافظات، وقالت quot;الوطن quot;إن الأهالي سلموا مطالبهم بورقة مطبوعة حملت توقيع: وجهاء مدينة درعا جنود الأسد الأوفياءquot;.

المطالب الأساسية لدرعا

كانت المطالب الاساسية لأهالي درعا تؤكد استياء المواطنين في محافظة درعا من المحافظ ورؤساء الأجهزة الأمنية ومطالبهم بإقالة عدد منهم والاعتذار من الشهداء وذويهم، حيث أبرزت وسائل الإعلام المحلية وبعض المنتفعين، الإهانة التي وجهت للشهداء وذويهم وإلى أبناء درعا واعتبارهم مندسين ومخربين، ولم يشهد تاريخ محافظة درعا سوى طليعة الوطنيين، رغم ما لحق بها من حيف وطمس لدورها الوطني.

كما طالب أهالي درعا بمحاسبة من أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، أو من أمر بإطلاق الرصاص، ومحاسبة من كان سبباً في قتل الشباب أو جرحهم أو خنقهم بكثافة الغازات المسيلة للدموع، وكان السبب في طمس مطالب الشباب بمحاربة الفساد والتسلط وتحسين الواقع المعيشي وعدم ملاحقة المصابين أو ذويهم وعدم اعتقال أي شخص خرج في التظاهرات السلمية يومي الجمعة والسبت حتى تحقيق المطالب والإفراج الفوري عن أي شخص تم اعتقاله إثر التظاهرات والإفراج عن المعتقلين السياسيين قديماً وحديثاً.

وطالب أهالي درعا بالإفراج عن طلاب الجامعة الذين تم اعتقالهم منذ فترة قريبة وإلغاء قانون الطوارئ المقيد للحريات العامة وإلغاء الموافقات الأمنية التي تقيد حركة البيع والشراء للأراضي والشقق السكنية والنشاط الاقتصادي العادي مهما كان وتخفيض الضرائب والرسوم التي أثقلت كاهل المواطن اضافة الى تخفيض أسعار المحروقات والأغذية.

وطالبوا باتخاذ الإجراءات المشددة لمكافحة الفساد الإداري والمالي وهدر الأموال العامة في مؤسسات الدولة، من أعلى مستوى حتى أدناه بما فيها سلكا القضاء والشرطة. كما دعوا إلى إعادة المدرسات المنقبات إلى التدريس في مدارسهن واحترام الحرية الشخصية، مثلما تعلم السافرات في المدارس، ولا يعترض عليهن أحد في إطار الحرية الشخصية. إضافة إلى السماح بعودة المهجرين المطلوبين إلى سوريا، وإلغاء القانون رقم 60 لعام 1979 وتعديلاته بالقانون رقم 26 لعام 2000 المطبق في مدن مراكز المحافظات وينزع ملكية المالك بهدف التمليك للغير، وهو قانون جائر، بحسب أهالي درعا، لا يقبل به أحد سوى المنظرين من خلف الطاولات، فمن يرد إنشاء مشاريع إسكان فعليه أن يشتري الأرض اللازمة بالسعر الرائج مثل أي مواطن، وإعادة النظر في أسعار الأراضي التي يطبق عليها التوزيع الإجباري مؤخراً والجائرة بحق المواطنين.

ومن مطالب الأهالي أيضاً نقل موقف الحافلات لمحافظة درعا من موقف السومرية إلى المكان المقرر في المدخل الجنوبي لدمشق، ومعالجة محلات سوق الشهداء التابعة لمؤسسة الخط الحديدي الحجازي، وتثبيت العاملين الموقتين في دوائر الشؤون الاجتماعية.