قررت الولايات المتحدة توسيع حملتها العسكرية السرية ضد فرع تنظيم القاعدة في اليمن لتشمل محاربة الجهاديين الإسلاميين في الصومال بعدما أفادت عن وجود أدلة على التنسيق المتزايد بين عناصر القاعدة في البلدين، وكَشْف البيت الأبيض عن تطبيق استراتيجية جديدة ضد التنظيم في حقبة ما بعد اسامة بن لادن.

البيت الأبيض يكشف عن تطبيق استراتيجية جديدة ضد القاعدة في حقبة ما بعد بن لادن

لندن: قررت الولايات المتحدة توسيع حملتها العسكرية السرية ضد فرع تنظيم القاعدة في اليمن لتشمل محاربة الجهاديين الاسلاميين في الصومال ايضا بعد ظهور دلائل جديدة على التنسيق بين المسلحين في البلدين وربما تخطيط هجمات ضد أهداف اميركية، كما أفاد مسؤولون أميركيون.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المسؤولين ان طائرة اميركية من دون طيار هاجمت في أواخر الشهر الماضي عدة مسلحين صوماليين من جماعة شباب المجاهدين وقتلت واحدا على الأقل من قياداته المتوسطة.

وكانت وكالة اسوشيتد برس نقلت عن وزير الدفاع الصومالي عبد الحكيم محمود فقي قوله يوم الجمعة ان قوات اميركية هبطت في الصومال لأخذ جثث مسلحين قتلى واعتقال آخرين جرحى بعد غارة شنتها طائرة اميركية من دون طيار على مجموعة من المتمردين.

وتأتي زيادة التركيز على الصومال في وقت كشف البيت الأبيض عن تطبيق استراتيجية جديدة ضد تنظيم القاعدة في حقبة ما بعد أسامة بن لادن. كما ان بعض المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الاميركيين ينظرون الى فرعي القاعدة في اليمن والصومال بوصفهما يشكلان تهديدا أكبر على الولايات المتحدة من عناصر القاعدة في باكستان الذين أمطرتهم وكالة المخابرات المركزية بمئات الضربات الجوية مستخدمة طائرات من دون طيار في السنوات الأخيرة.

وكان الغارة التي نفذتها طائرة من دون طيار على الصومال في حزيران/يونيو أول هجوم اميركي هناك منذ عام 2009 حين قتلت قوات خاصة نزلت بمروحية صالح علي صالح نبهان احد القياديين في الجماعة التي نفذت عمليات تفجير السفارة الاميركية في كينيا وتنزانيا عام 1998.

ويبدو ان الهجوم الأخير لم يسفر عن مقتل قياديين من جماعة شباب المجاهدين الصومالية ولكن مسؤولا في البنتاغون قال ان احد الجرحى الصوماليين كان على اتصال برجل الدين المولود في اميركا انور العولقي الذي يختفي الآن في اليمن.

ورغم الأدلة الجديدة على التنسيق المتزايد بين عناصر القاعدة في اليمن والصومال على مستوى العمليات والتدريب والتكتيكات فإن وزارة الدفاع الاميركية تخوض في مستنقع الصومال بقدر من التطير والحذر. إذ ما زال يطاردها شبح إسقاط مروحية اميركية في عام 1993 ومقتل 18 جنديا من القوات النخبوية في مقديشو.

وظلت الولايات المتحدة طيلة سنوات تعتمد على قوات أخرى تقاتل بالنيابة في الصومال بينها قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي من اوغندا وبروندي لدعم الحكومة الصومالية الهشة. وقررت وزارة الدفاع ارسال معدات عسكرية بقيمة 45 مليون دولار بينها اجهزة رؤية ليلية واربع طائرات صغيرة من دون طيار غير مسلحة الى اوغندا وبروندي للمساعدة في مواجهة التهديد الارهابي المتعاظم في الصومال ، بحسب نيويورك تايمز. واشارت الصحيفة الى ان القوات الخاصة الاميركية نفذت عمليات سرية في الصومال منطلقة من مهبط في اثيوبيا خلال الاجتياح الاثيوبي للأراضي الصومالية عام 2007.

