مبارك اعتمد على حسين سالم، الذي اعتقل أخيراً، لتمرير صفقة تصدير الغاز لإسرائيل

أكد خبير البترول المصري إبراهيم زهران أن إلقاء القبض على رجل الأعمال الهارب حسين سالم في أسبانيا، سيكشف أبعاداً جديدة لما وصفه بجريمة تصدير الغاز لإسرائيل، وأوضح في حديث خاص لـ إيلاف، أن سالم سيسعى حال محاكمته إلى توريط شخصيات مصرية، ربما لم يكشف عنها النقاب حتى الآن.


القاهرة: أبدى خبير البترول المصري الدكتور ابراهيم زهران ارتياحاً بالغاً لإعلان القبض على رجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم في أسبانيا، وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، اوضح الدكتور زهران ان سالم سيلعب بكل الاوراق المتاحة لديه حال مثوله امام القضاء المصري، في محاولة لتوريط اكثر من شخصية مصرية، سواء كانت سياسية او اقتصادية في الاتهامات المنسوبة اليه، وذلك لتخفيف الاتهامات الملقاة على عاتقه، خاصة ما يتعلق منها بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل.

يرى زهران في حديث لـ quot;إيلافquot;، أن حسين سالم بعيداً عن نفوذه الواسع، وتأثيره على دوائر صنع القرار، وتقربه من الرئيس السابق، كان ورقة رابحة بالنسبة إلى مبارك، اعتمد عليها الاخير لتمرير صفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل، في المقابل يحصل رأس النظام المصري المخلوع وافراد اسرته على عمولات كبيرة، رغم ان مصر في حاجة ماسة لهذا الغاز، إذ يعدّ تصدير تلك الثروة جريمة بكل المقاييس، نظراً إلى أن مصر في حاجة اليها، ولا ينبغي التفريط فيها أو تصديرها، خاصة ان مواصلة تصدير الغاز المصري ستؤدي بالضرورة الى نفاذ الاحتياطي الاستراتيجي منه في فترة لا تتجاوز اربع سنوات.

بدا خبير البترول المصري ممتعضاً عند مناقشة قضية تصدير الغاز لإسرائيل، وزاد امتعاضه عندما دار الحديث حول استئناف ضخّ الغاز المصري لاسرائيل، معتبراً ذلك تفريطاً في ثروة يمتلكها الشعب المصري، ولا تمتلكها الدوائر الحكومية التي اتخذت هذا القرار. وبين شد وجذب دار حوار quot;ايلافquot; مع خبير البترول المصري على صفيح ساخن.

ما تعليقك على القاء القبض على حسين سالم في اسبانيا، ومحاولات مصر اعادته الى القاهرة لمحاكمته؟

أنباء سارة سعدت بعد سماعها، لثقتي بأن القضاء المصري لن يتوانى عن معاقبة اي مسؤول في قضايا فساد كان يرعاها نظام مبارك، وربما كان ضالعاً فيها، واتوقع انه بعد القاء القبض على حسين سالم وعودته quot;متهماًquot; الى مصر، سيكلف طاقم محاماة ضليع لتفنيد كل الاتهامات المنسوبة له. رغم ذلك - وإن كانت المناورة عليه ستكون ضعيفة ndash; الا ان سالم سيعمد الى توريط اكثر من شخصية سياسية واقتصادية في قضايا الفساد، التي تحوم حول تصدير الغاز لاسرائيل، وذلك لتخفيف الحكم القضائي الذي سيصدر ضده، وأرى ان هذه الاتهامات لن تقتصر على تصدير الغاز لاسرائيل فقط، وانما ستطول عدداً من قضايا الفساد، التي لم يكشف عنها النقاب حتى الان.

زهران: قرار مصراستئناف تصدير الغاز الى اسرائيل قرار خاطئ، ويعكس مدى الهوة القائمة بين الارادة الشعبية ومؤسسة الحكم

بوصفك خبيراً في البترول، ومسؤولاً سابق في وزارة البترول والتعدين المصرية، ما دورك في كشف قضايا الفساد التي شهدتها الوزارة؟

لم اتوان لحظة عن كشف ما وقعت عليه يداي من قضايا فساد، وبات مكتب النائب العام شاهداً على بلاغات تقدمت بها عن فساد مبارك وفساد وزارة البترول والتعدين، وكان من بين هذه البلاغات البلاغ رقم 6706، حيث تقدمت به مع السفير ابراهيم يسري مساعد وزير الخارجية المصري السابق ضد حمدي عبد العزيز رئيس الادارة العامة للإعلام في وزارة البترول المصري.

ودار البلاغ حول اتهام عبد العزيز باهدار المال العام، شاركه في ذلك عدد من الصحافيين المصريين في مؤسسات صحافية قومية، كما حمل البلاغ اتهام عدد من المسؤولين في الوزارة بتسديد ما قيمته خمسمائة الف جنيه لشراء أجهزة quot;لاب توبquot;، لمصلحة احدى المؤسسات الصحافية القومية بما يخالف القانون، فضلاً عن بلاغات أخرى وصلت الى ايدي النائب العام، وكانت كلها تطالب بفتح التحقيق في قضايا فساد منسوبة إلى مبارك وكبار رجال نظامه السابق.

