يشعر قادة المعارضة والسلطة في البحرين بالقلق من إستمرار التوتر رغم الإجراءات المتخذة لتهدئة الأجواء، ويجمع قادة الجانبين بأن الأوضاع ستتصاعد ما لم يتم التوصل إلى حل يعيد ممثلي الطائفتين إلى المفاوضات أو يحقق اصلاحات سياسية ذات معنى.


بعد نحو شهر على وصول قوات من العربية السعودية تفاقم الإنقسام الطائفي في البحرين واصبح يهدد بتحول الجزيرة إلى بؤرة ساخنة أخرى في المواجهة الأوسع بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب من جهة وإيران من جهة أخرى في منطقة الخليج، كما افادت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير من المنامة.

واشار التقرير إلى أن موقع البحرين بين العربية السعودية وإيران جعلها مبعث قلق واهتمام الولايات المتحدة ودول الخليج، لا سيما العربية السعودية. واعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال اجتماعه مع العاهل السعودي الملك عبد الله يوم الأربعاء أن لدى الولايات المتحدة quot;أدلةquot; على تدخل إيران في البحرين، ولكنه امتنع عن كشفها. وكانت الحكومة البحرينية تجأر بالشكوى من دعم إيران السافر لشيعة الجزيرة وتغطيتها الإستفزازية على القنوات التلفزيونية المدعومة إيرانياً، التي تُشاهد في البحرين.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين اميركيين أنهم لا يعتقدون أن إيران أو أي جماعات خارجية تقف وراء التظاهرات الواسعة التي شهدتها البحرين خلال الشهرين الماضيين. وأن ما يقلقهم هو أن يفتح تصاعد الاحتقان الطائفي ثغرات تستغلها إيران وحزب الله اللبناني لتوسيع نفوذهما في البحرين وبلدان أخرى في المنطقة.

ولكن لا يلوح في الأفق ما يشير إلى انحسار هذا الاحتقان في وقت صعدت الحكومة البحرينية حملتها الشديدة باعتقال مئات القادة والناشطين المعارضين والمحتجين في ظل الأحكام العرفية. وغالبية هؤلاء من الشيعة، بحسب الصحيفة.

وطالت الاعتقالات بين 300 و400 شخص كثير منهم اعتُقلوا في مداهمات ليلية على بيوتهم، كما يقول ناشطون للدفاع عن حقوق الانسان. في غضون ذلك اعلنت شركات عامة تسريح مئات العاملين الذين تغيبوا خلال الاحتجاجات أو تم التعرف عليهم بين المشاركين في احتجاجات تقول الحكومة انها غير قانونية.

كما سُرح اطباء ومعلمون ومهنيون آخرون تتهمهم الحكومة بالمشاركة في احتجاجات ، وسُجن أكثر من 12 من هؤلاء. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن حزب جمعية الوفاق الشيعي المعارض أن نحو 1000 عامل فقدوا مصادر رزقهم في شركة النفط الوطنية وشركات عامة أخرى. ولكن الشركات اعلنت تسريح أعداد اقل تبلغ بضع مئات. وقالت إن العمال انتهكوا عقود عملهم وتوقفوا عن العمل في اضرابات غير قانونية دعا اليها قادة نقابيون.

كما اغلقت الحكومة الصحيفة المستقلة الوحيدة بعدما نشرت ما سمته الحكومة quot;صورا مزورةquot; يظهر فيها محتجون يتعرضون للضرب. وسُمح للجريدة بمعاودة الصدور في اليوم التالي بعد استقالة رئيس تحريرها المعروف منصور الجرمي. ونقلت وول ستريت عن الجرمي أن محررين نشروا الصور دون أن يعرفوا أنها صور تظاهرات ليست في البحرين.

ويقول قادة وناشطون في المعارضة إن حملة السلطة تهدف إلى اخماد كل شكل من اشكال المعارضة فضلا عن إنهاء الاحتجاجات. وقال رئيس جمعية حقوق الانسان البحرينية عبد الله الدرازي إن الحكومة لا تريد أن يفتح المواطن فمه.

وكانت الجماعات المعارضة أجرت حوارًا مع الحكومة، ولكنها امتنعت عن الدخول في مفاوضات شاملة قبل وصول قوات درع الجزيرة ثم اكدت أنها مستعدة الآن للتفاوض بمشاركة وسطاء. ولكن الحكومة التي تتعرض الى ضغوط من مؤيديها السنة للتعامل بحزم مع قادة الاحتجاج، اعلنت أن المحادثات بشأن الاصلاح السياسي يجب أن تجري تحت قبة البرلمان. وقالت صحيفة وول ستريت إن هذا يعني على الأرجح أن الجماعات الشيعية المعارضة لن تشارك، مشيرة إلى استقالة سياسيين في المعارضة من البرلمان خلال الاحتجاجات وقبول النواب الباقين استقالاتهم.

في غضون ذلك، تعمل الحكومة على تلبية بعض المطالب الاقتصادية لشيعة البحرين الذين يشكون منذ زمن طويل من التمييز واللامساواة ، بحسب الصحيفة. واصدرت الحكومة موافقتها على بناء 50 الف وحدة سكنية جديدة خلال العقد القادم. وسينفذ المشروع بمساهمة من دول الخليج التي ستقدم مساعدات للبحرين بقيمة 10 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة.

ولكن قادة من الجانبين يشعرون بالقلق من استمرار التوتر رغم هذه الإجراءات ما لم يتم التوصل الى حل يعيد ممثلي الطائفتين إلى المفاوضات أو يحقق اصلاحات سياسية ذات معنى. ونقلت وول ستريت جورنال عن مصدر قريب من الحكومة قوله quot;إن لدينا انقساما طائفيا لم تعرف البحرين مثله منذ مئة عام. ولا ريب في أن الحل السياسي هو المخرج الوحيدquot;.