عبّر مجموعة من القضاة، الذين صدرت في حقهم أحكام بالتوقيف عن العمل من طرف المفتشية العامة في وزارة العدل في الجزائر، عن استيائهم الشديد من الأحكام التي صدرت في حقهم، التي وصفوها بـ quot;التعسفيةquot;، ووجهوا بيان quot; استغاثة quot; للقاضي الأول في البلاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من اجل التدخل و إعادة القضاة الذين تم عزلهم، في المقابل أكد خبير قانوني في تصريح لـ quot;إيلافquot; أن التهم الموجهة إلى وزارة العدل و المفتشية غير مؤسسة قانونيًا.

مطالب القضاة جاءت خلال أعمال الجمعية التأسيسية لـquot;جمعية القضاة المتعسف في حقهمquot;، التي احتضنتها قاعة خديجة في باب الزوار، وتعتبر هذه الخطوة أول رد فعل ميدانيًا للقضاة للتعبير عن رفضهم للقرارات الصادرة في حقهم، وحسب حديث رئيس الجمعية محمد بختاوي لـ quot;إيلاف quot; فانه تم تغيير مكان الانعقاد بعد رفض الشرطة عقد الاجتماع في قاعة أخرى، بحجة أن التجمع غير مرخص.

وحسب بيان quot;الاستغاثةquot; الموجه إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، باعتباره رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، فان quot;الاستغلال السيء لبرنامج إصلاح العدالة في الجزائر، أدى إلى إحداث نزيف في سلك القضاء quot;، واعتبر القضاةأن quot; آخر وأكبر ورشة للإصلاح لم تتضح بعد معالم نجاحها أو فشلهاquot;، وأكثر من ذلك اتهم القضاة من سموهم بالطابور الخامس بمحاولة تحريف أهداف برنامج إصلاح العدالة، الذي أطلقه الرئيس بوتفليقة، و الذي يعتبر أحد رهاناته الإستراتيجية.

ووجهت أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى المفتش العام في الوزارة، واتهموه بمحاولة مصادرة استقلالية جهاز القضاء، عن طريق الضغوط الممارسة ضد القضاة،ووصفوا المفتشية العامة لوزارة العدل بالآلة المجنونة التي quot;بدلاً منأن تكون وسيلة للإصلاح الناجح والتقويمي لجهاز القضاء، تحولت إلى آلة تحرش ضد القضاة وتكبيل استقلاليتهمquot;.

ولخص القضاة المحتجون جملة التجاوزات في نقاط عدة،أهمها، انتهاك المفتشية العامة وفريق من المجلس الأعلى للقضاء كل الإجراءات القانونية للمحاكمة التأديبية العادلة لتنفيذ قرارات العزل السابقة لأوانها، كما إن معظم إحالات المفتشية العامة على المجلس التأديبي تبررها تحت تسمية quot;مخالفة واجب التحفظquot; و quot;التقصير في أداء المهامquot;، من دون إثبات ذلك أو تحديد مفهومهما، وهو ما أدى حسب القضاة إلى تراجع العمل القضائي نوعياً، وجعل جودة القضاء و نوعيته تتحدد بنسبة إحصاء ملفاته العددية من دون التوقف عن تحقيق العدل والنوعية.

هذا إلى جانب تجاوزات أخرى، تتعلق بتمرير قرارات العزل، عبر آلية فبركة ملفات جزائية ضد القضاة وحرمانهم بعد ذلك من محاكمات منصفة وعادلة، كما إن القرارات التأديبية تفتقد الأساس القانوني والتسبيب المنصوص عليه في المادة 144 من الدستور الجزائري، واعتبر القضاة أن العقوبة التأديبية تأتي في الغالب بسبب دوافع انتقامية بسبب أفكارهم أو آرائهم أو أنشطتهم النقابية، وهو ما صرح به رئيس الجمعية في حدثيه لـquot;إيلافquot;.

ومن أجل تسوية هذا الوضع، طالب القضاة في اجتماعهم بضرورة تكليف لجنة مستقلة عن وزارة العدل من خبراء في القانون وبرلمانيين عند الاقتضاء، وأعضاء من المجلس الدستوري، بهدف إعادة إدماج القضاة المستفيدين من قرارات قضائية فصلت بإعادة إدماجهم، أو تلك التي قضت بتبرئتهم من أفعال نسبت إليهم، وإعادة دراسة ملفات القضاة الذين تم عزلهم تحت غطاء التقصير في أداء المهام أو الإخلال بواجب التحفظ، كما دعا القضاة إلى ضرورة توفير محاكمات عادلة للذين يتعرضون لمتابعات جزائية.

هذا ويبلغ عدد القضاة الذين تم عزلهم، حسب إحصائيات قدمها منسق منطقة الشرق، منذ 2004 إلى اليوم 237 قاضيًا، 80% منهم عزلوا لأسباب مهنية، في حين لا يزيد العدد عن ثلاثة في المغرب بين سنتي 1996 و2010، و تم عزلهم لأسباب غير مهنية.

لكن في المقابل صرح خبير قانوني، رفض الكشف عن اسمه، لـ quot;إيلافquot; أن الإدارة والممثلة في وزارة العدل والإدارات التابعة لهالا تتحمل أية مسؤولية في هذا الموضوع، وحسب هذا الخبير، فان القانون العضوي رقم 04 / 12 / 2004، المؤرخ في سبتمبر/ايلول، والمتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته، بين الفصل الثاني من القانون الأساسي المادة رقم 21 ما نصه أن الرئيس الأول للمحكمة العليا يرأس المجلس الأعلى للقضاء عندما يجتمع في تشكيلته التأديبية للفصل في المتابعات التأديبية المتخذة ضد القضاةquot;.

بما معناه أن quot;اللجنة التأديبية تتكون من الرئيس الأول للمحكمة العليا وعدد من القضاة، والإدارة ليست لها أية مسؤولية بما في ذلك رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، هذا المجلس الذي يترأسه الرئيس الأول للمحكمة العليا، وليس رئيسه الدائم، لذلك فالتهم الموجهة إلى وزارة العدل والمفتشية العامة غير مؤسسة قانونًاquot;، واعتبر هذا الخبير أن quot;الإحصائيات التي قدمها القضاة، التي تتعلق بفصل 237 قاضيًا هي إحصائيات غير دقيقة، لأن العدد أقل من ذلك بكثير، لكنه لم يكشف لنا عن الرقم الصحيحquot;.