ويقول مسؤولون عسكريون اميركيون إن جماعة شباب المجاهدين في الصومال تتعرض الى ضغط متزايد على جبهات مختلفة وبالتالي فان هذا هو الوقت المناسب للانقضاض عليها بقوة. ولكن لا يُعرف إن كانت المعلومات الاستخباراتية الاميركية عن الصومال تحسنت في الأشهر الأخيرة ولا سيما انها كثيرا ما كانت ضعيفة وغير مؤكدة في السابق.

وكان الادميرال وليام ماكريفين الذي عُين قائدا للعمليات الخاصة ابلغ الكونغرس خلال جلسة استماع للمصادقة على تعيينه يوم الثلاثاء الماضي ان الجيش الاميركي يولي اهتماما خاصا بالوضع في اليمن والصومال. ولكنه اضاف ان فاعلية المهمات التي تُنفذ في هذين البلدين يحد منها احيانا نقص المعلومات التي توفرها طائرات الاستطلاع من دون طيار.

وبعد يوم على ذلك، قال كبير مستشاري اوباما لشؤون مكافحة الارهاب جون برينان ان قيادة القاعدة التي اصابها ضعف شديد في باكستان دعت فروع التنظيم في المنطقة العربية لمهاجمة اهداف اميركية. واشار برينان الى ان جماعة شباب المجاهدين تواصل من المناطق التي تسيطر عليها في الصومال دعوتها الى استهداف الولايات المتحدة.

وتحاول الولايات المتحدة استغلال الانتكاسات التي منيت بها جماعة شباب المجاهدين في الصومال مؤخرا ، لا سيما بمقتل فضل عبد الله محمد زعيم القاعدة في شرق افريقيا والعقل المدبر وراء تفجيرات 1998 ، في اشتباك على حاجز تفتيش في الصومال الشهر الماضي. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الباحث المتخصص بالشؤون الافريقية في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن اندريه لا ساج أن الضغوط اشتدت على جماعة الشباب بعدما استعادت ميليشيات صومالية مدعومة من كينيا واثيوبيا اراضي كانت تحت سيطرة الجماعة في جنوب غرب الصومال.

ورغم هذه الضربات يستمر المسؤولون الاستخباراتيون والعسكريون الاميركيون يحذرون من زيادة التنسيق العملياتي بين جماعة الشباب وفرع القاعدة في اليمن المعروف باسم القاعدة في الجزيرة العربية. وقال الباحث لا ساج ان اشد ما يدعو الى القلق هو ان يتمكن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية من نقل خبرته في تصنيع العبوات الناسفة وإعداد المخططات المحكَمة الى جماعة الشباب ، وان تتمكن جماعة الشباب من رفد القاعدة في الجزيرة العربية بعناصر يحملون جوازات غربية.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز ان اكثر من 30 اميركيا من اصل صومالي توجهوا للقتال في الصومال خلال السنوات الأخيرة. وتنقل عن مسؤولين اميركيين خوفهم من نجاح القاعدة في تجنيد هؤلاء الاميركيين للعودة الى الولايات المتحدة قنابل موقوتة تنفجر في عمليات انتحارية.

وقال مسؤول امني اميركي كبير ان هاجسه الرئيس هو quot;ان مواطنا اميركيا ينضم الى جماعات مثل الشباب ويتدرب ويكتسب خبرة ميدانية ثم يعود الى الولايات المتحدة بمستوى أعلى كثيرا من القدرات مما كان عليه حين غادرquot;. وإذا اقترن ذلك بتطرف ايديولوجي وتوجيه عملياتي فان مثل هذا الشخص يشكل quot;تهديدا واضحا الآنquot;.