موجة من الجدل بدأت تثار مؤخراً بعد الكشف عن أن باكستان تخزن مواداً نووية تستخدم في تصنيع الأسلحة، وتُسرِّع كذلك من جهودها التي ترمي لبناء محطة للطاقة النووية يمكنها أن تنتج البلوتونيوم.
وفي ظل علاقة الريبة غير المسبوقة بين واشنطن وإسلام آباد، على خليفة العملية التي أودت مؤخراً بحياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وما شابها من لغط حول دور باكستان المزعوم في مكافحة الإرهاب، ظهرت أدلة جديدة تتحدث عن أن البرنامج النووي الباكستاني يمضي قدماً إلى الأمام.
فوفقاً لمجموعة صور جديدة التقطتها أقمار صناعية تجارية، وتحصلت عليها بصورة حصرية مجلة النيوزويك الأميركية، فإن باكستان تسرع بصورة كبيرة من جهودها لبناء مفاعل في موقع خوشاب النووي، الذي يقع على بعد 140 ميل تقريباً جنوب إسلام آباد.
وفي هذا السياق، نقلت اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية عن محللين قولهم إن الصور أظهرت أن باكستان ستمتلك عما قريب رابع مفاعل تشغيلي، سيعني بالتوسع في إنتاج البلوتونيوم بشكل كبير لخدمة برنامجها الخاص بالأسلحة النووية.
وقال بول برانان، من معهد العلوم والأمن الدولي :quot; إن عملية البناء لافتة للنظر. ومن المحير عدم تحدث أحد في الولايات المتحدة أو في الحكومة الباكستانية بأي شيء عن هذا الموضوع ndash; وبخاصة في تلك الفترةquot;. وعلى عكس إيران، التي لم تنتج بعد يورانيوم عالي التخصيب، أو كوريا الشمالية، التي أنتجت بلوتونيوم لكن لاتزال تفتقر لأي أسلحة حقيقية، تكثف باكستان بشكل ملحوظ برنامجها الخاص بالأسلحة النووية.
وقال إريك إيدلمان، وكيل وزارة الدفاع الأميركية إبان إدارة الرئيس جورج بوش :quot; أنت تتحدث عن باكستان بشكل يُحتَمل أن تتجاوز فيه فرنسا في مرحلة ما. وهذا أمر استثنائيquot;.
من جهتهم، أشار مسؤولون باكستانيون إلى أن بناء المفاعل الجديد هذا جاء كرد على التهديدات التي تصلهم من الهند، التي ستنفق 50 مليار دولار على جيشها خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأوضح السناتور السابق سام نان، الذي يشارك في رئاسة مبادرة التهديد النووي quot; لكن أن تقول إن تلك المسألة تنحصر فحسب بين الهند وباكستان، فهذا أمر لا يمت بصلة للواقعquot;.
ومضت الصحيفة تؤكد على خطورة أمر كهذا، لأن باكستان تخزن أيضاً مواداً انشطارية أو وقود قنابل.
وتابعت بقولها إنه ومنذ أن تمكنت إسلام آباد من استخراج اليورانيوم على أراضيها واكتسبت الخبرة الخاصة بعملية التخصيب على مدار عقود ndash; والتي بدأت بالجهود التي بذلها العالم عبد القادر خان ndash; باتت قدرتها على الإنتاج ذات مغزى وأهمية.
ورغم رفض البيت الأبيض التعليق على الموضوع، إلا أن مسؤولاً بارزاً بالكونغرس الأميركي، يعمل في القضايا النووية، أخبر مجلة النيوزويك، أن التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن باكستان طورت بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 100 رأس حربي وتصنيع ما بين 8 إلى 20 سلاحاً نووياً كل عام. وأتبع هذا المسؤول حديثه بالقول quot; لا شك أن هذا البرنامج هو الأسرع نمواً في العالمquot;.
وأوردت ساينس مونيتور في سياق متصل عن منصور إجاز، الذي لعب دوراً بارزاً في دبلوماسية القنوات الخلفية بين إسلام آباد ونيودلهي، قوله quot; لا توجد شفافية في الطريقة التي يتم من خلالها معالجة المواد الانشطارية أو نقلهاquot;. ونقلت النيوزويك عن مسؤول من وزارة الدفاع الأميركية قوله إن الحكومة الأميركية واثقة من أن باكستان قد اتخذت خطوات مناسبة فيما يتعلق بتأمين ترسانتها النووية. لكن وبعيداً عن المسكنات، يريد قليلون في واشنطن أن يجروا مناقشات صريحة بشأن السيناريو المخيف الذي قد يتحصل فيه الإرهابيون على مواد أو أسلحة نووية.
ومن جهتهم، دافع قادة باكستان عن برنامج أسلحتهم النووي، قائلين أنه يحظي بأهمية إستراتيجية، في الوقت الذي لا يستطيعون فيه مضاهاة إنفاق الهند العسكري، واضطرارهم إلى ردم الهوة بينهم وبينها من خلال الأسلحة النووية. وقال أيضاً الرئيس الباكستاني السابق، بيرفيز مشرف :quot; يعتبر برنامجنا موضوعاً ذا حساسية مفرطة بالنسبة لكل امرأة، ورجل، وطفل في باكستان. كما أن الأسلحة النووية محمية وموزعة بشكل جيد في مواقع آمنة، ولا تلعب أميركا أي دور في تأمين ترسانتناquot;. ونوهت ساينس مونيتور في ختام حديثها إلى أن الولايات المتحدة تواجه معضلة دبلوماسية، مع خروج رابع مفاعل نووي في باكستان ( بموقع خوشاب ) إلى النور مع بداية عام 2013، واحتمال وجود برنامج مستعجل للأسلحة النووية.
التعليقات