على الرغم من مضي أسابيع عدة على الدعوة الخليجية لكل من الأردن والمغرب إلى الانضمام إلى دول مجلس التعاون، فإن الخليجيين أنفسهم لا يزالون منقسمين حول هذه الدعوة، التي فاجأت بعض السياسيين في المجلس، قبل الصحافيين والمراقبين لشؤون المنطقة المرتعشة على وقع الثورات العربية.


قادة دول مجلس التعاون الخليجيّ

الكويت: تقول المصادر الخليجية المطلعة، التي كانت تتحدث من الكويت، إن هذه الدعوة كانت برغبة سعودية في الأساس، ومن ثم دعمتها البحرين والإمارات، بينما فضل الفرسان الثلاثة، كما في رواية اليكساندر دوما الشهيرة، قطر وعُمان والكويت، الضغط من أجل تأجيل القرار حتى تتم دراسته، خصوصاً وأن المعتاد من القمم التشاورية أنها لا تخرج بقرارات سياسية.

وحسب دبلوماسي خليجي مطلع، فإن وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم حاول التدخل مرتين، خلال القمة التشاورية الأخيرة، لطلب تأجيل القرار حتى تتم دراسته، على مستوى وزراء الخارجية، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل مسؤول خليجي كبير القيمة والمقام.

ويعتقد كثير من المحللين أن الانضمام، إن تمّ، فسيكون من فئة محددة، لا عضوية كاملة، كما تأمل الأردن، وتخشى المغرب، نظراً إلى أن الأولى في تمام اللهفة إلى الانضمام لدول النفط بسبب مشاكلها الاقتصادية، بينما تخشى الثانية أن يتسبب الانضمام في تلاشي نفوذها في المنطقة المغاربية، ما يعزز من موقع منافستها اللدودة الجزائر.

وقدمت السعودية منحة علنية إلى الأردن، قدرها 400 مليون دولار، وتصادف أن تزامن مع هذه الهبة خفوت الحديث الرسمي عن حديث الانضمام، باستثناء بعض الأحاديث التي لم ترد بإسناد صحيح، أي كما يقال إنها رواية الواقدي، نسبة إلى محمد بن عمر الواقدي الواعظ المشهور بعدم صدقه، وسعة خياله عند رواية الحديث.

ولدى الخليجيين خبرتهم مالاً، وفكراً، وسياسةً، ودبلوماسيةً في القضاء على أخطائهم، أو مشاريعهم التي يثبت فشلها بعد دخولها إلى الساحة العامة، إذ من المتوقع أن يجدوا مخرجاً من هذه الدعوة، التي جائت كرد فعل على ثورات الربيع العربي، وأطاحت بزعيمين حتى الآن، فيما لا يزال ثلاثة آخرون يجاهدون للحفاظ على حياتهم، قبل كراسيهم.

ومعروف أن أنظمة الحكم في المغرب والأردن تتشابه مع الخليج، وهذا ما منحهما أفضلية على اليمن التي تطرق باب المجلس منذ سنوات، ولم يفتح لها إلا نصفه، وهدا النصف أيضاً أصبح محور أخد ورد بعد مراوغة صالح بالخليجيين في مبادرتهم الأخيرة الهادفة إلى فرض الاستقرار في اليمن، وتعيين رئيس جديد.

شكلت دعوة دول مجلس التعاون الخليجية إلى انضمام المملكتين المنهكتين اقتصاديًا المغرب والأردن إلى التجمع النفطي الغني، انعكاسًا لقلق داخلي يجتاح الملكيين من أن يلاقوا المصير عينه بعدما وضعتهم تجربة أحداث البحرين تحت الاختبار، حتى تم القضاء بعنف على تظاهرات حاشدة، كادت أن تعصف بحكم آل خليفة الذي امتد لنحو 300 عام.

ويخشى المواطنون الخليجيون من أن يشكل المنضمون الجدد منافسًا جديدًا لهم، مما قد يستبب في ارتفاع معدلات البطالة، المرتفعة أساساً، خصوصًا في بلدان تكثر فيها نسبة الشبان، وتقل فيها نسبة الوظائف.

لم يغضب أحد على انضمام المملكتين، كما فعلت قطر والكويت، والمرأة الخليجية، التي ترى في دخولهما تهديداً للبيت الخليجي، الذي لن يصمد بالتأكيد أمام فاتنات الشام والمغرب، على حد تعبير الخليجيات في غرف الدردشة، والمواقع الحوارية.