البريقة: على ابواب البريقة يتقدم الثوار الليبيون بحذر وتردد ثم يتوقفون. فهم لا يدرون الى اين تراجعت قوات العقيد معمر القذافي. وفجأة يدوي صوت الانفجارات ليتراجعوا وسط حالة من الفوضى.

منذ اسبوعين يتواجه الفريقان للسيطرة على هذه المدينة النفطية الواقعة شرق ليبيا على مسافة 190 كلم من بنغازي. وصباح الاحد بدا كأن الثوار حققوا تقدما مع السيطرة على مجمع جامعة المهن البترولية الشاسع على المدخل الشرقي للمدينة.

وبالقضبان الحديدية يقوم بعض الشبان بتحطيم لافتة دعائية كتبت عليها قوات القذافي بالطلاء الاخضر quot;الله، معمر، ليبيا وبسquot;.

ويقول صلاح الدين عطيه الذي ابيض شعر ذقنه رغم انه لم يتجاوز الثالثة والثلاثين والذي يرتدي زي القتال انه عاد للتو من الجبهة مع رجاله في عربتي بيك اب.

ويضيف quot;لقد دخلنا المدينة. رجال القذافي يتراجعون باتجاه الباب الشرقي. لا نعلم اين بالتحديد. عددهم ليس كبيرا لكن بعضهم ما زال يقاتل في بعض الاحياء ونحن نطلق النار عليهمquot;.

وفجاة تصل سيارات مدنية عدة وهي تعطي اشارات ضوئية تدعو الى التراجع ويقول احد الركاب وهو يصوب اصبعه على شكل مسدس quot;انهم يطلقون النار! ارحلوا!quot;.

وعلى الفور يهرع الثوار باسلحتهم والمدنيون الذين يرافقونهم الى السيارات ليتراجعوا كيلومترات عدة عن الجبهة.

وعلى جانب الطريق يكشف عبد القادر منيفي (39 سنة) اثار الرصاص على الصندوق الخلفي لسيارته الاوبل ويقول quot;كنا في البريقة لكنهم ما زالوا يطلقون نيران الرشاشات. رجالنا سيذهبون وينالون منهم هذا اكيدquot;.

وفي مكان ابعد عن المدينة ياتي عسكري، يقول انه quot;عقيدquot; في جيش الثوار لكنه يرفض الكشف عن اسمه، مع موكبه لينحني لبضع دقائق امام مقبرة جماعية ويقرأ الفاتحة على ارواح تسعة مقاتلين قتلوا امس من طريق الخطأ في غارة لطيران حلف شمال الاطلسي دمرت قافلتهم.

ويؤكد quot;الوضع جيد، نحن على ابواب البريقة. جيش الطاغية يتراجع وسنسيطر قريبا على المدينةquot;.

وقد حفرت المقبرة الجماعية الكبيرة في الرمال واحيطت بالحجارة. وبدلا من الشاهد وضع فوقها صندوق ذخيرة ورشاشان محترقان ومطفأة حريق وقبعة نصف محترقة.

وعندما بقي وحده امام المقبرة قام شاب يرتدي الثياب المدنية باطلاق رشقة كلاشنيكوف طويلة في الهواء.

وفي منتصف النهار ومثل الامس باشرت قاذفات الصواريخ المتعددة الفوهات العمل مطلقة دفعات طويلة من القذائف المدوية. وخوفا من التعرض لرد من الفريق الاخر، اغلق الثوار الطريق الساحلي الوحيد وابعدوا لكيلومترات عدة الصحافيين وشاحنات الاغذية وكل المقاتلين المزودين باسلحة خفيفة.