عبر محمد موساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، عن استيائه من النقاش الدائر حول العلمانية و الإسلام في فرنسا، و أفصح موساوي لـquot;إيلافquot; عمّا دار بينه و بين زعيم الحزب الحاكم حول هذا النقاش، الذي كان المجلس ضده منذ البداية.

بمبادرة من زعيم الحزب الحاكم فرانسوا كوبي، أطلق تنظيم الاتحاد من أجل حركة شعبية نقاشا موسعا حول الإسلام و العلمانية في فرنسا، وقد فجر ذلك مواقف متصادمة داخل هذا الحزب نفسه، نظرا لطبيعته التي أول ما توحي به أن مسلمي فرنسا هي الشريحة المستهدفة منه.

لماذا هذا النقاش و في هذا الظرف بالذات؟هل هناك دواعٍ حقيقية لإثارته؟ وإن كان كذلك، لماذا انفرد به حزب معين؟...تلك جملة من الأسئلة التي طرحت في بحره، محاولة إيجاد تفسير لما يحدث في بلد له من الترسانة القانونية ما يحمي علمانيته من انزلاقات أو انحرافات أي جهة محسوبة على ديانة من الديانات.

السياسيون المنتمون إلى الحزب الحاكم، و الذين زكّوا هذا النقاش، لم يروا فيه ما يمكن أن يغضب المسلمين، بل اعتبروه فرصة لتجميع كل القوانين بين دفتي كتيب quot;كودquot; يلزم الجميع، لحماية اللائكية الفرنسية من الوقوع في المحظور خلافا لما ينص عليه قانون 1905.

لكن المعارضين لهذا النقاش، ينصتون له بأذن أخرى، كما يقول الفرنسيون، و لا يرون فيه إلا تسخينات مبكرة في إطار الإستعدادات للرئاسيات المقبلة، و اختار أصحابه بذلك استباق خطر اليمين المتطرف، الذي كان سبّاقا لإثارته بصيغة مغايرة إثر تصريح خطر لزعيمته مارين لوبان حول صلاة المسلمين في الأزقة.

و قال الكاتب العام لقصر الإليزي السابق، الإثنين، و هو يتحدث بلغة مارين لوبان نفسها ، أنه quot;من الواضح أن الصلاة في الأزقة تصدم عددا من المواطنين...quot;، نافيا أن يكون اليمين المتطرف في شخص الجبهة الوطنية quot;بوصلة تعتمدها الحكومةquot;، في انتقاء الموضوعات التي تهم الفرنسيين.

و أكد وزير الداخلية الفرنسي كلود كيود، في حوار مع صحيفة لوموند، أن quot;الفرنسيين ينتابهم شعور أن تدفق المهاجرين، غير المتحكم فيه، غير محيطهم، ليس لهم عداء للآخرين.يريدون فقط أن تبقى فرنسا هي فرنساquot;، بحسب قوله.

في انتظار quot;كودquot; جديد للعلمانية في فرنسا
توصل الحزب الحاكم، الثلاثاء، في ختام هذا النقاش إلى ما سمي quot;بالاتفاقيةquot; حول العلمانية، ضمت 26 مقترحا، تتمحور بالأساس حول تأكيد مبدأ اللائكية في الفضاءات العمومية، وضمان حرية العبادة في الأماكن الخاصة.
و ستكلل هذه المقترحات في وقت لاحق بمدونة، quot;كودquot;، حول العلمانية يلتزم بها كل الفرنسيين، و إن كانت تعني بدرجة أكثر المسلمين، quot;للعيش على أحسن طريقةquot;، كما يفضل الأمين العام للاتحاد من أجل حركة شعبية أن يقول.

مستشار للرئيس يعزل من مهمته بسبب موقفه من النقاش
لم يرق هذا النقاش العديد من الجهات، بالإضافة إلى المعارضة، و كان أول من أدى ثمن اختلافه مع زعيم الحزب الحاكم، و رفض بقوة هذا النقاش، أحد مستشاري الرئيس الفرنسي، عبدالرحمن دحمان، الذي كان شديد اللهجة في تعقيبه على مبادرة كوبي واصفا حزبه quot;بالطاعون بالنسبة إلى المسلمينquot;.

و دعا دحمان، وهو من أصل مغاربي و الذي أعفي من مهمته في الإليزي، الفرنسيين المسلمين إلى عدم تجديد انخراطهم في الحزب الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية quot;مادام أن النقاش لم يلغ...quot;، على حد قوله.
و هذا، خلال لقاء نظم في مسجد في باريس و دعيت له مسؤولات حكوميات سابقات، ينحدرن من الهجرة، و يتعلق الأمر بكل من رشيدة داتي، راما ياد، و فضيلة اعمارة، إلا أنهن فضلن جميعا عدم الحضور.

و بالإضافة إلى المعارضة و عريضة بأسماء نخبة من المثقفين الفرنسيين أطلقتها إحدى المجلات الفرنسية، لم تنل هذه المبادرة التي كانت بتأييد الرئيس الفرنسي نفسه، أي مباركة من طرف المؤسسات الدينية في فرنسا، و في مقدمتها، من طبيعة الحال، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

موساوي يستنكر هذا النقاش
رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد الموساوي، قال لإيلاف quot;اتصل بي فرانسوا كوبي لأخد رأيي في الموضوع، الذي أصبح يحمل اسم اتفاقية، و قلت له إن هناك مؤسسة معنية بالتذاكر في موضوع التدين في فرنسا، و لا داعي لحصر نقاش من هذا النوع في ديانة واحدة وفي إطار حزبي...quot;

و أضاف موساوي quot;لكنه لم يأخد بنصيحتي، حيث كان للاتحاد من أجل حركة شعبية رأي آخر، و أطلق نقاش استنكرناه في الحين...quot;

ويعتبر رئيس المؤسسة الرسمية الإسلامية الأولى في فرنسا هذا النقاش أنه quot;انصب على مظاهر شاذة و نادرة، أشير إليها في مناسبات ماضية من طرف لجان أخرى، و يمكن أن تتم مزايدات سياسية بخصوصها، و يكون ضحية ذلك المسلمين ومعهم الإسلام بصفة عامةquot;.

وعبر محمد موساوي عن استيائه من هذا النقاش، و على أن المجلس كان ضده منذ البداية، علما، يقول الموساوي، أنه quot;ليس من أولويات المواطن الفرنسي، و هناك أسئلة أخرى تتقدمه في سلم الأسبقيات...quot;
و عن سر اختيار هذا النوع من المواضيع التي تنال من سمعة المسلمين في فرنسا، يقول موساوي، quot;فإلى جانب غياب صوت يدافع عن هذه الشريحة، هناك ما أصبح يمثله الإسلام في ذهنية العنصر الأوروبي، جعلت الحزب الحاكم يضعه في صدارة الأسئلة المطروحة للنقاش...quot;