يخوض المغرب أطول مرحلةإنتقالية في تاريخ المملكةمن ناحيةتجديد الدستور و الذي أعلن عنه العاهل المغربي محمد السادس في خطاب إلى الأمة ألقاه منذ يومين.


الرباط: قال الأستاذ الجامعي في القانون الدستوري والعلوم السياسية quot;محمد زين الدينquot; إن الدستور الجديد، الذي أعلن عنه العاهل المغربي محمد السادس في خطاب إلى الأمة ألقاه مساء الجمعة، يعتبر أطول دستور في تاريخ المغرب المستقل.

وذكر زين الدين في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الدستور أتى بمقتضيات دستورية جديدة ومتجددة على أكثر من صعيد، سواء على مستوى المنهجية، أو الشكل، أو المضمون، مشيرا إلى أنه على مستوى المنهجية المعتمدة، فإنها كانت ديمقراطية تشاركية بالأساس، بحيث كان هناك إشراك لأغلب الأحزاب السياسية والنقابات، وحتى المجتمع المدنيquot;.

وأكد محلل مغربي أنه quot;كانت هناك استجابة للعديد من مطالب هذه المكونات، إذ يمكن القول أننا أمام دستور توافقي بامتياز، حيث أن جميع الأطراف وجدت جانب من مطالبها في صلب هذه الوثيقة الدستوريةquot;.

وأضاف محمد زين الدين quot;في الإطار المنهجي، نجد لأول مرة في المغرب، أن هناك دستور جرت بلورته من قبل لجنة مغربية خالصة، مقارنة مع الدساتير السابقة، التي صيغت من قبل باحثين فرنسيينquot;.

أما على مستوى الشكل، يشرح المحلل ذاته، quot;هناك تحولات جذرية شملت الهندسة الدستورية المغربية برمتها، وليس فقط على مستوى الإطار الشكلي، إذ انتقلنا quot;من 108 فصول إلى 180 فصلquot;، مؤكدا أن quot;هناك تغيير كبير وجذري على مستوى الهندسة الدستورية، يبدأ من التصدير إلى غاية الأحكام الانتقالية.quot;

الدستور الجديد يسعى إلى إقرار حقوق الإنسان بمواصفات عالمية

وإعتبر زين الدين أن quot;التصدير غني بمدلولاته ومضامينه ، إذ نجد البعد التقني والحداثي حاضران من خلال التأكيد على أن المغرب دولة الحق والقانون والمؤسسات، بحيث أنه يسعى إلى إقرار حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه عالميا من خلال تكريس مبادئ الديمقراطية، كالمساواة، والكرامة، والحرية، وإلى غير ذلك. وأيضا من خلال المفهوم التقليدي الحاضر المتمثل في التشبث بأن المغرب دولة إسلامية، إضافة إلى أن العمق الإستراتيجي متنوع ضمن إطار ما نسميه quot;التركيبة الهوياتية.quot;

أما على مستوى الخطوط العريضة لهذا الدستور، يوضح المحلل المغربي: quot;يمكنني التأكيد هنا على أمرين، الأول يتمثل في تدعيم الحقوق الفردية والجماعية بشكل قوي جدا، إذ نلاحظ أنه ليس هناك توسيع فقط لهذه الخطوط، بل هناك أيضا إدماج كلي للحقوق الفردية والجماعية. ونجد أن هناك تفصيل في مجال الحقوق الفردية والجماعية بطريقة جد ديمقراطية وجد متقدمةquot;.

وأضاف quot;عندما نقارن هذا الدستور مع الدستور الألماني نجد أن هناك تشابه كبير جدا في تضمين هذه الحقوق بإسهاب شديد جداquot;.

أما بالنسبة للخاصية الثانية لهذا الدستور، يشرح زين الدين، فتتجلى في الحرص على وجود توازن دستوري دقيق وذكي للسلطات الدستورية. فلأول مرة في تاريخ المغرب الدستوري نسجل وجود توازن نوعي للسلطات الثلاث (السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية)quot;.

وأشار إلى أنه يمكن القول بأن جرت إعادة الأمور إلى نصابها، إذ احتفظنا بنظام الغرفيتين، ولكن في الوقت نفسه جرت إعادة الأمور إلى طبيعتها فيما يتعلق بتركيبة البرلمان، بحيث أن مجلس النواب أضحت لديه صلاحيات كبيرة جدا على مستوى تنصيب الحكومة، وعلى مستوى الاختصاصات الواسعة التي منحت له، في حين جرى التقليص من تركيبة واختصاصات مجلس المستشارين، إذ تحدث الخطاب الملكي عن أن التركيبة تتكون من ما بين 90 و120 عضوا في مجلس المستشارينquot;.

مقابل هذا، يوضح محمد زين الدين، quot;كان هناك تدعيم قوي جدا وملحوظ لمؤسسة رئيس الحكومة، إذ عدنا من جديد إلى مفهوم رئيس الحكومة، لكن العودة هنا ليست شكلية، بل جوهرية في الاختصاصاتquot;.

كما أن المستجد والأساس جدا، يبرز زين الدين، quot;هو استقلالية القضاء، إذ أنه لأول مرة في المغرب يتم الانتقال من جهاز القضاء إلى سلطة القضاء. فالاستقلالية تعني تدعيم لدولة الحق والقانون، وتدعيم العدالة بمعناها العام، لأنه لا يمكن تصور دولة ديمقراطية دون استقلالية القضاءquot;.

وأضاف: quot;الشيء المهم هو التجريم الدستوري الصريح لأي تدخل في الأحكام الصادرة من قبل مؤسسات القضاء.quot;

وقال quot;نحن أمام دستور ديمقراطي بمواصفات الديمقراطية الكونية.quot;

يشار إلى أن مشروع الدستور الجديد سيطرح على الإستفتاء العام، في بداية تموز (يوليو) المقبل.