حصل المستشار في الديوان الملكي السعودي عبدالمحسن العبيكان على أول إجازة من الملك عبدالله بالإفتاء عبر وسائل الإعلام، ويعدّ العبيكان أحد أشهر المفتين السعوديين، الذين تم تداول فتواه بشأن إرضاع الكبير، على نطاق واسع من السخرية والاستهجان من قبل عدد كبير من كتاب الصّحف في السعودية.


عبدالمحسن العبيكان

الرياض: بعد حظر شديد وتخوف شهدته مواقع مختلفة على شبكة الانترنت، وبعد حالة الـquot;قحطquot; التي عصفت بالقنوات التلفزيونية التي تعوّل على ظهور بعض من رجال الدين السعوديين، والممتهنين وظيفة quot;الإفتاءquot;، رفع العاهل السعودي الملك عبدالله أول هذه الأوراق المجيزة للظهور والإفتاء للمستشار في الديوان الملكي عبدالمحسن العبيكان.

تسعة أشهر مضت على قرار الملك السعودي بحظر الإفتاء على المؤسسة الدينية الرسمية، ممثلة في quot;هيئة كبار العلماءquot;، التي لا تزال في ضوء إصدار تنظيم جديد يقضي بتعيين مفتين موزعين على مناطق السعودية الإدارية الثلاثة عشرة. تطبيقًا للقرار الشديد اللهجة الصادر من الملك عبدالله بأن quot;من يتجاوز هذا الترتيب الخاص بالفتوى، فسيعرّض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كانquot;.

فمنذ شهر أيلول/سبتمبر من العام المنصرم 2010، وهو التاريخ الذي أصدر فيه الأمر الملكي بحظر الفتاوى على الهيئة الدينية الأولى، اتجهت الجهات المختصة السعودية إلى إغلاق عدد من المواقع الاليكترونية، المعروف عنها قيامها بإصدار فتاوى دائمة، رأت فيها أنها بعدية عن تطبيق الرأي الديني الصادق والسليم تجاه قضايا عدة.

فمن موجة التسونامي quot;الإفتائيةquot;، التي هاجت معها رؤى متعددة من التنويريين والراديكاليين، كلٍّ في صفه؛ حيث اعتبر الصف الأول أن الدين الإسلامي دين يحترم الذات الإنسانية، ويحمل رؤى متعددة تحترم الاختلاف لمعالجة القضايا، بينما كان الصف الأخير يراها جزءًا من quot;الفتنquot;، التي تصيب المسلمين وفرق من رجال دين quot;ضلت عن درب الفلاحquot;.

أحد أبطال تلك الموجة العاصفة هو من حصل على أول إجازة للإفتاء في وسائل الإعلام السعودية، وهو الرجل القريب من البلاط الملكي كمستشار فيه، العبيكان صاحب الفتوى الشهيرة بمشروعية إرضاع الكبير، التي جالت معها عواصف الاستهجان والجدال على نطاق واسع خلال الأشهر الماضية في السعودية وخارجها، سوف يستأنف حلقات quot;الإفتاءquot; ابتداء من غد الأحد، وفق ما ذكره موقعه عبر الانترنت quot;المعصومquot; من الحجب.

ويعدّ العبيكان أبرز المفتين، الذين طالب العديد من رجال الدين السعوديين، بالحجر عليهم، وهو ما طالب به إمام حرم مكة عبدالرحمن السديس، بأن يتم الحجر على مصدرفتوى إرضاع الكبير في إشارة منه إلى العبيكان، الذي دافع عن فتواه، بحجة حجبالضرر المصاحب لاختلاط الرجل مع المرأة الأجنبية عنه.

ولاقت هذه الفتوى سخرية عامة من بعض كتاب الصحف السعودية والعربية، كما لاقت استهجانًا وتأييدًا من البعض لدى المجتمع السعودي، في وقت أصرّ فيه العبيكان على فتواه، مستشهدًا بما فعله النبي محمد (ص)مع أحد صحابته، واستشهد كذلك ببعض العائلات السعودية منذ زمن، التي كانت تلجأ إلى هذا الأمر لحاجتها للرجل الأجنبي في أمورها الحياتية.

جاءت فتوى إرضاع الكبير، وكذلك إبطال السحر بالسحر، للمفتي نفسه عبدالمحسن العبيكان، كأغرب الفتاوى خلال العامين الماضيين، وتسببت بالكثير من الجدل، وتناولتها الصحف والمنتديات بأسلوب ساخر ونقد لاذع، وأمست آراء الشيخ العبيكان تتسم بإثارة الرأي العام.

سوق الإفتاء السعودية التي انتشرتفيها حالة اللغط العظمىبدأت عامها 2010 بإجازة رئيس quot;هيئة الأمر بالمعروفquot; في مدينة مكة المقال قبل شهرين في مكة أحمد الغامدي للاختلاط الذي كان محرّمًا، تحاربه الشرطة الدينية، أو ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رسميًا داخل السعودية، وجاءت هذه الإباحة عقب الشد والجذب في موضوع افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي تعتبر أول جامعة سعودية مختلطة.

وجاءت فتوى رجل الدين السعودي عادل الكلباني، وهو الإمام السابق لحرم مكة، مزعجة للمنتسبين إلى تياره الدعوي الإسلامي، وشهد موقع الكلباني على الانترنت استفتاءات تحليل الغناء لأناس، قالوا إنهم تائبون عن سماع الغناء، لكنهم سيعودون بناء على فتوى الكلباني المجيزة له، فشكل الشيخ الكلباني نقطة استهداف للتيار الإسلامي والوقوف ضده لتبيان الحقائق في هذا الأمر، إلا أن الكلباني أصرّ على رأيه تبيانًا للناس طريق الحق.

وفي الأجواء الحالية، التي سمحت للعبيكان بمعاودة تحليقه في سوق الإفتاء المضطربة، كانت السعودية أصدرت قرارًا يقضي بإنشاء مجمعًا فقهيًا أعلى، يتصل مباشرة بالهيئة الدينية السعودية الرسمية، توقع العديد أنه سيحلّ إشكالات وآراء يرونها فردية وغير دينية.