لماذا استأنفت مصر تصدير الغاز الى اسرائيل، رغم تأكيدك ان ذلك جريمة؟

قرار استئناف تصدير الغاز الى اسرائيل قرار خاطئ، ويعكس مدى الهوة القائمة بين الارادة الشعبية المصرية ومؤسسة الحكم، ويعبّر عن وضع الارادة السياسية، صحيح ان المجلس العسكري اعلن سلفاً التزامه بكل الاتفاقيات المبرمة مع اسرائيل، الا ان ذلك لا يعني القبول او باستئناف تصدير الغاز إلى الدولة العبرية، إذ إن إسرائيل ليست شريكاً، وانما يقتصر عقد الشراكة على طرفين اصيلين هما، الشركة المصرية القابضة للغازات الاسرائيلية ورجل الاعمال المصري المعتقل في اسبانيا حسين سالم، ومن هذا المنطلق ليس من المنطق قبول مصر ما بعد مبارك بتصدير الغاز الطبيعي لاسرائيل.

لكن ربما ينبع هذا القبول من ممارسة إسرائيل أو الولايات المتحدة ضغوطات على مصر؟

اذا كانت مصر الآن تستجيب لضغوط من الولايات المتحدة او من اسرائيل، فلا يعني ذلك الا ان كل ادوات الحكم في مصر لم تعد صالحة، وهذا ما ينقلنا الى ضرورة اعادة تأهيل مؤسسة الحكم للتعاطي مع التحديات المستقبلية التي قد تواجهها مصر، فمكتسبات ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، أضحت وقوداً للتغيير الجذري في سياسة الانبطاح التي كانت تشكل قاعدة النظام البائد، خاصة عندما يدور الحديث عن التعامل مع اسرائيل او الولايات المتحدة، ومن هنا اؤكد انه اذا استمرت ادوات الحكم في مصر على هذه الصورة فستكون الخسارة فادحة، ولن نخرج من منعطف الماضي البغيض، الا نحو منعطف أكثر سوءاً.

هل تكمن الاشكالية في تصدير الغاز لاسرائيل، أم في تصدير الغاز المصري على الاطلاق؟

مصر في حاجة ماسة للغاز الذي تقوم بتصديره، سواء لاسرائيل او لأية جهة، فإذا استمر تدفق الغاز المصري خارج الحدود، فلا يعني ذلك الا فقدان مصر للاحتياطي الاستراتيجي من الغاز في مدة لا يزيد سقفها عن اربع سنوات على اقصى تقدير، غير ان حسين سالم والنظام السابق، اقدما على تلك الجريمة طمعاً في العمولات التي حصل عليها مبارك وافراد عائلته خاصة نجليه quot;جمال وعلاءquot;، إذ يعدّ تصدير الغاز الطبيعي لاسرائيل سبباً رئيساً في تضخم ثروتهما ووالدهما، وفي الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ربما يفصل في قضية العمولات التي حصل عليها مبارك وجمال وعلاء جراء تصدير الغاز المصري لاسرائيل.

وما موقف وزير البترول المصري السابق من تلك القضية، خاصة انه نفى ضلوعه في الصفقة؟

وزير البترول السابق سامح فهمي شريك وضلع اساسي في إبرام الصفقة، صحيح ان حسين سالم كان له بالغ الاثر في خروجها الى حيز التنفيذ، الا ان فهمي باركها، ووقع بالاحرف الاولى كوزير للبترول عليها، رغم علمه بحجم تلك الجريمة وتأثيرها على الاقتصاد المصري.

بعض الدوائر في القاهرة تشير إلى أن اسرائيل تحصل على الغاز الطبيعي من آبار في البحر المتوسط، وربما تعود ملكية هذه الآبار إلى مصر، ما تعليقك؟

اسرائيل لا تزال في مرحلة التنقيب او على اقصى تقدير مرحلة ما قبل استخراج الغاز الطبيعي من الابار التي اكتشفتها في سواحلها على شاطئ البحر الابيض المتوسط، ولكن اذا ثبتت تبعية هذه الآبار لمصر، فستلجأ القاهرة الى التحكيم الدولي من اجل ترسيم الحدود الاقتصادية مع اسرائيل، مما يحول دون حصول الدولة العبرية على الغاز من تلك الابار.

ولعل ما تقصده الدوائر المصرية هو امكانية ان يكون الغاز الطبيعي الذي ستستخرجه اسرائيل من الآبار المكتشفة يعود في ملكيته الى مصر، نظراً إلى عدم ترسيم الحدود الاقتصادية بين تل ابيب والقاهرة، فعندئذ سيتم توقيع اتفاق مع اسرائيل لترسيم الحدود الاقتصادية بين البلدين، ولن يشكل ذلك عائقاً امام مصر، إذ إن توقيع اسرائيل على حدودها الاقتصادية اقتصر على قبرص فقط، ولم توقع عليه مع مصر او لبنان او سوريا.